وجهة نظر

حسن حمورو يكتب: الشرعي .. “الأحداث المغربية” والوطن!

من جديد يلبس السيد أحمد الشرعي مالك “الأحداث المغربية” جُبّة “راعي المصالح”، متحدثا عن الوطن ومصلحته وما تقتضيه، محاوِلا حشر حزب العدالة والتنمية في الزاوية، متهما إياه بالوقوف أمام هذه المصلحة.

في البداية نسجل أن حزب العدالة والتنمية تعوّد على مثل هذه الخرجات، ممن يعتقدون أنهم يملكون حقا حصريا للحديث باسم الوطن ومصالحه العليا، ويتوهمون أنه بإمكانهم العودة بالتاريخ إلى الوراء ليتقمصوا دور توزيع صكوك الغفران، وتصنيف الناس على هواهم، بمعايير لا ناظم بينها إلا التدليس والتضليل، و”الغميق”.

حدّثنا السيد الشرعي في افتتاحية جريدته، التي عودنا على كتابتها في سياقات مفهومة، عن الوطن والوطنية، معتبرا أن ما يحدث منذ انتخابات 7 أكتوبر، لا يليق بتاريخ الأمة الذي تشكل من خلال قيمة الوطن وإعلاء مصالحه، وحمّل حزب العدالة والتنمية الفائز في الانتخابات، مسؤولية ما يقع، ناسبا له شتم الجميع، ومنتقدا ما اعتبره عدم مبادرة الحزب إلى تسهيل تكوين الأغلبية… هكذا بلا حياء، يوهم السيد الشرعي قراء افتتاحيته الموجهة أصلا لدوائر بعينها قد لا تكون مصلحة المغاربة تعنيها، أن حزب العدالة والتنمية لا يهمه من هذا المسار سوى فرض سيطرته بالتهجم على قادة الأحزاب السياسية.

من الملاحظ أن مداد قلم السيد الشرعي أصابه إسهال بيّن منذ بداية الإعداد لانتخابات 7 أكتوبر، وزادت حدة الإسهال بشكل واضح منذ أن حاز حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في هذه الانتخابات، على الرغم من قضائه خمس سنوات في تدبير الشأن العام، على ما حيك ضده من مناورات ومناوشات، وعلى ما تم تفجيره في وجهه من تناقضات في اتجاهات مختلفة.

السيد الشرعي الذي اختار كغيره من المجندين ضد حزب العدالة والتنمية، أن يشتغل في السياسة تحت قبعة الصحافة الإعلام، ربما يجد نفسه منزعجا من العدد 125، وغير قادر على تصديق أن ما تم تسخيره من إمكانيات إعلامية ولوجستية ومالية، لمنع وصول حصيلة نواب المصباح إلى العدد 125، لم تُأت أُكلها، وأن كل تلك العدة والعتاد ذهبت أدراج الرياح، ليعين جلالة الملك الأستاذ عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة خلافا لكل ما عبرت عنه جريدة السيد الشرعي ومن يشاركها الموقع السياسي، طيلة الفترة التي سبقت يوم التعيين.

طيب هذا لكي نفهم جزء من خلفيات الهجوم المتواصل للسيد الشرعي على حزب العدالة والتنمية، أما عن الوطن والوطنية، فلا أعتقد أن جريدة “الأحداث المغربية” قادرة على إعطاء الدروس للعدالة والتنمية في هذا الموضوع، ويكفي لمالكها ومن يأتمرون بأمره، أن يراجعوا تاريخ الحزب وتاريخ مواقفه وقراراته ليكتشفوا حجم الصبر والتنازل والتضحية التي قدمها من أجل الوطن والمواطنين واجبا ومسؤولية لا مَنّا أو انتظارا لمقابل، ويكفي أن يتتبعوا مجريات انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة، وكيف تعامل معها الحزب كمؤسسة وأمينه العام الأستاذ عبد الإله بنكيران كمُكلف بتشكيل الحكومة، ويتساءلوا، أليس التغاضي عن الأذى والسب والشتم والتخوين والبذاءة في التعليق، من حب الوطن، أليس التنازل عن إدخال حزب الاستقلال إلى الحكومة من حب الوطن وتقديما لمصلحته، أليس انتظار رد حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية لأسابيع طويلة بدون مبرر معقول ومفهوم انتصارا لمصلحة الوطن، أليست المشاركة في عملية انتخاب رئيس مجلس النواب خارج كل الأعراف والتقاليد الديمقراطية، انتصارا للوطن ولمصالحه، هذا دون الدخول في أحداث ومواقف كثيرة قد لا يُسعف المجال لسرد تفاصيلها، لكن التاريخ وذاكرة المغاربة يحتفظان بها.

ويكفي السيد الشرعي سُبّة أنه في معرض حديثه عن الوطن والوطنية استشهاده بقولة لليوطي مهندس الحماية والاستعمار الفرنسي للمغرب، فكيف يستقيم أن يكون المستعمِر الذي كان يستهدف تمزيق الوطن، أن يكون مفتيا ومرجعا في حب الوطن!

وفي إطار المسؤولية تُجاه الوطن، على السيد الشرعي أن يُجيبنا، هل من حب الوطن أن تنخرط جريدته في حملات إعلامية ظالمة ضد مكونات مجتمعية وازنة، هل من الوطنية الانخراط في حملات تشهير ضد أصحاب الآراء السياسية والمواقف المخالفة، هل من حب الوطن وإعلاء مصلحته الإمعان في التنظير للإقصاء والاستئصال ومحالة التهييء لظروفه وتوفير شروطه؟

مصلحة الوطن تقتضي أولا الإيمان به وبالتاريخ المشترك لكل أبنائه، والإسهام في إشاعة الثقة فيما بين بعضهم البعض، وفيما بينهم وبين مؤسسات دولتهم، ثم الدفاع عن مصلحته الضامنة لاستقراره وعلى رأسها الديمقراطية ثم الديمقراطية ثم الديمقراطية، عندها ستأتي التنمية طوعا لا كرها.