اقتصاد

فاعلون يناقشون تأسيس هوية اقتصادية جديدة لمدينة الفنيدق بعد إغلاق معبر سبتة

ناقش فاعلون سياسيون وأكاديميون واقتصاديون بمدينة الفنيدق، سبل النهوض بمدينة الفنيدق وتحديد هوية اقتصادية جديدة للمنطقة، بعد توقف عملية التهريب المعيشي إثر إغلاق المملكة لمعبر باب سبتة منذ أزيد من عام.

جاء ذلك في ندوة عن بعد نظمتها “مجموعة التفكير من أجل الفنيدق”، تحت عنوان “مدينة الفنيدق ورهان تأسيس هوية اقتصادية جديدة؟” بمشاركة كل من البرلمانية خديجة الزياني، والباحث الأكاديمي عبد الرحمن الشعيري، والفاعل الاقتصادي عبد النور الحسناوي، والناشط الجمعوي الخليل الجباري، بتسيير من المحامي محمد عبكار.

وأجمع المشاركون في الندوة على تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالفنيدق بعد قرار السلطات توقيف التهريب المعيشي وإغلاق معبر سبتة، مشددين على ضرورة تأسيس هوية اقتصادية جديدة للفنيدق، من أجل تجاوز وضعها السوسيو-اقتصادي الحالي المتسم بالصعوبة وارتفاع أرقام البطالة.

“أنسنة المعبر”

البرلمانية عن حزب الاتحاد الدستوري، خديجة الزياني، أوضحت في مداخلتها أن التهريب المعيشي شكل تاريخيا النشاط الاقتصادي الرئيسي لسكان الفنيدق منذ أن كانت “قرية كاستياخوس”، مشيرة إلى أن الرجال كانوا يمتهنون هذا النشاط الاقتصادي بواسطة البغال.

ودعت البرلمانية إلى تفعيل توصيات اللجنة البرلمانية الاستطلاعية لمعبر باب سبتة، والتي أوصت بتنظيم المعبر بانسيابية وبما يحفظ الكرامة الإنسانية لممتهني التهريب المعيشي في أفق إدماج هولاء في منظومة قانونية للتشغيل.

كما طالبت الزياني بتعجيل إنهاء أشغال تهيئة منطقة الأنشطة الاقتصادية والتركيز على الهوية السياحية للمنطقة، خاصة السياحة الجبلية، انسجاما مع الرؤية الرسمية للدولة، وفق تعبيرها.

من جهته، أشار الفاعل الاقتصادي عبد النور الحسناوي إلى أن حوالي 30% من المقاهي والمطاعم والمخابز بالفنيدق أفلست بفعل الركود الاقتصادي، معتبرا أن قرار إغلاق معبر باب سبتة كشف ضعف أداء المؤسسات المنتخبة والفاعلين الاقتصاديين والمنظمات المهنية.

وناشد الحسناوي النخبة المحلية بمختلف مكوناتها، التفكير في صياغة أرضية لمشروع اقتصادي جديد للمدينة الحدودية عوض انتظار المشاريع الجاهزة المقترحة مركزيا، حسب قوله.

كما طالب المتحدث بتطوير القطاع السياحي من خلال تحسين جاذبية المدينة، كتطوير الأسواق نموذجا، وكذا دعم المقاولات المحلية لتسهم بشكل أكبر في التشغيل والتنمية.

إعادة فتح المعبر بضوابط

من جانبه، أشار الأكاديمي عبد الرحمن الشعيري إلى أن التهريب المعيشي شكل منذ أواخر القرن 19 عصب الحياة لسكان المنطقة، وكان له الفضل في نموها العمراني وفي خلق الثروة المحلية، كما كانت له بالمقابل انعكاسات سلبية خيمت بظلالها بشكل خاص في حقل التعليم.

واستعرض المتحدث لغة الأرقام كاشفا عن إغلاق حوالي 600 محل تجاري في مختلف أسواق المدينة، وتوقف مصدر عيش حوالي 9000 من ممتهني وممتهنات التهريب المعيشي، وكذا 3600 من العمال القانونيين داخل سبتة، بالإضافة إلى ركود كبير في قطاع التاكسي والكراء وأداء القروض الصغرى.

واعتبر أن هناك مقترحات مستعجلة يجب القيام بها لتفادي “تفجر الوضع” بالمدينة، منها فتح المعبر بضوابط إنسانية لعودة الرواج التجاري للمدينة، وتفعيل التشغيل في آلية التعاون الوطني.

ودعا الشعيري إلى استثمار أكبر لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومواكبة شباب المدينة والمقاولات الصغيرة جدا للاستفادة من البرامج الوطنية للدعم الاقتصادي مثل “انطلاقة” و”المقاول الذاتي”.

وفي الأمد المتوسط والبعيد، دعا الشعيري إلى صياغة هوية اقتصادية متعددة للمدينة الحدودية من خلال تثمين قطاع الصيد البحري، والاستثمار في الاقتصاد التضامني والتعاونيات والصناعة التقليدية، وتفعيل تقنية التحفيزات الضريبية لاستقطاب المستثمرين على الصعيدين الدولي والوطني.

من جانبه، تأسف الفاعل المدني الخليل الجباري على “الفرص الضائعة” التي فوتت على مدينة الفنيدق التنمية المحلية الحقيقية من خلال عدم ربط الفنيدق بالمحور الاقتصادي لميناء طنجة-المتوسط، ثم فشل المشروع السياحي “تمودة باي” بفعل ضعف المردودية وغياب إشراك الفاعلين المحليين.

وطالب الجباري بفتح المعبر وفق ضوابط إنسانية وتنظيمية حديثة مع عودة الحركة التجارية بين الفنيدق وسبتة، والتفكير بعد ذلك في بديل اقتصادي جذري ومهيكل ضمن هوية اقتصادية تجارية مرتبطة عضويا بميناء طنجة-المتوسط.

واعتبر المتحدث أن التنمية الحقيقية لن تتأتى إلاّ بإرساء الدمقراطية كما هو متعارف عليها دوليا، وفي مقدمتها شروطها: الجهوية الموسعة والحكومات المحلية، على حد قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *