وجهة نظر

كورونا و” البوليساريو”.. إجماع شعبي ودروس مستخلصة

يبدو واضحا أن نُدوب حقبة 2020 ستكلف الكثير من الوقت لتجاوزها، وترميم البنية النفسية الغارقة في وحل الجائحة، في مشهد انتظاري طال أمده؛ وطنيا ودوليا.
ولأن المصائب، والجوائح، لا تأتي فرادى، فإن المملكة المغربية تجابه، منذ مدة، على واجهات شتى، فبالإضافة إلى مكافحة جائحة كورونا، طفت على سطح الواجهة والمواجهة قضية الكركارات، ومحاولة البوليساريو افتعال مواجهة مسلحة في المنطقة، والظهور بمظهر الضحية أمام المنتظم الدولي.

قضية الصحراء المغربية أعتبرها جزءا من بداهات القضايا الوطنية، لا تحتمل الكثير من الجدل العقيم، لكنها تحتاج خطوات عملية، والانتقال بالقرار الشعبي إلى ساحة الفعل التاريخي، لأن المشكلة برمتها، في تقديري، ساهمت في إطالة أمدها قرارات لم تكن موفقة، بل قرارات أنتجت مزيدا من الابتزاز وسط هذه الحركة الانفصالية، تمارسه على الدولة، وتنتج به مفارقة غريبة بين الموالين للدولة، ولتاريخها، وهؤلاء يعانون التهميش، والإقصاء، وأشكال أخرى من الاستبعاد، لكنهم يحملون هم الوطن والوطنية، ويعكسون حقيقة الانتساب للمغرب من شماله إلى جنوبه، دون ابتزاز أو تحامل أو تصريف لمعاناتهم خارج أسوار وطنهم، وبين أفراد يجهرون بانفصالهم، ويرفعون ولاءهم لجنرالات الجزائر، بل يؤسسون تنظيمات داخل تراب المملكة، في تحد للسلطات، ولسيادة الدولة المستمدة من الشرعية الشعبية ملكا/ شعبا.

دروس كثيرة يمكن استخلاصها من جائحة كورونا، ومن جائحة البوليساريو، ولعل أهمها بناء المشروع الإنساني، وإعادة الاعتبار لكل فئة مجتمعية، بما تخدم من موقعها الوطن، وبما تسهم في تحصين حوزته شعوريا لا شعاريا، على اعتبار أن المواطنة حق دستوري بامتياز، والوقوف في وجه كل الأطماع واجبا لا يقبل التجزيئ أو الانقسام، وهذا ما عبّر ويعبّر عنه المغاربة، منذ اقتحام البوليساريو لمعبر الكركارات، وفيه رسالة بليغة مفادها أن نقد المرسسات، والحكومة، والمسؤولين.. لا يعني منح البطاقة البيضاء لبيع الوطن في سوق ” الدلالة”، بل يعني شيئا آخر له من الأهمية ما يجعله محورا أساسيا في فلسفة الإصلاح الوطني، وهو أن الشأن الداخلي يخص المغاربة، وتقاطع براديغمات السياسة العمومية مع متطلبات المواطن.. يتحوّل إلى إجماع في وقت الحزّة.

مسألة أخرى وجب التنبيه إليها، وتتعلق بضرورة القطع، مستقبلا، مع كل ما يصنع الرداءة في المجتمع، ويمدّد أمد الجهل في البنية الثقافية الوطنية، لأن انتشار التسطيح والتفاهة عبر مختلف الوسائط، خاصة الإعلام، يجعل مهمة التفاعل مع القضايا الجدية مستعصية، ولعل التشكيك في كورونا، وفي اللقاح الصيني، وفي كل ما يدور في أحوازهما.. أفضل انكشاف لسياسة التسفيه والتحقير التي طالت الإعلام الحر، والمدرسة، والأسرة ومختلف وسائط التنشئة.

ختاما، المغاربة رفعوا شعار “الصف الأمامي” في كورونا، ويرفعون شعار “الصف الأمامي” للذود عن الصحراء المغربية، في انتظار استخلاص الدروس والعبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *