
تسببت أخطاء إدارية وتدبيرية ارتكبتها مجموعة العمران في عرقلة عدد من مشاريعها بأكثر من مدينة، منها مشاريع أطلقتها قبل أزيد من 10 سنوات.
وفي الوقت الذي كان من المنتظر أن تعمل فيه مجموعة العمران، الشركة العمومية، على ترسيخ التدبير الناجع وتنزيله على أرض الواقع، فإنها على العكس من ذلك، هي نفسها تكون سببا في عرقلة مشاريعها وتحميل المالية العمومية أعباء إضافية من خلال أخطاء عديدة أدت إلى كثير من العراقيل، منها على سبيل المثال ما وقع في تجزئة المنصورية بإقليم بنسليمان ومشاريع أخرى بعدد من المدن.
تدبير “أعرج”
التدبير غير السليم الذي تعتمده العمران، تسبب في تأخر مشروع تجزئة المنصورية لأزيد من عشر سنوات، حيث إن الصفقة العمومية SOC/M/100/09 أنجزت وبقي الحصول على وصل الإيداع لدى مصلحة المسح العقاري لابن سليمان معطلا منذ 18 أكتوبر 2012 لغاية التزويد بشهادة التسليم المؤقت من طرف شركة العمران بتاريخ 10 نونبر 2015.
وبالرجوع إلى الصور الجوية لتجزئة المنصورية، يتبين أن شركة العمران قد سمحت ببناء العديد من بقع التجزئة مما يشكل مخالفة للتصميم وترخيص التجزئة ويخالف الملف التقني للتجزئة المنجز سنة 2012، مما جعل إيداع الملف التقني للتجزئة مستحيلا منذ الحصول على شهادة التسليم المؤقت يوم 10 نونبر 2015 إلى غاية 29 مارس 2018 تاريخ الترخيص الاستثنائي الصادر عن وكالة المحافظة العقارية بتسوية وضعية تجزئة المنصورية.
والسبب الذي دفع بشركة العمران إلى سلوك طريق الفسخ هو التذرع بكون المهندس “هـ.ب” لم يسو وضعيته تجاه هيأة المهندسين، غير أن هذا الدفع غير قائم على أي أساس على اعتبار أن تاريخ حيازته للصفقة يعود إلى سنة 2009 وشرع في إنجاز الأشغال المطلوبة منه طبقا لكناش التحملات والتعاقد الذي يربطه بالشركة، ثم إن شهادة الوضعية السليمة التي تذرعت بها العمران لم تفرض إلا بتاريخ 7 غشت 2017 بمذكرة عدد 433، ووضعيته المهنية لا علاقة لها بتأخير المشروع، وعمدت شركة العمران إلى استغلال هذا التغيير الذي وقع لاحقا بعد أن كانت سببا في تأخير تسوية وضعية العقار بحكم الخروقات التي ارتكبتها، وعجزها على توفير شهادة التسليم المؤقت ثم إدخالها تغييرات على شروط إنجاز الصفقة والمتمثلة في بناء بقع التجزئة ومخالفة تصميم التجزئة والملف التقني المنجز سنة 2012.
حكم قضائي
أقر الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء تحت رقم 1942 بتاريخ 25 شتنبر 2019، أن الملف التقني المنجز سنة 2012 في الصفقة العمومية SOC/M/100/09 أصبح غير نافع ومرفوض من طرف مصلحة المسح العقاري لبنسليمان لتغيير العمران وضعية العقار وحالته ببناء المئات من البقع التي لم تكن مبنية سنة 2012، وحكم بإلغاء قرار العمران الذي اتخذته وأبطل فسخ العقد الذي كان يربطها بالمهندس “هـ. ب”.
وحيث إن الثابت من وثائق الملف، وكذا الخبرة المأمور بها تمهيديا أنه تم التوقيع على عقد الصفقة بتاريخ 4 أكتوبر 2009، وأن الطاعن أنجز جميع المهام المستندة إليه داخل الآجال المحددة بمقتضى عقد الصفقة وتسلمتها شركة العمران باعتبار أن مهمة إنشاء الملف التقني للتجزئة المنصوص عليها بعقد الصفقة قد أنجزت، وأنه منذ ذلك التاريخ تأخر الحصول على وصل الإيداع لدى مصلحة المسح العقاري لابن سليمان بداعي عدم الحصول على شهادة التسليم المؤقت من طرف شركة العمران والذي لم يتم إلا بتاريخ 10 نونبر 2015، هذا بالإضافة إلى رفض مصلحة المسح العقاري تسلم الملف التقني للتجزئة بسبب مخالفة التصميم الأولي، بعدما سمحت شركة العمران ببناء بقع التجزئة ولم يتم رفع هذا المنع إلا بتاريخ 29 مارس 2018 تاريخ الترخيص الاستثنائي الصادر عن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بتسوية وضعية تجزئة المنصورية.
التصفية والرسوم العقارية
عدم التصفية المسبقة للوعاء العقاري الذي لم تقم به شركة العمران تسبب في تأخر استخراج الرسوم العقارية لبقع التجزئة لمدة تفوق 8 سنوات، وهي أخطاء متكررة تقوم بها شركات العمران، وأشار إليها المجلس الأعلى للحسابات في تقرير له برسم سنة 2012.
الأخطاء التي قامت بها العمران أدت إلى جعل الصفقة العمومية SOC/M/100/09 في صعوبة للحصول على شهادة التسليم المؤقت وعدم استخراج الرسوم العقارية.
وعلى أساس ذلك حاولت العمران إلحاق الملف التقني المنجز لتجزئة المنصورية على شكل أراض بها بنايات بملف الصفقة العمومية وإن كان لا يدخل ضمن أشغالها، بل يدخل ضمن عقد المهندس الطبوغرافي والذي لا يمكن فسخه من طرف واحد.
العمران تعترف
أقرت العمران في مذكرتها التوضيحية، بأنها تسلمت الملف التقني لتجزئة المنصورية سنة 2012 في إطار الصفقة SOC/M/100/09 وانقضى الإلتزام بشأن هذا الملف التقني للتجزئة، واعترفت بأن التغييرات التي أحدثت على تجزئة المنصورية ببناء المستفيدين بقعهم جعل الملف التقني للتجزئة المرتبط بالصفقة العمومية SOC/M/100/09 غير مطابق لأرض الواقع وأنه بذلك قد أضحى متجاوزا وغير ذي موضوع، وهي المخالفة التي اعترفت العمران في مذكرتها التوضيحية بأن مصلحة المسح العقاري أثارتها وفرضت على العمران الاتفاق مجددا مع العارض ( المهندس هـ.ب ) على إنجاز ملفات تقنية جديدة للتجزئة، وأقرت بأن هذه الملفات التقنية الجديدة للتجزئة لاتدخل ضمن الصفقة العمومية SOC/M/100/09.
واعترفت العمران أيضا بأنها اتفقت مع العارض ( المهندس هـ.ب ) على أتعاب من أجل إنجاز الأشغال الجديدة، وبأنها تفوق 10 في المائة التي تسمح بها المقتضيات التنظيمية، كما اعترفت بأن هذه الملفات التقنية الجديدة قد تم إيداعها لدى مصلحة المسح العقاري وصرحت بقرب الحصول على وصل إيداعها.
وورد بالمذكرة التوضيحية، أن الأشغال السالفة الذكر (الأشغال الإضافية خارج الصفقة العمومية) لم تكن مدمجة في التوقعات التعاقدية للصفقة وتم إنجازها بحسن نية ونتج عنها مصاريف زائدة.
وأضافت أن هذه الأشغال نافعة لشركة العمران وكانت ضرورية للتجزئة وعدم إنجازها كان سيؤدي إلى توقيف الصفقة وعدم تحقيق الهدف الأساسي المتوخى من عملية المنصورية الذي هو إنتاج الرسوم العقارية وتسليمها أولا للمستفيدين ثم للزبناء الذين اشتروا بقعا في تجزئة المنصورية.
وزادت المذكرة نفسها، أن المهندس “ه.ب” يطالب في رسائله تعويضا مناسبا للوقت الذي خصصه للمشروع ومناسبا للأشغال المنجزة، وحيث إن شركة العمران لا يمكنها لوحدها أن تتحمل كل التكاليف والمصاريف المتعلقة بالأشغال المنجزة خارج الصفقة ولا يمكنها أن تؤدي كل المبالغ التي تضمنتها مقترحات الأثمنة (devis)، لذلك تم التوصل إلى اتفاق لكي يحل الخلاف بطريقة حبية على أن يترك التقرير في القيمة المالية للتعويض للسلطة التقديرية للإدارة العامة للشركة.
ودعت المذكرة، حينها، إلى عقد جلسة علنية تضم كافة المسؤولين والمدراء لمناقشة المبلغ المالي الذي يجب أن يخصص لتعويض المكلف بالخدمة وذلك لقرب تسلم وصل التجزئة.
اترك تعليقاً