اقتصاد، ملف

صفقات “تلفزيون العرايشي”.. شركات متغولة وعقود برامج تفضح الريع (1)

تصرف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ملايير الدراهم على جملة من الانتاجات المرئية والمسموعة الخارجية في إطار صفقات عمومية معلنة، من مسلسلات الدراما والفكاهة والأفلام القصيرة، وبرامج عائلية ودينية وبرامج الكاميرا الخفية وبرامج “السيتكوم” وبعض الوثائقيات ذات مواضيع مختلفة وبرامج أمسيات موسيقية، وغيرها من البرامج، التي تسند إلى شركات إنتاج، فيما يعرف بالإنتاج الخارجي، سواء في التلفزيون أو في الإذاعة بمختلف تفرعاتهما.

ما تصرفه الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من أموال على كل هذه الإنتاجات مال عمومي، وبالضرورة يخضع للرقابة والمراقبة وجوبا. على أساس ذلك، عملت “العمق” على البحث والتدقيق في هذا الموضوع من خلال تجميع وتحليل صفقات عمومية للإنتاجات الخارجية أسندت إلى شركات إنتاج في مجال السمعي البصري ما بين 2015 و 2022.

من الخلاصات الأولية، أن أغلب الشركات التي حظيت بهذه الصفقات، بشكل متناوب، شركات معروفة في مجال الإنتاج السمعي البصري، وتكاد تشكل دائرة مغلقة “محظورة”، ذلك أن أسماءها تتوارد في مختلف السنوات وفي مختلف طلبات العروض التي تطلقها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة منذ سنة 2015 إلى غاية 2022، وهي الفترة الزمنية التي جمعت “العمق” طلبات العروض المتعلقة بها، وقامت بمقارنتها وتحليلها، وسنفصل فيها في أجزاء متتالية.

تعتيم على قيمة الصفقات

الملاحظ في محاضر النتائج النهائية التي تنشرها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بخصوص طلبات العروض (الصفقات العمومية) هو الغياب التام لقيمة الصفقات المسندة إلى الشركات الفائزة، خلافا لما هو معمول به وفق قانون الصفقات العمومية.

تكتفي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في محاضر النتائج النهائية لهذه الصفقات بنشر أسماء الشركات الفائزة وموضوع الصفقة والحصص المتعلقة بها والقناة أو الإذاعة التي سينجز العمل لفائدتها.

والمعمول به في مختلف الصفقات العمومية هو أن تنشر قيمة الصفقة النهائية التي أسندت بها، والشركة التي فازت بها، بناء على قاعدة الأقل ثمنا.

ورغم هذا التعتيم، حصلت “العمق” على تفاصيل مبالغ مالية وقيمة تقريبية لجملة من الصفقات التي أسندت إلى مجموعة من الشركات ما بين سنة 2016 و2019 وسنعود إلى تفصيلها في الجزء الثاني من هذا الملف.

دائرة مغلقة

دون حصر أو جزم نهائي بخصوص لائحة شركات الإنتاج التي تدور في فلك الدائرة المغلقة، دائرة محظورة تتواجد بها شركات تستحوذ على أغلب صفقات الإنتاج الخارجي للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تتوارد أسماء شركات كبرى ومعروفة، نسرد فيما يلي لائحة أولية، على أن نفصل في لائحة باقي الشركات في الجزء الثاني من الملف.

من شركات الإنتاج التي تتردد كثيرا في مختلف طلبات العروض توجد شركة IMAGE FACTORY، وشركة SIGMA TECHNOLOGIES وشركة SPECTOP   و شركة ALI’N PRODUCTION  و شركة AGHLAL PRODUCTION  و شركة  MPROD   وشركة WARDA PRODUCTION  و  TAZIRI PRODUCTION   و شركة  BOUCHTA VISION  وشركة  CONNEXION MEDIA  ، إضافة إلى شركات أخرى نفصل فيها في الجزء الثاني من الملف.

المصادر التي تواصلت بها ” العمق” أفادت أن ما يجري بخصوص الصفقات المتعلقة بالإنتاج الخارجي للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، يحاكي توزيعا للأدوار بين مجموعة من الشركات وبين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة فيما يتعلق بإسناد الصفقات، وتربط المصادر نفسها هذا الأمر بتركيبة لجنة القراءة التي يتم تكليفها وتعينها بتقييم الأعمال المقدمة ومعايير تعيين أعضاء هذه اللجنة.

بدعة استمرار عقود برامج

رسخت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بدعة مخالفة للقوانين المعمول بها في الصفقات العمومية، كما هي مخالفة لدفتر التحملات المتعمد لديها، وهي بدعة استمرارية عقود البرامج.

وتفصيل ذلك، أن شركة ما حين تظفر بصفقة برنامج ما (يتضمن مجموعة من الحلقات على مدى سنة أو برنامجا معينا يغطي أكثر من سنة أو غير ذلك…) في إطار صفقة عمومية في المرة الأولى وتنتجه ويبث، تعود الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لتسند البرنامج نفسه في السنة الموالية للشركة نفسها دون اللجوء إلى مسطرة طلبات العروض ( الصفقة العمومية)، وهو ما تطلق عليه  تجاوزا، استمرارية عقود البرامج.

المصادر التي تحدثت إليها “العمق”، شددت على أن ما تعتبره الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة  “استمرارية عقود البرامج”،  بدعة استحدثتها شركة SNRT لصرف المال خارج المساطر القانونية لصالح شركات محظوظة، ووصفتها في الآن نفسه بريع يغني أرصدة شركات معينة وأصحابها ممن لهم علاقات معينة مع مسؤولين بالشركة العمومية التي تمول من المالية العمومية.

وأوضحت المصادر نفسها، أن ما يجب أن يكون هو أن أي برنامج أو أي إنتاج خارجي يخضع لمسطرة محددة يؤطرها دفتر التحملات ومسطرة الصفقات العمومية، وأشارت المصادر إلى أن تجاوز هذه المساطر يعني ضرب صارخ لمبدأ المنافسة الشريفة وتجاوز للقوانين المؤطرة المعمول بها، وإشارة إلى تواطؤ غير معلن فيما بين مسؤولين بالشركة العمومية والشركات المحظوظة التي تستفيد من “استمرارية عقود البرامج”.

والأكثر من ذلك أن هذه الشركات المحظوظة التي تستفيد من صنبور وامتياز “استمرارية عقود البرامج”.  تتقدم في الوقت ذاته، للتنافس على صفقات أخرى تطلقها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.

يتبع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد الوردانب
    منذ 7 أشهر

    للاسف هذه الشركة عار على المغرب.. يكفيها فخرا يلوكها يوم الزلزال... نصف المغرب تحت الأنقاض ونصفه بات في الشارع وقناتها االأولى تبث السهرة الموسيقية والثانية تبث برنامج رشيد الشو ...!!! هنا لا نتكلم عن المهنية... بل هي الوقاحة والنذالة

  • هشام السعيدي
    منذ 7 أشهر

    أخيرا تحرك ضمير الصحافة الوطنية لفضح الريع والفساد الذي يسيطر على هذا الميدان , ميدان كله زبونية وفساد ومحسوبية وعلاقات محرمة تظهر تجلياته في سيطرة فئة قليلة قد لاتتجاوز 20 ممثلا وممثلة على غالبية الإنتاجات فيما يتم تهميش الأخرين

  • امازيغي متتتبع للتلفزيون
    منذ 7 أشهر

    انا باغي غير نعرف علاش المنشط حسين شهب في تلفزيون شدى افم بكى على الطفل ريان، ولم يبك على ضحايا زلزال الحوز وتارودانت التي يدعي ان اصوله منها؟ الامازيغي الحقيقي والحر لا يمارس الشعبوية ودموع التماسيح، اولا خايف من الهاكا ولا كيفاش؟ الحمد لله ان كريم حضري عاد لإنقاذ ماء الوجه هو ويوسف اوزيلال المعروف بفاطمة التاويل