ملف

“مملكة التناقضات”: هل حقا يعتبر المغرب نموذجا في العالم العربي؟؟ (ح 91)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 91: هل حقا يعتبر المغرب نموذجا في العالم العربي؟

إن المغرب لا يقدم نفسه للعالم الخارجي فحسب، بل أيضا لشعبه، كنموذج للاعتدال والاستقرار السياسي. الذي استطاع أن يحمي شعبه من ويلات الثورة والانتقال السياسي والحرب الأهلية. وقد روج لهذا النموذج من الاستقرار إلى الغرب، وفي المقام الأول إلى الفرنسيين، الذين اعتبروا تدريجياً أن المملكة هي أفضل حليف لفرنسا في العالم العربي – وكذلك إلى الإسبانيين.

وهذا ما يسميه الدبلوماسيون المغاربة “الاستثناء المغربي”، الذي قدم على أنه ثمرة توازن بارع بين التقاليد والحداثة، تحت قيادة إمارة المؤمنين، المتجذرة في تاريخ ألف عام، والتي تحرص على التسامح وعلى حماية الأقليات والأمور أكثر تعقيداً في الواقع.

لكن الكيمياء المغربية، التي هي ثمرة تاريخ طويل، من الصعب أن تعيد إنتاج نفسها في مكان آخر. وعلى الرغم من الاضطرابات السياسية العديدة منذ الخمسينات، لا يمكن لأحد أن ينكر أن النظام المغربي هو في الواقع أحد أكثر الأنظمة استقراراً في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية والأردن.

ولكن إذا كانت مختلف القوى السياسية والأيديولوجية قد عملت عبثاً على زعزعة استقراره أو الإطاحة به، لدرجة أن العديد من المحللين قد اعتبروا أن النظام يعيش لحظاته الأخيرة، فإن المرء يتساءل عما إذا كان عامل الخطر الرئيسي ليس إلا الوضع الاجتماعي والاقتصادي العام.

ومن أجل تفادي هذا الخطر فإن القصر، وفي ظل اقتصاد يوجد دائما على حافة نقص السيولة، يحرص دوما على عدم السقوط في المجهول. والخوف الكبير هو انقطاع إمداد الأسواق أو فراغ رصيد النقد الأجنبي، مما يفرض تخفيض الدعم للسلع الضرورية (النفط والدقيق والحليب والسكر) في آن واحد.

ولهذا السبب يجب على المغرب أن يحافظ على كل الصداقات. كما أن المغرب ليس نموذجاً للجمهوريات العربية، لأن كيمياءه التاريخية تجعله حالة خاصة. وباسم إمارة المؤمنين والنسب الشريف، يمكن للملك أن يصلح قانون الأحوال الشخصية، ويسمح بمناقشة القوانين الليبرالية بعد أن فشل في تفعيلها وكذلك أن يربط العلاقات مع إسرائيل، ودعوة البابا لزيارة المغرب، واحتكار إصدار الفتاوى.

من الصعب على نظام جمهوري عربي تنفيذ مثل هذه القرارات. ولكن حتى في المغرب، فإن شرط استمرار هذا النظام هو التمسك المتجدد لجزء كبير من الشعب بهذا الاحتكار من طرف السلطة المقدسة.

لكن الحداثة من جهة والإسلاميين من جهة أخرى يعملون على تقويض النظام. ولا تزال هناك قوة واحتكار للعنف المشروع، الذي يعمل المخزن على استعماله في الواقع وعلى المستوى الرمزي.

إن استخدام العفو الملكي جزء من آليات النظام في حالات الاستخدام المفرط للقوة، في حين يجب أن تشتغل المحاسبة في جميع الأحوال عندما يتعلق الأمر بإساءة استعمال السلطة أو الإهانة المجانية للمواطنين. كان الحسن الثاني يقول: “إن المغرب أسد يجب أن تسوسه بالمقود ولكن لا يجب أبدا أن يشعر بوجود السلسلة “.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *