سياسة، مجتمع

من “روزامور” إلى طنجة .. فواجع هزت المغرب وتحقيقات لا تشفي الغليل

أعادت “فاجعة طنجة” التي راح ضحيتها 28 شخصا، إلى الأذهان فواجع هزت أركان المملكة، من “محرقة روزامور” بالدار البيضاء سنة 2008، إلى “فاجعة تيشكا” سنة 2012، مرورا ضحايا فيضانات كلميم سنة 2014 ،وبـ”محرقة حافلة طانطان” سنة 2015، ثم “شهيدات الدقيق” بالصويرة سنة 2017.

محرقة روزامور
في ليلة 26 أبريل من سنة 2008، لقي 56 عاملا وعاملة مصرعهم احتراقا واختناقا داخل معمل “روزامور” للأفرشة بحي ليساسفـة بالدار البيضاء، فيما أصيب 17 عاملا آخرا بجروح متفاوتة الخطورة.

في يوم الحادث بعد مغادرة مالك المصنع للمحل. تم إقفال أبواب المصنع إقفال محكما وبداخله العمال والعاملات. وذلك بسبب خوفه من تهريب وسرقة منتجات المصنع. وبعدها بمدة شب حريق فجأة، وبحث العمال عن مسالك لإنقاذ أنفسهم، فلم يجدوا ولو نافذة صغيرة تساعدهم على الهرب.

اعتقلت السلطات مالك المصنع وأحد أبنائه للتحقيق في أسباب الحريق وظروف تشغيل العمال. كما اعترف صاحب المصنع في محاضر الشرطة بأنه أضاف تعديلات كثيرة على مصنعه من دون ترخيص.

فاجعة تيشكا
لازال الجميع يتذكر فاجعة حافلة “تيشكا” التي راح ضحيتها 42 شخصا، بعد انقلاب حافلة لنقل المسافرين بين زاكورة ومراكش. اليوم تكون قد مضت عليها، 9 سنوات، في حين لازالت معاناة عدد من الناجين وعائلات الضحايا، مستمرة، ولسان حالهم يقول: “حقوقنا دفنت كما دفن الضحايا”.

42 قتيلا و24 جريحا، كانت هي حصيلة حادث انقلاب حافلة للركاب قادمة من زاكورة يوم الثلاثاء 4 شتنبر 2012، بعد سقوطها في منحدر، على مستوى الجماعة القروية زرقطن التابعة لقيادة توامة (إقليم الحوز) على الطريق الوطنية رقم 9 الرابطة بين زاكورة ومراكش.

الحافلة كانت تقل عددا من الركاب يفوق طاقتها الاستيعابية، وفي الوقت الذي استفاد فيه عدد ضيئل من الضحايا من تعويضات “هزيلة” لا يزال أغلب عائلات الضحايا بدون تعويضات.

حافلة طانطان
35 قتيلا كانت حصيلة هذه الفاجعة التي هزت المغرب سنة 2017، القتلى والذي كان أغلبهم أطفال كانوا على متن حافلة اصطدمت بحافلة لنقل البنزين، بجماعة لاشبيكة، قرب طانطان.

الحادث أسفر عن احتراق الحافلة، التي كانت تقل تلاميذ شاركوا في مسابقة رياضية، بشاحنة صهريج لنقل البنزين، ما تسبب في اشتعال النيران في الحافلة، وتفحم جثت ركاب.

وآنذاك، أصدر الملك محمد السادس تعليماته إلى كافة المصالح المعنية بالتدخل الفوري لإسعاف المصابين، كما تكفل بمصاريف دفن الجثامين، كما أمر وزير الداخلية بالانتقال إلى مكان الحادث رفقة وفد، وفتح تحقيق في الحادثة.

فيضانات كلميم
اجتاحت شهر أكتوبر 2014، فيضانات مدمرة، إقليم كلميم، ما تسبب في مصرع 33 شخصا، بعد أن جرفتهم سيول وادي “تلمعيدرت” و”تمسيورت”.

وحمل عبد الوهاب بلفقيه، رئيس بلدية كلميم، مسؤولية وقوع فاجعة الفيضانات التي أودت بحياة 33 شخصا، لمحمد علي العظمي، والي جهة كلميم السمارة، والمندوب الجهوي لوزارة التجهيز والنقل.

وقال بلفقيه آنذاك إن “الوالي لم يول أهمية للنشرة الإنذارية التي أطلقت منتصف الأسبوع الماضي، والتي حذرت من عواصف رعدية ستضرب المناطق الصحراوية”.

شهيدات الدقيق
تسببت ملية توزيع مساعدات غذائية نظمتها إحدى الجمعيات المحلية بالسوق الأسبوعي لجماعة سيدي بولعلام بإقليم الصويرة، شهر نونبر 2017، في مقتل 15 شخصا وإصابة 5 آخرين بإصابات متفاوتة الخطورة.

وقدمت أفرادا وعائلات معوزة قدمت من جماعات أخرى من آسفي وشيشاوة وغيرهما، غالبيتهم من النساء، وذلك في الساعات الأولى من صباح اليوم من أجل التسابق حول الصفوف الأولى أمام منصة توزيع المساعدات، وهو ما جعل الأمور تخرج عن سيطرة المنظمين.

واكتفى عدد من أعضاء الحكومة، آنذاك بتقديم العزاء والإعراب عن التضامن مع ضحايا فاجعة بولعلام، على حائطهم الفيسبوكي مثل وزيرة الأسرة والتنمية الاجتماعية ورئيس الحكومة.

وفي اليوم التالي خرج مصطفى الخلفي الناطق باسم الحكومة ليعلن في مجلس النواب عن تحملها المسؤولية السياسية عن الحادث. وقال: “الحادث يفتح مجال المسؤولية في وجه التقصير…لقد فتح تحقيق إداري وقضائي والحكومة تحرص على إطلاع الرأي العام بكل النتائج”.

وفي مجلس المستشارين عزا وزير الداخلية الحادث لتدافع المستفيدات دون أي ذكر لدور السلطات المحلية في ما جرى. وقال إن الحكومة ستعكف على إصدار قانون يؤطر توزيع المساعدات الخيرية من قبل الجمعيات الأهلية وينظمه دون الإضرار بتقاليد التكافل والتضامن السائدة في المجتمع المغربي.

تحقيقات لا تشفي غليل المغاربة

القاسم المشترك في هذه الفواجع، هو أن التحقيقات التي فتحت بشأنها، إما أن نتائجها لم تظهر بالمرة، أو أنها لم تبلغ مداها، أي لم تصل إلى الإطاحة بالمسؤولين الكبار، وبالتالي يعتبرها المغاربة لا تشفي الغليل.

في هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، خالد يايموت، أن “التقاليد المغربية بشأن التحقيقات تقاليد سيئة جدا. ذلك أن الثقافية السياسية للدولة لا تستحضر المحاسبة إلا نادراً”.

وبالمقابل، أوضح يايموت في حديث مع جريدة “العمق”، أن “ثقافة الانتقام هي المرجعية الأساسية الدولة، وتخلطها بالمحاسبة عندما يتعلق الأمر بالمطالبين بالديمقراطية ودولة المؤسسات”.

وغالبا ما ترتبط الفواجع بالمغرب باختصاصات رجال السلطة خاصة العمال أو الولاة ورجال الأمن، يضيف المحلل السياسي المذكور، أن “هناك كذلك ترفض الدولة أن تكون موضع المساءلة الشعبية أو القضائية”.

واعتبر يايموت، أن “الأمر في عمومه ثقافة تستبعد المواطن ولا تعتبره شريكا مهما للدولة ومن تم يتم تجميد تلك النصوص الدستورية التي تتعلق بحقوق المواطن، وفي نفس الوقت تضخيم حقوق الدولة بشكل يعرض المواطن لمخاطر حقيقية تنتج عنها فواجع لا يتعرض المسؤلين عنها للمحاسبة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *