ملف

“مملكة التناقضات .. المغرب في مائة سؤال”: لماذا يعيش الملايين من المغاربة في أوروبا؟ (ح 25)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 25: لماذا يعيش الملايين من المغاربة في أوروبا؟

يعيش ما لا يقل عن 5 ملايين مغربي وذريتهم في أوروبا. إن ذكر النسل ليس تافهاً، لأنه إذا ولد طفل أو حفيد في فرنسا، فإنه يعتبر بموجب القانون فرنسياً في ظل ظروف معينة، كما هو طبيعي أن يعتبر مغربياً من طرف قانون المملكة.

وبما أن الجنسية مرتبطة بديانة الأب، فإنها تنتقل تلقائياً إلى الأطفال، وهكذا دواليك. في التسعينيات، كان الملك الحسن الثاني لا يزال يعتبر أن المغاربة سوف يصبحون “فرنسيين سيئين”، وهو ما يعني في فهمه أنهم مغاربة بالكامل ومقدر لهم العودة إلى بلادهم. وفي الواقع، يعيش في المغرب حالياً ما بين 000 60 و000 100 فرنسي، وغالبيتهم من الفرنسيين المغاربة؛ ويعيش 000 100 فرنسي في المغرب بينما عدد المواطنين الفرنسيين الذين اكتسبوا الجنسية المغربية عن طريق التجنس ضئيل جدا.

وما يميز الخمسة ملايين من المغاربة الذين يعيشون في أوروبا هو توزيعهم في أوروبا الغربية، على عكس الجزائريين الذين يتركزون في فرنسا وبلجيكا. ويقال إن فرنسا هي موطن لثلثهم أي ما يقرب من 2 مليون شخص، وبلدان البينلوكس تضم أكثر من مليون (1.1 إلى 1.2)، وإسبانيا ما لا يقل عن مليون نسمة، وإيطاليا أكثر من 500000. وتشكل هذه الجاليات الكبيرة الجزء الأكبر من المجموع، حيث يبلغ العدد الإجمالي أكثر من 4.5 مليون نسمة.

لكن المغاربة موجودون أيضاً في إنجلترا وألمانيا والدول الاسكندنافية (ما لا يقل عن 100,000 في كل واحد من هذه البلدان). ولذلك فإن هذا الشتات الشاسع هو إحدى أكبر الجاليات الأجنبية في أوروبا الغربية، سواء من حيث الحجم أو التنوع. وهذا رصيد كبير للمغرب من حيث الموارد (فالتحويلات النقدية لهؤلاء المهاجرين من الناحية القانونية وحدها، تمثل 6% تقريباً من الناتج الداخلي الخام المغربي – بدون احتساب السلع والأموال الناتجة عن تجارة الحشيش) ولكن أيضاً من حيث العلاقات الدولية.

عندما ذهبت فرنسا وبلجيكا لتوظيف العمال المغاربة في الستينيات والسبعينيات، كانت الأزمة الصناعية وشيكة بالفعل. وسرعان ما بدأت مناجم الفحم وصناعة الصلب ومصانع السيارات التي كانوا يعملون فيها في الاستغناء عنهم. ثم فرض عليهم تغيير الوظائف والانتقال من عمل إلى عمل جديد سواء في القطاع الثالث أو في بلدان أخرى.

وإسبانيا، التي أصبحت مجهزة وصناعية في الثمانينات، أصبحت بدورها بلدا يستوعب الهجرة، مما حوّل تدفق أهل الريف، ثم من منطقة نوربا دوكاليه Nord pas de Calais، انتقل أبناء الريف إلى بلجيكا وهولندا الغنية. وقد أصبحت إيطاليا بدورها في التسعينيات تستوعب الهجرة في سنوات 1990 و2000 كامتداد طبيعي لجنوب فرنسا.

وقد تمكنت هذه الهجرة المنظمة على شكل شبكات من التكيف مع ضرورة التنقل، لكن القطيعة لم تحدث أبدا مع مغاربة فرنسا ومع المغرب. وفي كل عام، تعود أكثر من 500 ألف سيارة وشاحنة للمغرب حاملة ما لا يقل عن مليوني مغربي لقضاء العطلات. ويعيش أكثر من مليوني ريفي في أوروبا، مما يسمح لهذه المنطقة الفقيرة بالبقاء على قيد الحياة.

أما المجموعتان الرئيسيتان الأخرى فهُم المغاربة من المنطقة الشرقية، الذين اضطروا إلى المغادرة بعد إقفال المناجم وإغلاق الحدود مع الجزائر، ثم الأمازيغيون من الجنوب، وهم “الشلوح”، الذين يمارسون التجارة.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *