خارج الحدود، مغاربة العالم

سعيدة.. مغربية من منظفة بمستشفى إلى مرشدة دينية تنشر قيم التسامح بهولندا

تمكنت السيدة سعيدة، ابنة مدينة طنجة، من صقل معارفها وثقافتها الإسلامية، لتحقق نقلة تاريخية في حياتها الشخصية، وتتحول من خادمة ومنظفة بأحد المراكز الصحية بمدينة “Nimègue” بهولندا، إلى مرشدة دينية.

نشأت سعيدة في بيئة بديانتين وثقافتين مختلفتين، واحتضَنتْهما ودخلت في السلام معهما، وتسعى اليوم إلى تأليف كتا، يتحدث عن جانب من حياتها المشرق، سيمكن الأجيال القادمة من التعرف على تجربتها في الحياة، وتوصل للعالم فكرة أن الحب والسلام ونبذ الكراهية والاحترام، هي خير وسيلة لكل من أراد أن يعيش سعيدا.

ومما زاد من شهرة سعيدة، حسب وسائل إعلام هولندية نقلت جانبا من قصتها، تصريح للوزير “Jeroen Jeroense”، قال فيه: “في حياة السيدة سعيدة علامات مهمة، منها اندماجها في الثقافة والمجتمع الهولندي، ودورها في البحث عن الهوية والحوار بين الإسلام والمسيحية”.

وأضاف الوزير الهولندي: “شخصيا أحب كثيرا طريقة ربطها بين معتقداتها وعملها وحياها الخاصة، وألهمتني كثيرا ليصبح إيماني بدوري أكثر وضوحا، ليس لكوني وزيرا وارتدي بذلة سوداء، ولكن لكوني أريد نشر القيم والمعاني المسيحية”.

ولدت سعيدة بمدينة طنجة سنة 1969، وكان والدها يشتغل بمدينة “Nimègue” الهواندية، وفي الخامسة من عمرها، انتقلت أسرتها للعيش في هولندا، والتحقت بمدرسة لتعليم أبناء المغاربة، وغادرتها مبكرا.

عاشت الطفلة حياة عادية وكانت ذكية، وتزوجت في سن 16، وأنشأت أسرة صغيرة، وأنجبت 3 أطفال، وبعد عدة محاولات للإقناع، تمكنت من ولوج عالم الشغل كمنظفة بمستشفى مدينتها “Nimègue”، وكان أول عمل قامت به حصولها على رخصة القيادة وأدت واجباته من أجرتها الشهرية.

لقب العاملون في المستشفى السيدة سعيدة بـ”المرأة المغربية”، وكانت الوحيدة التي تتقن التحدث باللغة العربية، وكانت تستغل جو المستشفى، حيث المرضى والموت والأطباء والممرضون والممرضات، لتعطي بعض النصائح لكل فئة، قصد منحهم بعضا من الطمأنينة والراحة النفسية، خاصة وأن ظروف العمل في المستشفيات يطبعها القلق والضغط.

وظفت إدارة المستشفى السيدة سعيدة، في منصب مرشدة دينية، وتكلفت بالمهاجرين والمسلمين الذين يتابعون العلاجات بالمستشفى، وبدأت هذه الوظيفة الجديدة بصفة مؤقتة منذ 2005، وبعدها اقتنعت إدارة المشفى بدورها، تقول سعيدة: “رافقت أئمة المساجد والمرشدين الدينيين بهولندا، وشاركت في عدد من الدورات التكوينية حول الدراسات الإسلامية”.

وأكثر ما يحتسب لسعيدة في مستشفى Nimègue، هو تخصيص مكان في مستودع الأموات خاص بموتى المسلمين أثناء تهيئته سنة 2005.

لم تتوقف سعيدة عند معارفها الشخصية، بل اقتنعت بضرورة توفرها على شهادة أكاديمية، وهو ما جعلها تلتحق بكلية الآداب والعلوم الانسانية “Utrecht”، تقول في هذا الصدد: “تعلمت في الجامعة الكثير عن الديانات الأخرى، وهو الأمر الذي ساعدني كثيرا على توسيع مداركي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *