اقتصاد

هيئات: مشروع مالية 2021 يفتقد للعدالة الجبائية ويغيب التغطية الصحية وتفعيل الأمازيغية

سجلت 3 هيئات حقوقية “افتقاد” مشروع مالية سنة 2021 المعروض على المناقشة أمام البرلمان لمخرجات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، كما انتقدت عدم تضمن مشروع القانون لأي إشارة لتعميم التغطية الصحية ولتسوية الأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذا لعدم تخصيص أي غلاف مالي من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

واعتبرت كل من الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة و الفساد و الفضاء الجمعوي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في مذكرة مشتركة توصلت جريدة “العمق” بنسخة منها، أن مشروع قانون مالية السنة المقبلة “استمرار للسياسات المعتمدة منذ أزيد من عدة عقود وما خلفته من آثار وخيمة وخاصة ”برامج التقويم الهيكلي”، وكذلك تكريس للنموذج التنموي السائد الذي تم الإقرار بفشله”.

وتساءلت الهيئات الثلاثة عن “مصير خلاصات التوصيات المنبثقة عن المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات وخاصة تلك التي لها بعد حقوقي والتي حصل الاتفاق حولها من طرف جميع المشاركين والمشاركات في المناظرة بمن فيهم ممثلي الحكومة والبرلمان”.

ومن بين توصيات المناظرة الوطنية “الغائبة” عن مشروع قانون المالية، ذكرت الوثيقة المقدمة للبرلمان “ترسيخ مبدأ المساواة أمام الضريبة”، و”احترام مبدأ الشفافية وحق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومة”، و”تكريس مبدأ تصاعدية الضريبة والحرص على التوزيع العادل للعبء الضريبي حسب القدرات الحقيقية لكل ملزم”، وكذا “تشديد الجزاءات على المخالفات الجسيمة”، و”تخفيف الضغط الضريبي وتمويل التغطية والمساعدة الاجتماعية”، و”محاربة التملص و الغش الضريبي”.

وأضافت أن المشروع غاب عنه كذلك “مراجعة أسعار وأشطر الضريبة على الدخل من أجل دعم القدرة الشرائية لذوي الدخول الدنيا والطبقات المتوسطة”، و”إحداث نظام جبائي خاص بالممتلكات غير المنتجة وكذا الأنشطة التي تهدف إلى المضاربة”، و”دراسة شروط إرساء مفهوم الأسرة كوحدة للتضريب”، ثم “ترشيد وعقلنة التحفيزات الجبائية”.

وسجلت المذكرة المطلبية للهيئات الحقوقية “باستفهام كبير” ما اعتبرته “تجاهل” ما جاء في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لـ2019 المعنون بـ”من أجل نظامٍ جبائي يشكل دعامةً أساسيةً لبناء النموذج التنموي الجديد” و دعوته إلى العمل على تغيير عميق في النظام الجبائي المغربي، حيث أقر بأوجه “المحدودية في النظام الجبائي المغربي و عدم انسجامه و ضعف في المردودية سواء على مستوى إعداد السياسة الضريبية أو حكامتها أو على مستوى التنفيذ”.

كما عبرت عن قلق الهيئات الموقعة على المذكرة من “البون الشاسع بين ما جاء في المذكرة الإطار وبين ما تم التنصيص عليه من خلال بنود مشروع المالية الذي لم يترجم الالتزامات المعبر عنها في المذكرة”، موضحة “حيث لا نلمس الاهتمام  الصريح بـ”تسوية وضعية الأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و تعميم التغطية الاجتماعية و إعطاء الأولوية اللازمة لإصلاح منظومتي الصحة و التعليم”.

في سياق آخر سجلت “غياب الإرادة السياسية لتفعيل البند الخامس من الدستور و تعطيل القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية حيث لم تخصص أي ميزانية خاصة بإدماجها في الحياة العامة، علما أن القانون التنظيمي تم إصداره في سنة 2019”.

ودعت الهيئات إلى إرساء مقومات عدالة جبائية قائمة على النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، والنهوض بالمواطنة الضريبية من خلال تسخير الإنفاق الضريبي في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية لكل الملزمين وكافة المواطنات والمواطنين وكل الفئات الهشة دون إقصاء أو تمييز، وكذا النهوض بالمرفق العمومي والرفع من جودة خدماته مع إيلاء الأهمية القصوى لقطاعي التربية والتعليم والصحة العموميين باعتبارهما قطاعين استراتيجيين لتحقيق التنمية المستدامة والأمن المجتمعي.

كما شددت على ضرورة “إرساء نظام جبائي على الثروة و الممتلكات الغير منتجة أو التي تعتمد على المضاربة والقطع مع كل أشكال الريع والنهب والاستغلال اللا مشروع للثروات الوطنية والمس بالتوازنات البيئية والإيكولوجية”.

وطالبت بمراجعة أشطر الضريبة على الدخل وتخفيض النسب المطبقة على الأجور الدنيا والمتوسطة والرفع من النسب على الأجور العليا بما يضمن مداخيل إضافية وتقليص الفوارق الاجتماعية، وكذا تعميم آلية الضريبة التصاعدية وتوسيع الوعاء الضريبي ليشمل جميع مصادر الدخل بدون استثناءات، مع إرساء قواعد الشفافية في شكل و طريقة التدبير خاصة في مجال المراقبة.

ودعت إلى تشديد إجراءات المراقبة الضرييبة على المقاولات الكبرى والزيادة في عدد المحققين والمحققات من أجل وضع حد للتملص والتهرب اللذان أصبحا قاعدة شبه عامة عند الملزمين باستثناء الأجراء الذين يؤدون بواسطة الاقتطاع من المنبع.

الهيئات الثلاثة أكدت في مذكرتها على أهمية “عقلنة الإنفاق الضريبي على أساس مبدأ الشفافية وتقييم الآثار والوقع والنتائج السوسيو اقتصادية والبيئية، ومراجعة الاستثناءات الضريبية وربطها بمدى احترام القوانين الجاري بها العمل في المدونة العامة للضرائب وكافة القوانين بما فيها مدونة الشغل، على علاتها، ضمانا لحقوق الأجيرات والأجراء”.

وطالبت بـ”مراجعة مساهمة التضامن الاجتماعي على الأرباح و المداخيل للأشخاص الذاتيين وتطبيقها على المداخيل والأرباح التي تتجاوز 300 ألف درهم في السنة عوض 120 ألف درهم المقترحة في مشروع المالية”، إضافة إلى “التخفيض من أسعار الضريبة على القيمة المضافة والرسوم على الاستهلاك الداخلي للمنتجات المحلية من أجل تخفيف العبء الضريبي على الفئات ذات الدخول الدنيا والمتوسطة دعما لقدرتها الشرائية، مع الرفع من النسب المطبقة على المنتجات الفاخرة بما يحفظ توازن الميزانية”.

ودعت إلى العمل على وضع حد لتصاعد المديونية، معبرة عن قلقها من “مستوى حجم هذه المديونية وأثارها السلبية المؤكدة على الاقتصاد الوطني”، مطالبة بـ”وضع حد للسياسة المتبعة في هذا المجال”، و”البحث عن البدائل من داخل الاقتصاد الوطني للحفاظ على التوازنات المالية والاجتماعية عوض اللجوء إلى الاقتراضات كحلول سهلة لسد الخصاص ومكلفة من حيث ارتهان السيادة الوطنية لمصالح المؤسسات المالية الدولية”.

وشددت على إعطاء الأولوية في صرف الميزانية إلى القطاعات الاجتماعية وفي مقدمتها الصحة والتعليم والشغل والرفع من نصيبها بما يضمن تجويد الخدمات وتحسين أجور العاملين بها والزيادة في عدد المدرسين والأطباء ومفتشي الشغل، وتوفير التجهيزات الضرورية.

ومما جاء في مطالب الهيئات الثلاثة “وقف مسلسل الخوصصة التي أكدت الأزمات المتتالية بما فيها أزمة كوفيد19، أنها كانت وبالا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للمواطنات والمواطنين، والإسراع في المعالجة الجدرية للمشاكل الموروثة عن الحقبة السابقة بما في ذلك استرجاع المؤسسات والأنشطة العمومية المفوتة للخواص”، وكذا “الحد من الحسابات الخصوصية للخزينة التي تمتص نصيبا مهما من الميزانية العامة، ودمج النفقات الاجتماعية الضرورية منها في الأبواب العادية للميزانية”.

وسجلت حاجة مشروع قانون مالية 2021 لـ”توضيح مضامين الميزانية المخصصة “للتكاليف المشتركة” الواردة في نفقات التسيير وتقعيد مفهوم “مصاريف الاستثمارات” والتحديد المفصل للنفقات المخصصة لها”، داعية إلى “إلحاق مشروع قانون المالية بتقرير شامل حول وضعية المؤسسات والمقاولات العمومية”.

وشددت على “ضرورة تقديم مشروع قانون المالية وفق المقتضيات المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 130-13 الصادر بتاريخ 02 نونبر 2015 وهيكلته  على شكل برامج و أهداف ومشاريع ونتائج منتظرة مع وضع مؤشرات للتتبع و التقييم”، و”تفعيل دليل الحسابات ( le plan comptable)  الذي كان من المفترض أن يبدأ العمل به في يناير من السنة الجارية من أجل ضبط ممتلكات الدولة في جميع جوانبها”، إضافة إلى “إعادة  النظر الشاملة في المدونة العامة للضرائب واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة  بتجاوز كل العيوب والنواقص الواردة فيها  تيسيرا لحقوق الملزمين ورفعا لكل أشكال الشطط للإدارة الجبائية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *