وجهة نظر

النسب بالفطرة ومن الشرع

تنسب البشرية من الوجهة الدينية خلقها الى الله، الذي تواصل معها بالوحي، ومنه وصى الله الانسان بوالديه حسنا والبر بهما كما ربياه صغيرا .

والحياة البشرية من شكلها الطبيعي تقوم على الإنجاب الذي ينسب إلى الوالدين من التزاوج بين ذكر وأنثى، ومن تم ينسب النسل إليهما من شراكة الحياة الروحية والباطنية، بين زوجين اثنين، أما الخلق فينسب إلى واحد أحد وهو الله أحد .

والبشرية مرت من حقب حياتها على سطح الارض، “ب” مرحلة من حياة الفطرة، ومرحلة من حياة الشرع .

النسب الى حياة الفطرة :

هي الحياة من مهد البطن إلى سن الرشد من حياة الجماعة، وهي حياة الانسان من مرحلة ما قبل تحمل التكاليف الشرعية من الدين، ومن القانون الذي يحكم الروابط الإنسانية .

ويغلب على تلك الحقبة من حياة الإنسان روابط حياته الخاصة مع أمه التي حملته من البطن، وأرضعته من الثدي، وأطعمته من السن، إلى أن ينفصل عنها من الجسم، كما انفصل عنها من البطن .

وفي الشرع والاصطلاح العام، ينسب الإنسان من وقته إلى أمه التي حملته ووضعته، وإن فقدها من الرضاع لا يفقدها من النسب، وإن ينسب إلى مرضعته بالرضاع، وهو تكريم للأمومة من الحضن .

ومن وجهة الشرع يبقى الإنسان مرتبطا مع أمه، من الولادة إلى سن الرشد، التي تؤهله لحياة الأسرة والجماعة، والحقوق العامة بالمجتمع .

والفطرة في الحياة البشرية، تختلف عن طبيعة الحياة الحيوانية، من النطق الذي يختلف بالعقل الإنساني من اللسان البيئي من الطبيعة الكونية، عن الصوت من الحيوان الذي لا يختلف من الطبيعة، ومن حياة الفطرة في الحياة الزوجية، ارتباط الولادة أولا بالأم، من الحمل والوضع، والرضاع، وأساسا بالأب الذي تجب عليه النفقة على الام والولادة بحكم العلاقة الزوجية، وإن حدث ما يستوجب الفراق من الحياة الزوجية، تجب النفقة على الولادة من الاب والحضن من الام، أما حين ترفض الأم احتضان الولادة، فلا نفقة لها من الأب، ولها الحق من النسب، وأن تلتحق وقتها الولادة بالأصل من فطرة الأبوة، وإن انفصمت العلاقة الزوجية .

وفي عرف العرب الأولين، أن الانسان يستمد روحه من خالقه، وولادته من صلب عضمه الهيكلي من الأب، ولحمته الجسمية من الأم .

ومن الوجهة الفطرية تجري العلاقة بين الأم والولادة من اللحمة، وتجري من الشرع علاقة النسب على النجب من الأم والأب .

النسب الى حياة الشرع :

الشرع الديني لم يهمل لا حياة الفطرة التي تقوم على اللسانيات، ولا حياة القانون التي تقوم على العلم، ففي الحقب البشرية السابقة عن شرع الدين، عرفت البشرية أنبياء يدعون الى الدين عن طريق اللسان لمرحلة ما قبل الكتابة .

وعهد ظهور الكتابة، احتدم الصراع على الحكم بين الأنبياء ورجال العلم، الى أن جاءت الرسل بالبينات وانتهى الصراع بين الدين والعلم .

ووجه الفصل بين الدين والعلم، أن الدين وحي إلهي في الكتب السماوية المقدسة، والعلم عمل إنساني من وجهة ماديات الحياة

وقد جاء الدين بالوحي وتعليم القراءة من قول الله تعالى اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق .

ومن تم يقول الله في خلقه : يآدم انبئهم بأسمائهم، مما يعني أن نبوءة العلم بالدين، سابقة في حياة الانسانية من الخلق، عن العلم البشري من الحياة، كما جمع الدين بين الوحي والعلم والقراءة .

والنسب من الشرع الديني، إن كان من الأم لا غبار عليه، فإنه يثبت من الشرع بالأب، من قول الله تعالى كلكم من آدم وآدم من تراب الذي تنسب اليه عموم البشرية من كوكب الارض .

النسب من قانون الوضع :

قانون الوضع هو شرع مواكبة الحياة المادية من العلم، فإن كان الشرع الديني يواكب الحياة البشرية من الوجهة الروحية، فإن شرع الوضع يواكب الحياة العامة من الوجهة المادية .

وفي عصر تطور العقل البشري من العلم، تطور معه النسب الى الحياة المجردة من خيار الفرد، حين اكتسابه الأهلية من بناء الشخصية بالحياة الاجتماعية .

ومن تم أصبح بإمكان الفرد أن يتخذ لنفسه نسبا عائليا غير نسبه العائلي، واسم شخصي غير اسمه الشخصي، وجنسية اجتماعية إضافية، تحمي مصالحه الشخصية .

وإن واكب هذا التطور الحياة الاجتماعية من ترابط في العلاقات مع الحياة الدولية، فإن مسار التطور العلمي على الحياة البشرية، يخلق هاجس خوف إنساني على الحياة الطبيعية، ليس من عامل التخوف من تقدم العلم، لكن من عامل الانحراف العلمي بالحياة والتخلف الذي لازال يطبع حياة الأغلبية من الساكنة البشرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *