ملف

“مملكة التناقضات.. المغرب في مئة سؤال”: هل المغرب يحكمه خليفة؟ (ح 45)

محمد السادس

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 45: هل المغرب يحكمه خليفة؟

تحيل صورة الخليفة، سواء في أوروبا أو في العالم الإسلامي، إلى واقعين مرتبطين؛ من ناحية، حالة الخلافة العثمانية، التي بسطت حكمها لعدة قرون حتى عام 1924 على معظم المسلمين في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا البلقانية. ومن ناحية أخرى، إلى أبو بكر البغدادي، الزعيم المزيف لما يسمى الدولة الإسلامية – داعش- من 2014 إلى 2019. الخليفة العثماني هو شخصية تاريخية اختفت، وربما لا تزال حاضرة في الإبداعات الرومانسية أو الساخرة.

ثم هي أسطورة مرتبطة بالحركة الإسلامية منذ أن تبنت جماعة الإخوان المسلمين في عام1928 نظام الخلافة كشكل مرغوب فيه من التنظيم السياسي لحكم الأمة الإسلامية. وأخيراً، فالخليفة شخصية سياسية معاصرة للإرهاب الذي فرضه تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014 على السكان الذين يهيمن عليهم في سوريا والعراق.

الخلافة نظام سياسي إسلامي قديم: منذ وفاة النبي محمد عام 632، وعلى الرغم من أنه لم يحدد في حياته من سيخلفه من بعده، إلا أن المسلمين اختاروا خليفة هو صاحبه أبو بكر، ليصبح على رأس الأمة الإسلامية الناشئة.

ولكن التاريخ الذي كتبته الإمبراطوريات الإسلامية المركزية يخدعنا: لم يكن هناك قط خليفة واحد لحكم المسلمين. منذ الأيام الأولى للإسلام، تمزق المسلمون لينصبوا خليفتهم، وتعايشت الخلافات المتنافسة في الفضاء الإسلامي. وهكذا، فإن مولاي إدريس الأول، الذي أسس في عام 788 إمارة جديدة في أقصى غرب البحر الأبيض المتوسط وهو ما سيصبح المغرب الحالي وإدريس سليل مباشر للخليفة الرابع، علي ابن أبي طالب وزوجته فاطمة ابنة الرسول محمد.

إن السلالات الإسلامية المختلفة، العربية والأمازيغية على حد سواء، التي تعاقبت على حكم الفضاء السياسي والترابي للمغرب الأقصى لطالما زعمت تجسيدها للخلافة.

حتى بداية القرن العشرين، كان الخلفاء في منافسة مستمرة في مملكة فاس، التي ستصبح المملكة المغربية. والذي حكمه خليفة لفترة طويلة، على الرغم من أن الألقاب الإسلامية الأخرى قد غطت هذا المصطلح. وقد سمح لقب السلطان لخلفاء فاس بتقديم أنفسهم على قدم المساواة مع سلطان اسطنبول. منذ القرن السابع عشر، كما سمح لهم النسب الشريف بالتفوق على سلطان إسطنبول التركي، ولكن دون إلغاء الخلافة.

في عام 1962، عندما صاغ الحسن الثاني دستور المملكة، أصر على لقب أمير المؤمنين بدلاً من الخلافة؛ ولعله أدرك آنذاك أن هذا المصطلح عفا عليه الزمن في نظر معاصريه. ومع ذلك، لم يحجب هذا الاختفاء ديمومة فكرة الخلافة: إن ملك المغرب هو الخليفة بالنسبة لرعاياه وفي بداية القرن الحادي والعشرين، يبدو محمد السادس خليفة حقا وهو ما قد يبدو أمرا غريبا.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *