ملف

“مملكة التناقضات”: هل حدث ربيع عربي في المغرب؟ (ح 51)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 51: هل حدث ربيع عربي في المغرب؟

أدى “الربيع العربي” في عام 2011 إلى اندلاع موجة من الاحتجاجات المضطربة والتهديدية التي اضطرت السلطات المغربية إلى البحث عن درع وقائي للإفلات من مصير نظيراتها العربية وقد حاولت قدر إمكانها تشويه سمعة “حركة 20 فبراير” الاحتجاجية وتقديمها بوصفها شرذمة من المحرضين الذين ليس لهم مبادئ ولا مواقف والذين يحركهم الخارج ويمنحهم التمويل، ولكن لا يمكن إنكار أن المخزن ارتجف من أساسه بفعل احتجاجات تلك الحركة وهذا لم يحدث منذ انقلابات 1971 و1972.

في 9 مارس 2011، ألقى الملك محمد السادس خطابا نقلته شاشة التلفزة المغربية وهو يرتدي بذلته الزرقاء ويجلس بالقرب منه شقيقه مولاي رشيد وابنه مولاي الحسن، وهو طفل عمره 7 سنوات … هذا الخطاب، المدعوم بخطة تواصلية ماهرة وفعالة، قلص حجم الاحتجاج الشعبي الذي كان ينمو ويتزايد وكان هذا هو هدفها بينما الرئيس الجزائري السابق بوتفليقة قام بتوزيع مليارات الدولارات لإخماد الاحتجاجات في بلادة، وبدأ الرئيس السوري بشار الأسد حملة قمع شرسة، لقد كان القصر الملكي في الرباط يخاطر باستمرار الملكية كلها عبر الإقدام على إصلاح سياسي شامل.

وفي يوم 20 فبراير السابق ليوم الخطاب أدت الدعوة إلى التظاهر من أجل المطالبة بالديمقراطية في البلاد وإلغاء المادة 23 من الدستور (الاحتكار الملكي للسلطة وقدسية الملك) إلى خروج أكثر من 000 350 شخص إلى الشوارع في 80 مظاهرة جرت في جميع أنحاء المملكة، وفي طنجة والدار البيضاء أخذت المظاهرات حجما ضخما وكانت بعض المؤشرات تدفع إلى أن اعتقاد أن حركة 20 فبراير سوف تتقوى وربما تتطرف في مطالبها وشعاراتها.

وأعقب ذلك سباق السرعة بين السلطات والمتظاهرين، بمن فيهم “شباب 20 فبراير”، الذين كان منهم بضع مئات فقط من النشطاء أصحاب الوعي السياسي والقادرين على التنسيق من خلال الشبكات الاجتماعية، في ارتباط مع الأحزاب اليسارية ونشطاء حقوق الإنسان، والكتائب الإسلامية الكبيرة التابعة لجماعة العدل والإحسان، وبعض رجال الأعمال و زعماء النقابات.

ثم أسس طرح القصر لجنة إصلاح دستوري برئاسة الفقيه الدستوري عبد اللطيف منوني. وفي أقل من ثلاثة أشهر، تمت المصادقة على النص الجديد بعد أن راجع الملك بنفسه كل الفصول بالعدسة المكبرة؛ وفي يوليوز صادق استفتاء شعبي على الدستور الجديد. وأعقبت ذلك الانتخابات البرلمانية المبكرة في 25 نوفمبر، ومنحت رئاسة الحكومة إلى الإسلاميين في حزب العدالة والتنمية.

وفي الوقت نفسه وبلا هوادة، انخرطت الآلة الأمنية بحذر وكفاءة في بلد انتشرت فيه الشائعات وتعطلت القوى السياسية، وتم إخضاع ممولي الحركة لمراجعات ضريبية، وحرصت الأجهزة على ثني الزعماء ولو باستعمال العنف وعلى مدار الأسابيع والأشهر، تمكنت السلطة من إعادة التوتر الشعبي إلى حالته السابقة والبدء من جديد في حياة سياسية بقواعد معدلة، مع الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية ثانية للمملكة وربما هذا هو المكسب الكبير للحركة.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *