وجهة نظر

أسئلة الفعالية والمنهجية في الترافع والدفاع عن القضايا الوطنية

كثر الحديث عن الترافع، التأثير والتواصل الرقمي من أجل القضايا الوطنية، وتضاعفت الإشارات إلى الدور الأولي للمجتمع المدني بكل أشكاله المكملة – عادة – للدبلوماسية الرسمية سواء كانت برلمانية، اقتصادية، ثقافية، جمعوية، رياضية أم إعلامية. إذ لا شك أن لمغاربة العالم دورأ أساسيا فيها بحكم أنهم يعيشون حيث ينشط، بشكل مزعج، خصوم الوحدة لتعزيز شبكات التضامن مع طرحهم داخل الأحزاب والمنظمات في أوروبا والأمريكيتين.

منذ سنوات نشرت مقال رأي باللغة الفرنسية تحت عنوان: “الدبلوماسية المغربية: زمن الواقعية والتعديلات”حيث سجلت فيه ما ظهر لي من هفوات بالموازاة مع تحركات الخصوم بالخارج فضلا عن ضرورة إعادة النظر في التعامل مع هذه المستجدات. فقد بدأت، أخيرا، بعض الجهات المطالبة، وبإلحاح، بضرورة تطوير أنماط جديدة  للدفاع عن صورة المغرب، وخلق منهجية متطورة للترافع حول مغربية الصحراء تراعي التحولات الحالية.

تكررت المبادرات وتم تنظيم ندوات ومواعيد للتوعية والتعبئة اعتبرت، خطأ، أنها دورات لتكوين وتأطير المجتمع المدني للترافع حول قضية مصيرية: مغربية الصحراء. دورات قيل أنها تأهيلية، وهي في حقيقة الأمر، مواعيد خطابية تم بثها بشكل مباشر على مواقع التواصل الإجتماعي، أي أمام أعين العالم، وهي هدية سيستغلها الخصوم، لنكرر بذلك نفس الأخطاء السابقة. لأن العملية تستدعي اللباقة، الحذر والسرية

إن ضياع الوقت وتكرار الهفوات يخدم مصالح الآخر. لذا وجب اليوم الإنتقال بسرعة إلى منهجية علمية لا ترتكز فقط على التحكم في الوسائل الرقمية فقط،  أو على التدقيق في الحجج، أو على بناء خطاب جديد مقنع.  بل يجب بناء استراتيجية شاملة، متكاملة وعملية، لا تحتاج إلى أي تواصل أو ليفات. بل يكون همها الأول هو تحقيق نتائج ملموسة على المواقع الدبلوماسية للخصم أولا.

إن القضية كما قال جلالة الملك “قضية وجود”، فلا مجال للإرتجال والحلول التقريبية، فنحن في أَمَسِّ الحاجة إلى الدقة والذكاء في بناء شبكة حقيقية ومؤهلة تسعفنا في بناء وتشكيل نواة للدفاع عن قضايانا عبر العالم. وهذا يتطلب الإجابة على أسئلة عديدة تفرض نفسها علينا بإلحاح شديد: أولا، كيف يتم الترافع في هذه الظرفية بالذات؟ ما الأهداف التي يجب التركيز عليها؟ ما البروفايلات الأنسب للترافع؟ أي مضامين ومناهج من شأنها أن تساعدنا على تطوير القدرات؟ ما الآليات الممكنة لتنفيذها وفق أسلوب صحيح داخل الوطن وخارجه؟ أي وسائل تمكننا من متابعة أو تقييم نتائج البرنامج التأهيلي على أرض الواقع؟

فكلما كانت أجوبتنا دقيقة كلما نجحنا في رسم خطة ذكية وعملية من شأنها أن تراعي مختلف قواعد ومبادئ المرافعة، والتمكن من الوصول إلى نتائج باهرة وفي نفس الوقت تطوير القدرة على تعديل الاستراتيجيات المتبعة وفق أسلوب صحيح، وذلك لضمان وتحقيق الهدف بكل ثقة وأمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *