سياسة

صبري الحو يرد على تشكيك الشرقاوي في مرسوم ترامب حول مغربية الصحراء

قال إن دوافعه سياسية وليست قانونية

صبري الحو ومحمد الشرقاوي

صبري الحو*

انتبهت جيدا الى مرافعات الخصوم، وللأسف منهم مغربي الدكتور محمد الشرقاوي أستاذ النزاعات الدولية بواشنطن، وكان مبدعا في لغة المداخلة، إلا أنه ارتكب أخطاء قانونية، أرجو أن تكون من باب المخطئ وليس بقصد المغالطة والتضليل.

ومهما كانت دوافع الأستاذ، فإن رأيه يبقى مشمولا بالاحترام، ومع أن مواد القانون لا تقبل القراءات المختلفة خلافا لنظرياته، فإنني أجد نفسي وبكل تواضع مبررا لتصحيح الأخطاء ولربما المغالطات التي اعترت مداخلات الأستاذ وتقويم الاعوجاج التي طالها.

سيما وأنها مست بمشاعري كمغربي، محامي وخبير في القانون الدولي مساهمة منا في رفع الوعي والمعرفة القانونية بشكل النظام السياسي الأمريكي وبمواد دستوره، وخاصة تلك المحددة لاختصاصات الجهاز التنفيذي للرئيس، والعلاقة القائمة بين السلطات؛ تشريعية ورئاسية وقضائية في الدستور الأمريكي.

وقد حاول الأستاذ الشرقاوي وضع اثقال وشروط لصحة الإعلانات الرئاسية لرئيس الولايات الأمريكية ، وهي قيود غير واردة في الدستور الأمريكي، ولا تحتملها طبيعة المرسوم الرئاسي الأمريكي كإحدى وسائل تصريف الرئيس الأمريكي لصلاحياته الدستورية.

أولاً: صحة مرسوم الرئيس الأمريكي غير مرتبطة بموافقة الكونغريس الأمريكي

فربط صحة المرسوم بصدور قانون من الكونجرس الأمريكي، هو علاقة غير موجودة في الدستور الأمريكي، بالنظر إلى الاختصاص الوارد في الفقرة الثامنة من المادة الأولى الخاصة بالتشريع والمحددة لاختصاصات الكونغريس.

فالنظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية رئاسي، وسلطات الرئيس محددة فيه في المادة الثانية الفقرة الأولى الخاصة بالفرع التنفيذي وتناط السلطة التنفيذية بالرئيس، والفقرة الثانية من نفس المادة الثانية تسمح له منها اتخاذ المراسيم ذات الأثر الفوري، وتنفذها مباشرة بتوقيعها على الأصل.

والربط الذي يقيمه الأستاذ الشرقاوي يجعل الرئيس خاضع لرقابة الكونغريس، بضرورة المصادقة على مراسيمه، وهو الشيء غير القائم في الدستور الأمريكي. بدليل فورية التنفيذ، ولكون الأخير هو الذي يضعه الدستور تحت رقبة الرئيس من خلال تعليق تنفيذ قوانينه على توقيعه، وامكانيات الرئيس طلب إجراء قراءة أولى وثانية على نفس القانون قبل منحه توقيعه.

نعم يحق للكونغريس الغاء الإعلان الرئاسي لكن بشرط حصول أغلبية الثلثين، وهو أمر ليس بالمستحيل لكنه صعب التحقق، لأن توفر هذا النصاب لا يسمح فقط بالإلغاء بل بمحاسبة الرئيس وعزله الفقرة الرابعة من المادة الثانية.

وإجراء مسطرة المحاسبة والعزل لم يفلح فيه الكونغريس خلال محاولات عزل ومحاسبة الرئيس ترامب بعد فضيحة تدخل روسيا في انتخابات فوزه وفضيحة الفساد المسرب من قنصلية أوكرانيا. وحري الإشارة أنه وطيلة حياة الدستور الأمريكي نجح فقط ثلاث مرات في اثنتين، والثالث استقال الرئيس قبل تمام مسطرة العزل.

ثانياً: الكونغريس الأمريكي لا يوقف توقيف تنفيذ مراسيم الرئيس الأمريكي:

والسبب الثالث الذي يدحض ما ذهب إليه الأستاذ، مفاده أن الرئيس الأمريكي وحسب الدستور، هو نفسه الذي يصادق على قوانين الكونغريس ويعطيها الصيغة التنفيذية، إذ يتوقف أمر تنفيذها بموافقته وتذييل القانون بتوقيعه.

ومجمل القول أن الكونغريس لا يملك حق توقيف تنفيذ مراسيم الرئيس، كما أن أمر تنفيذها لا يخضع لمصادقة الكونغريس. وأن القراءات في هذا الباب لا تستند على أساس قانوني دستوري أمريكي.

ثالثاً: القضاء مؤهل لوقف تنفيذ مرسوم في مواجهة مواطن مس بحقوقه:

لا يتدخل القضاء الأمريكي في قضايا القانون والعدل (المادة الثالثة الفقرة الأولى والثانية) ولا لوقف تنفيذ المراسيم الرئاسية إلا في حالة مساسها بالحقوق والحريات الأساسية للمواطنين الأمريكيين أفرادا وجماعات، مع شرط وجود مدعي يلجأ إليه بذلك الطلب كمدعي تضررت حقوقه الدستورية مباشرة من المرسوم.

ويطلب توقيفها في مواجهته، بشرط توفر الطالب على ركني الصفة والمصلحة لقبول دعواه أمام القضاء. وفي نهاية مسار الدعوى ونقلها أمام المحكمة العليا فهي المؤهلة في نهاية مطاف ودرجات التقاضي لفحص دستورية المرسوم الرئاسي، بحيث إن المحاكم الدنيا لا تملك ذلك الحق.

وفي حالة استجابة القضاء لطلب التوقيف فإن أثره ينسحب فقط على الطالب ولا يطال المرسوم تنفيذ المرسوم الرئاسي على باقي أمريكا والولايات والأشخاص والإدارات والمؤسسات.

رابعاً: القرار الأمريكي سيادي و تأثيراته الخارجية لا تمس بصدقيته وحجيته

أما الربط التعسفي الثاني والغريب هو إقامة الأستاذ الشرقاوي علاقة بين صحة الإعلان وتأثيراته المحتملة خارج أطرافه المعنية، وخروج الأستاذ باستنتاج أنها تأثيرات نسبية.

ومع أن سلامة وقانونية المرسوم الرئاسي الأمريكي ليست مرتبطة بتحقيق الإعلان لوقع إيجابي من داخل مجلس الأمن الأممي، بحشد قناعة بقية الدول الأعضاء بمغربية الصحراء.

إن الدستور الأمريكي لا علاقة له بمجلس الأمن وبأعضائه، بصحة المرسوم الرئاسي الأمريكي بمغربية الصحراء أو جديته.

ختاما:

وهو ما يجعل من كل التحليل الذي يتم سرده لا ينسجم مع القانون، وإن ودوافعه سياسية للنيل من أهمية القرار الأمريكي والتشكيك في درجة تربعه لسمو البنيان القانون الدستوري الأمريكي.

*محامي بمكناس | خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *