ملف

“مملكة التناقضات”: هل توجد شركات كبرى في المغرب؟ (ح 64)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 64: هل توجد شركات كبرى في المغرب؟

في الترتيب السنوي لعام 2018 لأكبر 500 شركة في أفريقيا الذي تصدره مجلة جون أفريك، يسجل المغرب 64 شركة، أو 12.5% من الإجمالي، وهو أمر مهم لهذا البلد الذي لا تتوفر له موارد طبيعية كبيرة. كما أنه يحتل المرتبة الثانية بعد جنوب أفريقيا في ترتيب رقم المعاملات: 53.9 مليار دولار، أو 8.5% من إجمالي الشركات الأفريقية الكبرى الخمسمائة، ويتوفر المغرب، بصرف النظر عن مصارفه تسعة من بين 100 أفضل بنك في أفريقيا، لها مجموعة متنوعة من الأنشطة.

ويتراوح حجم رقم المعاملات بين 500 مليون و6 مليارات يورو من بين هؤلاء الأبطال العشرين، وأكبر شركة مغربية هي المكتب الشريف للفوسفاط الذي بلغ حجم مبيعاته 5.8 مليار دولار في عام 2018، أو 5% من الناتج الداخلي الخام للبلاد. وهناك سبع شركات للتعدين والطاقة (النفط أساساً) من بين الشركات العشرين الأولى، مما يدل على استمرار الاعتماد على القطاع الأولي، وهي ظاهرة تجسدها ثلاث شركات: التبغ والحليب والسكر.

أما المجموعة المهيمنة الأخرى، باستثناء المصارف والتأمين، فهي شركات الخدمات الكبيرة: 225 شركة اتصالات أو النقل أو التوزيع (تجارة التقسيط) أو الخدمات للجماعات المحلية. وباستثناء شركة للإنعاش العقاري، فإن اثنين فقط من شركات التصنيع الصناعي والسيارات هما من بين العشرين بطلاً، بما في ذلك شركة رونو Renault.

وهذه فرصة للتذكير بأن الرأسمالية الملكية، خلال القرن الحادي والعشرين، طردت السيطرة الأجنبية من رأسمال أبطال المغرب، باستثناء رونو وليونيز ديزو، بسبب الحاجة إلى التكنولوجيا وتضاف إليها شركة اتصالات المغرب، التي أصبح رأسمالها مملوكا لمستثمرين من دولة الإمارات.

وفي مواجهة عدم كفاية نصيب الصناعة في المغرب بشكل بنيوي، دفع القصر باتجاه التنويع منذ عام 2004، من خلال استراتيجية إقلاع Émergence، التي أصبحت في عام 2009 هي الميثاق الوطني للتنمية الصناعية، ثم في عام 2013 خطة التسريع الصناعي. في البداية، تجاوزت صناعة السيارات، بفضل الاستثمارات الأجنبية، وخاصة الفرنسية، مجال النسيج والفوسفاط لتصبح قطاع التصدير الرائد في المملكة.

ثم، وفقاً للمفوضية السامية للتخطيط التي تصدر دراسات ذات جودة عالية، فإن الصناعة قد تراجعت: ففي عام 2017 كما في عام 2013، ظلت حصة الصناعة من الناتج الداخلي الخام في حدود 14%. وعلى الرغم من المشاريع الرامية إلى خلق فرص عمل وفيرة، لا تزال الحصيلة متواضعة.

من 2014 إلى 2016، وفرت هذه الصناعة 15,000 وظيفة، بدلاً من 500,000 وظيفة مستهدفة. وفي النهاية، لا يعمل في الصناعة المغربية سوى 620 ألف شخص في عام 2018، أي 6% من الوظائف التي يبلغ عددها 10 ملايين وطنيا.

وفى نهاية القرن العشرين، وبالرغم من أنها عانت من انخفاض حاد بسبب اتفاقيات التجارة الحرة ودخول الصين الى منظمة التجارة العالمية، إلا أن صناعة المنسوجات مازالت أكبر مشغّل صناعي حيث لديها 165 ألف وظيفة مقارنة ب 92500 في قطاع السيارات وتليها الصناعات الكهربائية والإلكترونية (000 70 وظيفة) والصناعات المعدنية والحديدية (000 67 وظيفة).

وعلى الرغم من الطموحات الكبيرة، لا يزال الاقتصاد المغربي اقتصاداً صناعياً صغيراً، يشكو من نقاط ضعفه الهيكلية: نقص الأطر والتكنولوجيات، ونقص العمالة الماهرة، وارتفاع الكلفة النسبية مقارنة مع آسيا. ونتيجة لذلك، فإن المغرب يتمتع أساسا باقتصاد خدماتي وهو ما يتضح من عجز تجاري كبير فيما يتعلق بالبضائع.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *