فاعلون يسلطون الضوء على تداعيات وقف التهريب المعيشي بالشمال والبدائل الممكنة

سلط فاعلون سياسيون وجمعيون بالشمال، الضوء على التداعيات المستمرة لقرار المغرب إغلاق معبر باب سبتة ووقف التهريب المعيشي، على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لسكان مدن تطوان والفنيدق والمضيق ومرتيل، والبدائل الاقتصادية الممكنة أمام ممتهني التهريب المعيشي.
جاء ذلك في ندوة رقمية نظمتها مجموعة “التفكير من أجل الفنيدق”، الأسبوع المنصرم، بمشاركة كل من هشام بوعنان رئيس جماعة مرتيل، مريم الزموري رئيسة الهيئة الاقليمية المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، رشيد الدردابي باحث في التنمية المحلية، محمد عزوز مستشار جماعي سابق بالفنيدق، محمد أحمد عضو سابق بمجلس الشيوخ الإسباني بسبتة المحتلة.
هشام بوعنان رئيس جماعة مرتيل، اعتبر في مداخلته أن قرار الدولة بتوقيف التهريب المعيشي كان صائبا باعتبار أن التهريب كان مضرا بالاقتصاد الوطني والخزينة العامة للدولة، وأن الجار الإسباني كان المستفيد الأول من موارده المالية الضخمة التي أنعشت ميزانية مدينة سبتة المحتلة.
وقال رئيس جماعة مرتيل إن مواجهة الأزمة بالمنطقة تتجاوز قدرات الجماعات الترابية التي قال بأنها “لا تمتلك صلاحيات تنموية وتنحصر اختصاصاتها في التدبير”، مشيرا إلى أن البديل عن نشاط التهريب يكمن في التسريع بتهيئة منطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق، حسب قوله.
تداعيات سلبية
من جهتها، قالت مريم الزموري منسقة الهيئة الإقليمية للمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع بعمالة المضيق الفنيدق، إن التهريب المعيشي شكلّ لعقود أساس التجارة الحدودية بالمنطقة في ظل تعايش السلطات الحكومية معه، نظرا لتشغيله للآلاف من المواطنين المغاربة.
وأوضحت أن نشاط التهريب المعيشي كان له تداعيات سلبية على الكرامة والسلامة الجسدية لممتهنيه وخاصة في صفوف النساء، إذ بلغت حالات الوفيات في صفوفهن إلى 10 حالات منذ سنة 2009، كما لم يكن يتجاوز الدخل الفردي لمعظمهن مبلغ 100 درهم بعد يوم عمل شاق.
وسجلت القيادية النسائية مريم الزموري ارتفاع معدلات الجريمة والطلاق والعنف ضد النساء بالمنطقة بعد قرار إغلاق معبر باب سبتة، وذلك بنسبة 30% بفعل ضغط الأزمة الاقتصادية وجائحة كوفيد 19، بحسب دراسات ميدانية.
وطالبت الحقوقية الحكومة باتخاذ قرارات استعجالية لتحقيق الاقلاع الاقتصادي من خلال التعاون الدولي عبر استثمار الحكومة المغربية للوضع المتقدم مع الاتحاد الاوروبي ولعلاقة الشراكة المتميزة مع إسبانيا، وبالأخص مع تحمل المغرب للضغط الحدودي للهجرية غير النظامية، من أجل دعم جهود تحقيق التنمية في المنطقة الحدودية.
قرار استعجالي
غير أن محمد عزوز المستشار السابق بجماعة الفنيدق، يرى أن قرار إغلاق معبر باب سبتة وتوقيف التهريب كان قرارا مركزيا استعجاليا، لم تشرك فيه الجماعات الترابية والمسؤولين المحليين.
وأشار المتحدث إلى أن هذا القرار أعاد إلى الوراء العلاقة بين الدولة وسكان منطقة الشمال الغربي، وذكرها بماضي التهميش الممنهج، مما ينذر بتداعيات خطيرة على الاستقرار الاجتماعي على غرار ما حصل بمنطقة الريف، حسب قوله.
وشدد عزوز على أن للجماعات الترابية سلطات محدودة في اتخاذ القرار، وأنّ تجاوز هذه المرحلة الانتقالية الصعبة يتطلب تدخلا من الدولة المركزية لتأسيس منظومة اقتصادية قانونية ومستقرة.
التهريب والتهميش
من جانبه، اعتبر رشيد الدردابي الباحث في التنمية المحلية، أن التهريب المعيشي هو ردّ فعل طبيعي للساكنة المحلية على سياسات عمومية غير طبيعية نتيجة التهميش الكبير الذي عرفته منطقة الشمال لعقود من الزمن منذ الاستقلال، مما اضطر أهل المنطقة إلى التشغيل الذاتي عبر التهريب كأحد أركان “الاقتصاد الحدودي”.
وقال إن الضعف الشديد في استفادة مدن عمالة المضيق الفنيدق من الاستثمارات الموجهة للجهة والتي بلغت 3 ملايير درهم سنة 20،18 وأدائها لضريبة التفاوت المجالي الصارخ في التنمية الجهوية، يفسّران وضعيتها الاجتماعية المقلقة بعد إغلاق المعبر، مستدلا بالفرق الاقتصادي الكبير بين المنطقة الحدودية وسبتة التي تحتل المرتبة السابعة عالميا.
وطالب رشيد الدردابي الحكومة والجهة باتخاذ حزمة من القرارات الاستعجالية ومتوسطة المدى والهيكلية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، بما يقي الساكنة المحلية من الهشاشة الاجتماعية المقلقة، داعيا إلى استثمار الموروث المحلي المادي واللامادي في تشكيل الهوية الاقتصادية لمنطقة الشمال الغربي.
شراكة اقتصادية مع سبتة
ومن مدينة بستة المحتلة، قال محمد أحمد العضو السابق بمجلس الشيوخ الإسباني بسبتة عن حزب “PSOE”، إن الاقتصاد المحلي لسبتة تأثر كثيرا باعتماده على مداخيل الجانب التجاري عبر المعبر الحدودي.
ودعا أحمد إلى التفكير محليا في مشاريع متعددة في مجالات الصناعة والسياحة والتكنولوجيا والطاقات المتجددة لتجاوز الوضع الاقتصادي الصعب، لافتا إلى أن الحكومة المركزية بمدريد رصدت 74 مليون أورو لحكومة سبتة في ميزانية سنة 2021، علاوة على دعم مالي استثنائي خُصص منذ مارس 2020 للتعامل مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي في ظل الجائحة.
وأشار أيضا إلى رصد 100 مليون أورز لبرنامج “سبتة تقاوم” الذي أطلقته الحكومة المحلية لدعم الأسر الفقيرة والمقاولات، كما دعا القيادي الاشتراكي بسبتة إلى إيجاد صيغ للشراكة الاقتصادية بين سبتة والفنيدق.
اترك تعليقاً