وجهة نظر

قضي الأمر في الكركرات

جرافة تمر على قمة تل يسكنها جنود مغاربة على طريق بين المغرب

حينما انتفخت أوداج الكبرياء و زمجرت الأسود ، وجلجل صدى زئيرها ، وحين دقت ساعة الجد، قُضِيَ الأمر في “الگرگرات”. صفق الجميع للمهمة ، واستحسن العالم كيفية إدارتها. وعاد أهل الحق إلى شؤونهم. عندئذ خلا أصحاب الوهم ومن معهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث الممارسات المراهقة والتراشقات الصبيانية.

فتفتقت عبقرية ديكهم المذبوح عن رقصات مثيرة للشفقة والامتعاض . وبما أن معرض “غوغل” مفتوح بالمجان لتحميل ما لذ وطاب من صور وفيديوهات فقد هرع هؤلاء المغفلون، وحرقة الهزيمة تلفح أفئدتهم، إلى مداواة أنفسهم بشرائط من أفغانستان أو صور من العراق أو لقطات من سوريا…. فانكشفت عوراتهم أمام الأمم وانفضحت روايتهم المشروخة وباتت العزلة تقض وجودهم . ولم يعد لظهورهم متكأ يستندون إليه.

وخرج ذلك “اللَّيْلِيُّ” الحالك يبحث عن صبح يتنفسه. لكن خيط الفجر اختلط عليه فأصبح يقلب ذات اليمين وذات الشمال، ولم يجد في جعبته غير هرطقات الأخسرين. وبما أن “الملح والطعام” فعل فيه فعلته كما يقول الموروث الشعبي المغربي فقد جاءت كل أقواله عبارة عن هذيانات وتهيؤات يعافها المنطق ويدحضها الواقع.

وضرب الخسران المبين بقوة كل الملتفعين برداء الأجندات والعالقين في خيوط الكراكيز ومن معهم من مذبذبي الرأي القابعين في قاعات انتظار يومهم الموعود. وتعاظمت أعراض إحباطهم وانتشر فيهم فيروس الخيبة والانتكاسة.

وفي الوقت الذي كان اللقاح الكوروني يصل إلى محطاته الأخيرة في تسابق محموم حول نسب الفعالية والشفاء كان أطباء مرتزقة الوهم يصفون لمرضاهم أقراص الكذب وحقن الغباء بالمجان.

لم تعد في عصرنا مكانة للأيديولوجيات الأرخبيلية المبنية على تفتيت الكيانات ،والزعامات الكرطونية المشيدة على شاشات التلفزيونات. والتأسيس لدول يحتاج إلى تراكمات حقوقية ومشروعية كونية لا مجرد بيدق في ساحة شطرنج تعج باللاعبين.

العالم يمر بمرحلة دقيقة سَتَجُبُّ ماقبلها لا محالة ، والأكيد أن الخاسرالأكبر كل أسطوانة بالية فكرية أو ثقافية أو سياسية… فلا ترهق مسامعنا ومسامع أجيالنا القادمة بترهات تجاوزها التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *