وجهة نظر

غيض من فيض البيضاء

غمرت سيارات وقاطرات الطرامواي.. الأمطار تغرق شوارع البيضاء وتعري واقع البنتة التحتية للمدينة (صور)

تجري على الألسن بشكل يومي عبارة غيض من فيض وهناك من يقلبها رأسا على عقب فيقول فيض من غيض فيفسد المعنى افسادا. لكن ساكنة الدار البيضاء وما جاورها رأت فيه فيضا من “قادوس”. “قادوس ” أفسد المبنى قبل المعنى. “قادوس ” حولته الظروف بقدرة قادر أن يصير ناطقا رسميا باسم بنية لا هي تحتية ولا هي فوقية. حتى أن المشاهد المتداولة أبانت لكل ذي لب حقيق عن غزارة المياه التي تسيل من تحت طاولة السياسة التدبيرية للشأن المحلي.

مياه لم تكن عديمة اللون ولا الرائحة وهي الخاصية الفريدة التي تتميز بها هذه المادة النفيسة بل كان لها طعم المرارة والحسرة ، لأنها جعلت من كل شيء في المدينة البيضاء آيلا للسقوط بدل أن تزرع فيه الحياة وهي الوظيفة السامية التي خلقت من أجلها . بل أكثر من ذلك فتحت ثقوبا وشقوقا فاغرة خرجت منها أسئلة عريضة قاسمها المشترك هشاشة تدبيرية متراكمة تجني الساكنة اليوم أوحالها وترزح تحت خرابها .ساكنة لا حول ولا قوة لها. سندها الوحيد “كرّاطة” أو “علّال جديد” يخرج من قنديل علاء الدين يخلصها من بالوعة استعصت على الآليات الحديثة التي لا تخرج إلا في الأيام الربيعية الجميلة للاستجمام.

كل ذلك جعل الجميع يتساءل عن حصيلة التدبير المفوض في قطاعات حساسة تلتصق بالحاجات اليومية للمواطن البسيط الذي لا يملك بدائل يفر إليها وقت الشدائد والأزمات. ومن أهم ما يمكن استخلاصه من خلال استقراء آراء المختصين في هذا الشأن هو تدني مستوى الخدمات داخل المرافق الخاضعة لهذا النوع من التدبير. وارتفاع ضربات مطرقة التكلفة، مما خلف تداعيات كبيرة على الجيوب وعلى القدرة الشرائية، الشئ الذي انعكس سلبا على المنظومة التنموية والاقتصادية،وأضر بقطاعات اجتماعية عديدة، في مدينة تعتبر قاطرة الاقتصاد الوطني وكل خلل فيها يهدد سلامة أسطول العربات بشكل بنيوي.

من هنا تأتي أهمية ومدى حجم المسؤولية الملقاة على كل من تحمل حقيبة الحفاظ على بياض صورة المدينة البيضاء. الأمر الذي يستدعي، وبالحاح، قراءة نقدية علمية لتقييم حصيلة سنوات من هذا الشكل التسييري والبحث عاجلا عن مكامن الخلل وسد ما يمكن سده أو إعادة النظر في الناحية القانونية والتشريعية حتى لا يؤدي خروجه المائل إلى السقوط في أول بركة مائية. فتغرق الآمال والأماني المعلقة عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *