ملف

“مملكة التناقضات.. المغرب في مئة سؤال”: هل الشريعة هي القانون المطبق بالمغرب؟ (ح 40)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 40: هل الشريعة هي القانون المطبق في المغرب؟

إن تعريف الشريعة معقد ومتعدد المعاني فنحن عادة ما نتحدث عن الشريعة الإسلامية، ولكن ينبغي أن نقول الطريق أو السبيل – بما في القانوني والشرعي – إلى الله. وفي المغرب، فإن هذا الأمر ضمني – لا حاجة إلى ذكره في الدستور لأن البلد يحكمه أمير المؤمنين الذي لا يستطيع الاعتراض على مضمون القرآن – ولو أن أحكام الشريعة متضمنة في نصوص القوانينً.

وهناك عدة مقتضيات سارية المفعول في بعض بلدان الشرق الأوسط أو آسيا غير معروفة في المغرب: الحرية النسبية في ارتداء الملابس للمرأة (المجتمع والزمن يفرضان معاييرهما)، وغياب أحكام الحدود الجسدية القرآنية أو الفقهية، بما في ذلك قطع يد السارق أو جلد الزناة.

وعلى الرغم من أن عقوبة الإعدام قانونية وأحياناً يصدرها القضاة، إلا أنها لم تطبق منذ عام 1993، وكما هو الحال في الجزائر، لا توجد شرطة دينية. وبشكل عام، فإن التشريع الجنائي وتنظيم العدالة قريبان من المناهج الفرنسية الموروثة من فترة الحماية كما هو الحال في المغرب الكبير كله.

وفي القطاع المصرفي، بينما يشهد المغرب أيضاً ارتفاعاً في التمويل الإسلامي، فإن القروض بالفائدة منتشرة مثل أوروبا ولا يوجد إلا مجالان تطبق فيهما التشريعات القرآنية: القوانين المتعلقة بالرقابة الاجتماعية على المحرمات الغذائية والجنسية، ومجال قانون الأسرة.

الأول موروث من الحماية. وحرصاً منه على ترسيخ سلطة السلطان على أرض الواقع، أدرج ليوطي، الذي أدخل القانون الجنائي على غرار قانون نابليون، العديد من الأحكام الجنائية المستمدة من المحظورات القرآنية: لا يمكن للمسلمين أن يتاجروا ويستهلكوا الخمور، ولا أن يفطروا علانية خلال نهار رمضان، ويحظر الجنس خارج إطار الزواج والشذوذ الجنسي، إلخ. ونادرا ما طبقت هذه الأحكام منذ السبعينات.

ومن ناحية أخرى، فهذه الأحكام أداة نفيسة في أيدي السلطات للتضييق على المعارضين السياسيين بقدر ما هي ضمانات لطمأنة السلفيين. وأخيراً، في عام 1957، عهد محمد الخامس إلى العلماء السلفيين بصياغة قانون للأحوال الشخصية (مدونة الأسرة)، الذي قام بإصلاح القانون المدني.

بالإضافة إلى الأحكام المحددة الخاصة بالمرأة، تم اعتماد تدابير أخرى، إسلامية أو محافظة: الكفالة، طريقة التبني الإسلامية، حظر الأسماء غير العربية الإسلامية، عدم وجود وضع مدني للأطفال الطبيعيين، إلخ، على عكس تونس بورقيبة التي رفضت معظم هذه الأحكام منذ عام 1957.

وقد قرر الملك محمد السادس، بعد هجمات عام 2003، أن يبادر إلى إصلاح المدونة. وفي عام 2004، أعاد النظر في عدة مقتضيات وأحكام كانت تعرف بكونها نابعة من القرآن، باستثناء الميراث، لأن أحكامه صريحة لا تقبل الكثير من التأويل، في حين أن مواضيع تعدد الزوجات والتطليق وسن الزواج تُركت لتقدير العلماء حسب الشروط.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *