وجهة نظر

لقد عاد الحق إلى أهله

لقد مرت 45 سنة على استرجاع الأقاليم الجنوبية “الصحراء المغربية 1975/2020” من خلال المسيرة الخضراء المظفرة التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، أمطر الله عليه شآبيب رحمته وأدخله جنات النعيم.

ويوم 6 نونبر كان يوما مشهودا، يوم انطلاقة المسيرة الخضراء التي شارك فيها 350 ألف مواطن ومواطنة حاملين كتاب الله وهم عزل، يذكرون الله، وكان منظرا تقشعر منه الأبدان من هول عدد المشاركين، وعدد الحافلات والشاحنات في نظام وانتظام، وكان من المقرر أن يكون جلالة الملك الحسن الثاني على رأس هذه المسيرة معجزة الزمان، غير أن الظروف الإستراتيجية لم تسمح بذلك، ومثل جلالة الملك في الدور الأستاذ أحمد عصمان الذي كان آنذاك وزيرا أولا.

وموازاة مع هذه المسيرة كانت المفاوضات الروتينية تنعقد في مدريد بحضور رؤساء الدول المعنية، المغرب، اسبانيا، الجزائر، وتأخر الرئيس الموريتاني حيث كان يتردد في الحضور، ولما سمع الشعب الموريتاني بالخبر انتفض وحمل الراية المغربية وهموا بالالتحاق بالأراضي الصحراوية المغربية، وتدارك الرئيس الموريتاني الموقف والتحق بالاجتماع على وجه السرعة، وهدأت الفورة الموريتانية إلى أن خرج المؤتمرون بنتائج إيجابية لفائدة المغرب، بخروج المستعمر الاسباني توا من الأراضي المغربية وتسليمها إلى الإدارة المغربية، وصرح الرئيس الجزائري أنه لا أطماع للجزائر في الأراضي الصحراوية المغربية المسترجعة، وانه يساند المغرب في حقه المشروع وبسط سيادته كاملة على الأقاليم الصحراوية المغربية، وبعد أيام قليلة انضمت أقاليم الداخلة والكويرة إلى المغرب، وهب الجيش المغربي قصد حماية العائدين إلى وطنهم الأم، ومن تم بدأت الشقيقة الجارة الجزائر تناور بخلق ما سمته بجبهة البوليساريو المتمثلة في جلها من المرتزقة المنحدرين من افريقيا، وهكذا بقي حكام الجزائر يخططون وينفقون المال وأهملوا بلدهم وعرضوا مواطنوهم للضياع ونسوا الجميل الذي قدمه لهم المغرب أيام المحنة الاستعمارية بحيث لم يفرط ملك المغرب والمغاربة قيد أنمولة في الأشقاء ومساعدتهم على نيل الحرية والاستقلال، وهم يمدون لهم يد العون في كل ما يحتاجونه من المال والسلاح والتمويل الغذائي.

ويقول المثل ما ضاع حق ورائه مطالب، ولقد شاءت الأقدار الإلهية والفطنة التي من بها الله على جلالة الملك محمد السادس، الملك المقدام، الملك الغيور، الملك الذكي، السياسي المحنك والدبلوماسي الذكي الذي لا مثال له، حيث أنجز وعده وأدى الأمانة التي ورثها عن والده المنعم جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله برحمته الواسعة، وهو صاحب معجزة الزمان “المسيرة الخضراء”، إلا أنه و للأسف الشديد لوحظ في الأيام الأخيرة بعد إقرار الولايات المتحدة الأمريكية علنا وجهرا بمغربية الصحراء، وهي الدولة العظمى الدائمة الحضور في مجلس الأمن الدولي، و لي اعتقاد شديد أنه ستتبعها الدول الكبرى الأخرى في نفس السياق، والاعتراف الصريح والكامل لمغربية الصحراء على مستوى مجلس الأمن، ويغلق الملف نهائيا إلا انه لابد من الرجوع إلى إعادة ترتيب الحدود مع الجزائر ولدول المجاورة الأخرى، ولقد ورد هذا على لسان أحد المسؤولين الكبار في تونس بأن الجزائر تحتل أراضي مغربية وتونسية.

وللإشارة، يلاحظ أن بعض المشوشون والمناورون ينتقدون منجزات الدبلوماسية الملكية وما حققته على أرض الواقع، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، أين البيعة؟ لقد بايع المغاربة ملكهم محمد السادس على السمع والطاعة وتلبية الدعوة وهم أدلة لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم واهليهم وذويهم، وضحى المغاربة بالعزيز والغالي من أجل مساعدة الأشقاء في الجزائر، ولكن لمن تحكي زبورك يا داوود؟ لقد غرتكم الانانية والطمع في تزعم المنطقة وأضاعوا على شعوبها بناء المغرب العربي الكبير الذي لو كتب له أن يوجد، لكان للمنطقة احترام وهبة لا يستطيع أحد المساس بوحدتها الترابية ولا الاقتصادية، ولعاش المغاربيون في بحبوحة من الرغد والرفاهية والتقدم والحضارة الثقافية والصناعية والاقتصادية، ولما سلم شباب المنطقة أرواحهم إلى قوارب الموت، بل قد يكون الأمر معاكسا، ف 350 مليار دولار التي أنفقتها الجزائر على جبهة البوليساريو لشيدت بها الطرق والقناطر والموانئ والمطارات المتقدمة، وبالتالي لا عرفت شعوب المنطقة الجوع والفقر، وصعوبة الحدود التي تفصل الأم عن ابنها والأخ عن أخيه ومن تم قطع صلة الرحم وشتات العوائل، وهي لها تاريخ مشترك وعادات وتقاليد، ووحدة اللغة والدين والدم، وتحسب الشعوب الأخرى ألف حساب لأمة المغرب العربي، غير أنه وللأسف الشديد سيحاسب التاريخ و الأبناء حكام الجزائر الذين كنوا السبب في تعطيل مسار هذه الشعوب المغاربية.

وقال تعالى “ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا” والبيعة تشمل السمع والطاعة في كل شيء، في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”، بايع المسلمون رسول الله (ص) بيعة الحرب على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكرهنا، وآثاره علينا، وان لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول الحق أينما كنا.

واخرج البغوي وأبو النعيم، وابن عساكر عن عتبة بن عبد رضي الله عنه قال: (بايعت رسول الله (ص) سبع بيعات، خمس على الطاعة واثنتين على المحبة)، وهذا يدل على أن طاعة اولي الامر من طاعة رسول الله.

وبيعتنا لجلالة الملك محمد السادس تبقى معلقة في رقاب المغاربة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالمحبة المتبادلة بين الراعي والرعية لا تؤثر فيها الظروف العابرةـ لذا من الواجب على كل مغربي أصيل أن لا ينسى أن البيعة للملك، فهي بيعة على الطاعة في كل شيء يقرر فيه جلالته من أمور الأمة وهو فوق كل هذا وذاك أمير المؤمنين، ومن خرج عن الأوامر أو انتقدها فقد خرج عن قواعد البيعة المتمثلة في المحبة والطاعة، وبالتالي واجب محاسبة الخارجين عن طاعته ومحبته سواء كانوا أفرادا كأحد الأعضاء في الحكومة أو البرلمان، أو جماعة كالأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني الذين يعتقدون أن مفهوم الديمقراطية الخاطئ يخول لهم حق الخروج عن الطاعة والولاء والمحبة، فالديمقراطية لها حدود وقواعد، ولابد هنا من الإشارة إلى الكلمة التاريخية التي قالها المغفور لها جلالة الملك الحسن الثاني حيث قال : “كلما اقتربت من الديمقراطية أبعدوني عنها” وهنا كان يقصد رحمه الله المشككون والمنتقدون دون علم أو معرفة بالأشياء كما وقع عند التطبيع المغربي الإسرائيلي بعد اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء ولا داعي لذكرهم بالأسماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *