اقتصاد

مجلس الشامي يوصي بإحداث صندوق استثماري عمومي موجه لأفريقيا

أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بإنشاء صندوق استثماري عمومي موجه لإفريقيا يكون بمثابة رافعة لتمويل مشاريع التنمية، واعتماد التنمية المشتركة كمنهجية للعمل، بما يكفل بناء شراكة تعود بالنفع على المغرب وشركائه الأفارقة، وذلك في أفق تطوير مسار الاندماج الإقليمي للمغرب.

وقدم المجلس، في رأيه الذي أعده، في إطار إحالة ذاتية، حول “الاندماج الإقليمي للمغرب في افريقيا من أجل بلورة استراتيجية في خدمة تنمية مستدامة مع افريقيا”، العديد من التوصيات.

ففي إطار المواكبة، أوصى المجلس بربط المساعدات التنموية بنقل المهارات ودعم برامج التكوين القائم على التميز، وإحداث آلية مؤسساتية لمواكبة ولوج المقاولات للأسواق الدولية لاسيما لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة. كما أوصى ببلورة استراتيجيات إقليمية مندمجة في مجالات الصحة والبحث وصناعة الأدوية.

ولجعل الاندماج الإقليمي للمغرب أولوية استراتيجية في السياسات العمومية للدولة، أوصى المجلس بتطوير استراتيجية مندمجة خاصة بتنسيق بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز الديبلوماسية الاقتصادية من خلال إيلاء القضايا الاقتصادية مكانة بارزة في الأجندة الدبلوماسية، لا سيما ما يتعلق بمواكبة الفاعلين المغاربة في باقي بلدان افريقيا.

كما أوصى بتثمين وإضفاء المزيد من المهنية على وظيفة المستشار الاقتصادي والمستشار الثقافي على مستوى البعثات الدبلوماسية المغربية في افريقيا، بالإضافة إلى إحداث آليات تشاور منظمة بين القطاع الحكومي المكلف بالشؤون الخارجية والتعاون وممثلي القطاع الخاص (منتدى سنوي، اجتماعات قطاعية، وغيرها).

أما فيما يتعلق بالاندماج الإقليمي القاري، والذي يهم تعزيز آليات الاندماج على الصعيدين الإقليمي والقاري وتحسين التجانس والتكامل على مستوى مختلف الشراكات القائمة، فقد أوصى المجلس في هذا الباب باستكمال مسلسل التصديق على الاتفاقية المتعلق بإقامة التجارة الحرة القارية الافريقية، والعمل على تعزيز التعاون مع المجموعات الاقتصادية الإقليمية.

ودعا إلى اعتماد آلية إقليمية لتقييم المخاطر السيادية التي تواجهها البلدان الافريقية وذلك من أجل خفض كلفة وتعزيز التمويلات المستدامة اقتصاديا، زيادة على بناء سلاسل قيمة إقليمية ذات قيمة مضافة عالية وذات وقع اجتماعي قوي على الساكنة، لاسيما في مجالات الصناعة الفلاحية والنسيج وصناعة السيارات والسياحة والتعليم العالي والابتكار والصناعة الثقافية والتنمية المستدامة.

وشدد على تيسير تنقل الطلبة الأفارقة وتشجيع الاعتراف المتبادل بالدبلومات بين البلدان الافريقية، ثم العمل على جعل جهة الداخلة ووادي الذهب قطبا افريقيا، تفعيلا لتوصيات المجلس بشأن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.

وبخصوص التعاون الثنائي، الذي يهدف إلى تعزيز البعد الاجرائي لآليات التعاون على الصعيد الثنائي كما يروم تقوية فعالية الاتفاقيات المبرمة مع الشركاء الافارقة والنهوض بنجاعتها ووقعها، فأوصى المجلس في هذا الصدد بإنجاز حصيلة منتظمة لانعكاسات كل اتفاقية على تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية للمغرب مع مجموع شركائه. وتقييم نتائج المبادرة التي اتخذها المغرب تجاه البلدان الافريقية 33 الأقل نموا وتكييف مضامينها بهدف إرساء اندماج أكبر للفاعلين المغاربة في سلاسل القيمة الافريقية.

وقال المجلس في رأيه، إن المغرب في السنوات الأخيرة، انتهج سياسة جديدة وإرادية في التعاون مع باقي البلدان الإفريقية قوامها المسؤولية المشتركة والتضامن. وفي هذا الصدد، يضيف رأي المجلس، تم اتخاذ العديد من المبادرات، من أهمها إلغاء ديون بعض البلدان الإفريقية الأقل نموا وتشجيع ولوج منتجات بعض البلدان إلى السوق المغربية من خلال إعفائها من الرسوم الجمركية، وتقديم منح دراسية لفائدة الطلبة الأفارقة، وتبني سياسة ملائمة في مجال الهجرة مكنت من تسوية وضعية أزيد من 50 ألف مهاجر من بلدان القارة الإفريقية منذ سنة 2014.

وفي إطار هذه المبادرات، أعطيت الأولوية لبلورة استراتيجيات إقليمية في المجال البيئي، بهدف تحسين قدرة البلدان الإفريقية على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية (التمويل الأزرق لحوض الكونغو، الحزام الأزرق، المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغير المناخي AAA ) وغيرها.

وأكد المجلس أنه على الرغم من هذه الجهود المحمودة والنتائج الإيجابية التي تحققت، فإن هذه الشراكات لم تحقق بعد كل الأهداف المسطرة، كما أنها تبقى دون مستوى الفرص التي يتيحها الاندماج الإقليمي في مجال التنمية الاقتصادية، وفي الاستجابة لتطلعات شعوب القارة الافريقية.

وأوضح المجلس أن مستوى المبادلات التجارية بين المغرب وبقية بلدان افريقيا لا يتجاوز 4 في المائة من مجموع المبادلات التجارية للمملكة، وهو مستوى لا يترجم حجم الإمكانات الفعلية المتاحة في مجال التعاون الاقتصادي. وكدا الحاجيات المسجلة في مجال الاندماج والتكامل التجاري بين المغرب وباقي بلدان القارة.

كما أن سلاسل القيمة الموجودة على المستوى الإقليمي مع الشركاء الافارقة تظل بدورها محدودة، وتعتمد بشكل حصري على مقاولات أجنبية، مما يحرم اقتصادات القارة من دينامية للتثمين تكفل احداث مناصب الشعل على الصعيد المحلي وخلق القيمة المضافة ونقل التكنولوجيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *