ملف

“مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”: هل المغاربة حقا حذرون ولهم حياء مبالغ فيه؟ (ح 33)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 33: هل المغاربة حقا حذرون ولهم حياء مبالغ فيه؟

قد يبدو السؤال غريبا للأشخاص الذين لا يعرفون المجتمع المغربي، والذي غالبا ما يوصف بكونه محافظا ومتدينا، وهذا صحيح. ومع ذلك، فإن العلاقة مع الجنس والجسد معقد بالفعل فإن المجتمع يبدو حريصا على مظاهر الحياء الشديد.

ومعظم النساء محجبات الآن في الفضاءات العامة، والفصل بين الجنسين واقع بارز في أماكن كثيرة: المسجد، والمقهى، وفي كثير من الأحيان حتى في المنزل؛ حيث يحرص الرجال على استقبال الضيوف الرجال ولو أنهم من العائلة وتكتفي النساء بإعداد الطعام وتقديمه للضيوف.

وعلاوة على ذلك، هيمنت المحافظة الدينية المتزمتة على شرائح واسعة من المجتمع منذ نهاية القرن العشرين. هذه الرؤية تتعايش مع تلك الرؤية الوهمية التي طورها الجزائريون والشعوب العربية الأخرى.

إن المرأة المغربية تُحسَد على حريتها الجنسية (المفترضة)، وعلى جمالها، كما يُحسد الرجال المغاربة والمغاربة بشكل عام على نزوعهم إلى الاستهلاك في المأكل والمشرب وتناول الخمور. كان الرئيس الجزائري بوتفليقة، وهو العارف بأحوال المغرب حيث ولد وقضى شبابه، يقول إنه لا يستطيع إعادة فتح الحدود بين البلدين، لأن الجزائريين سيهرعون بالملايين إلى المغرب، الأمر الذي سيدمر بلاده وقد أدرك أبناء المغرب الكبير معنى هذا التلميح.

إن التفسير الأول لهذا التناقض الظاهر هو أن المغاربة – وهم يسخرون من أنفسهم على ذلك -متشبثون بالمظاهر وخاصة اللياقة الاجتماعية والحياء والمجتمع حريص على الحد الأدنى من الأخلاق التي تحدد حرية تصرف الفتيات والفصل بين الجنسين، وحظر الإيماءات التي تعتبر غير ملائمة أو غير محتشمة (القبلات، رقص الزوجين، تدخين المرأة، إلخ). وينطبق هذا “الحياء” أيضا على الرجال في الأماكن العامة أو مع أفراد الأسرة، حيث لا توجد أي إمكانية للتدخين أو المغازلة أو شرب الخمر. وبالمثل، فإن المجتمع يطلب من الخطيب وخطيبته تجنب كثرة اللقاءات كما أنه لا يستسيغ أن تعيش المرأة لوحدها في منزل ولا أن يزور رجل مرأة وهي وحدها كما يحرص على عذرية الفتاة قبل الزواج.

في الواقع، تعرف المستشفيات إقداما هائلا على طلبات اختبار العذرية أو خياطة غشاء البكارة، مما يدفع الأطباء المغاربة إلى التنديد بهذه الممارسات. كما أن الجنس بدون إيلاج فعلي يظل موضوع نقاش عام أو خاص، ويُعطي رجال الدين رأيهم في هذه المسألة أما الزواج مع القاصرات فهو ليس من الطابوهات، بل إن الإسلاميين يقدمونه بكونه الطريقة الوحيدة للحفاظ على عذرية الفتيات في الزواج.

ويستنكر الإسلاميون ممارسة البغاء، الذي أصبح شائعا في الفنادق أو الحانات أو الشقق الخاصة أو مساكن الأثرياء الأجانب، ولكن أيضاً خلال الرحلات إلى باريس أو ماربيا أو ميلانو أو الرياض أو بلدان الخليج (البؤس الجماعي سبب مباشر في إقدام العديد من الأسر إلى قبول البغاء لتلبية الحاجيات المادية) ولا يستنكر البغاء إلا قلة من المغاربة كما تعتبر الأمم المتحدة أن المغرب بلد تنتشر فيه السياحة الجنسية، ومن المعروف أن الشذوذ الجنسي والميل الجنسي إلى الأطفال قد اجتذبا العديد من الأتباع من الحقبة الاستعمارية إلى يومنا هذا، سواء في طنجة أو مراكش أو أكادير. في هذا البلد الذي يبدو محافظاً، هناك العديد من المؤشرات على أن هناك تناقضاً بين المظهر والواقع.

وقد أقدمت الصحافة الليبرالية مثل مجلة تيل كيل على نشر بعض المواضيع الساخرة ودعت القراء المغاربة إلى الحرص على حريهم الجنسية النسبية وعلى أذواقهم المتعلقة بالموسيقى والرقص والطعام والشراب.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *