سياسة

اليحياوي يقيم “كوطا” النساء بالمغرب ويبرز صعوبات بلوغ المناصفة في أفق 2030

قدم أستاذ السوسيولوجيا الانتخابية وتقييم السياسات العمومية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مصطفى اليحياوي، تحليلا التراكم التاريخي للتمثيل النسائي في الانتخابات، في عرض أمام مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالمساواة والمناصفة بمجلس النواب.

وأشار اليحياوي إلى أن نظام “الكوطا” النسائية مكن المغرب من الانتقال من نائبتين برلمانيتين عام 1997 إلى 30 نائبة في 2002، مضيفا أن المغرب أحرز بين 2002 و2011، حيث إن التمثيل النسائي على المستوى النيابي بلغ في الانتخابات التشريعية لـ25 نونبر 2011 17 % بعد أن كان لا يتجاوز 1 %في 1997، وعلى المستوى الجماعي بلغ في انتخابات 2009 12.17% من إجمالي عدد المقاعد الجماعية، في مقابل 0.56% في انتخابات 2003.

وأوضح أن المغرب خلال العشرية الأولى من اعتماد نظام الكوطا النسائية تجاوز، في الانتخابات التشريعية والجماعية معا، العتبة الأكثر صعوبة في مسار المشاركة السياسية للمرأة في الديمقراطيات الغربية، أي الانتقال من 0 إلى 10 في المائة خلال السنوات العشر الأولى على اعتماد نظام التحفيز على التمثيل المؤسساتي للمرأة.

وتابع أن تطور منحى التقدم في التمثيل النسائي تطور بإيقاع أضعف في الانتخابات التشريعية لـ2016، ليصل خلال منتصف العشرية الثانية نسبة 20.5 % أي بزيادة تقل على 3 نقطة بالمقارنة مع انتخابات 2011، في حين تقدم المنحى، على المستوى الجماعي، بلغ زيادة 9 نقطة بين 2015 و2009.

وخلص إلى أن التمثيلية النسائية بالمغرب عرفت تطورا بإيقاعين مختلفين؛ الأول يوصلنا إذا ما سرنا على هذا النحو من نظام الحصة الجزافية إلى 25% من التمثيلية النسائية على المستوى النيابي في انتخابات 2021، أي بمعدل لا يتجاوز زيادة دورية في حدود 4.5 نقط.

واستنتج من هذا الإيقاع أنه يصعب معه تجاوز الهوة الفاصلة على هدف المساواة بين الجنسين في عدد المقاعد النيابية عام 2031، بمعنى أن ما سيتبقى -كميا- من تحد خلال ولايتين تشريعيتين (عشر سنوات المقبلة) ما بعد 2021 (2026 و2031)، إذا احتملنا انتظام المواعد الانتخابية، يوازي -عدديا- نسبة 25% التي من المرتقب بلوغها عبر آليات التحفيز المستعملة خلال العشرين سنة الأولى من القرن 21 (أي الفترة الممتدة بين 2002-2021)”.

“ناهيك على أن ما تحقق عبر آلية التحفيز المعتمدة في الفقرة الثامنة من المادة 24 من القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين يؤكد أن نجاعة آلية التمثيل الجندري المؤدي إلى غاية المناصفة بين الجنسيين غير مضمونة، حيث لم تتجاوز التمثيلية النسائية في مجلس المستشارين (2015) نسبة 11.7%”، يضيف اليحياوي.

أما الإيقاع الثاني، بحسب أستاذ السوسيولوجيا الانتخابية وتقييم السياسيات العمومية، يبر أن التمثيلية النسائية -ترابيا- بلغت على المستوى الجهوي 38% أي بزيادة 8 نقاط على النسبة الدنيا المتوقعة في النصوص القانونية (أي 30%)، “بالرغم من تراجع نسبة التمثيلية النسائية على المستوى الجماعي (إلى 21.18%) بالمقارنة مع النسبة المتوقعة (27%) في النص القانوني بـ5.82 نقاط”.

واعتبر أن آلية التمثيل النسائي المبني على الحصة الجزافية المعتمدة في انتخاب المجالس الجماعية خلال استحقاقات 2015، “غير عادلة وغير ملائمة للواقع السوسيو-سياسي ونسق تطور المقبولية الثقافية للجندرة داخل المجتمعات المحلية”.

وأوضح اليحياوي أن إذ اعتماد حصة جزافية محددة في4 مقاعد نسائية في الجماعات التي يقل عدد سكانها على 35 ألف نسمة مكن نساء الجماعات القروية الصغيرة من نسبة تمثيلية في المجالس تصل إلى27% من إجمالي المقاعد المنصوص، في حين أن اعتماد نفس الحصة للجماعات الكبرى أضعف نسبة التمثيل النسائي إلى16%.

وخلص اليحياوي إلى أن “ملامح التغيير في البيئة الثقافية على المستوى الترابي موجبة للتفاؤل على مستوى تحدي المناصفة الكاملة في أفق 2030، ولم تعد المنظومة القيمية للبنية الاجتماعية المحلية عائقا سميكا أمام تطوير مشاركة سياسية تمثيلية للنساء متلائمة والمبدئين الدستورين المتعلقين بالمناصفة وعدم التمييز الإقصائي على أساس الجنس”.

وأضاف أن “الآلية التشريعية المعتمدة لضمان التمثيل النسائي في الأحكام الخاصة بانتخاب أعضاء مجالس الجهات في القانون التنظيمي رقم 59.11، ولاسيما الفقرة الثالثة من المادة 76 (تخصيص في كل دائرة انتخابية ثلث المقاعد على الأقل)، بإمكانها أن تشكل قاعدة في تصويب اختلال التمثيلية النسائية على المستوى الجماعي، خاصة في الجماعات ذات المراكز الحضرية”.

وللزيادة من حظوظ التمثيلية النسائية، اقترح اليحياوي، مسارين لمعالجة التفاوتات بين تمثيلية المرأة في البرلمان والجماعات، يتمثل الأول في “تسريع الانتقال من آلية التحفيز عبر نظام الكوطا إلى نظام المساواة بين الجنسين في التمثيل الانتخابي باعتماد مبدإ الإنصاف المسنود إلى التناسبية في الأحجام بين التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة وبين مخصصات التمثيل العددي في المقاعد”.

واعتبر بأن هذا المسار سيمكن من الانتقال الآني مباشرة لنسبة 46% في عدد مقاعد مجلس النواب بما أن عدد المسجلين من النساء بلغ النسبة ذاتها في اللوائح الانتخابية العامة حسب آخر تحيين المؤرخ في 31 مارس 2020؛ كما يمكن إغناء التمثيلية النسائية في الانتخابات المهنية والانتخابات الجماعية.

المسار الثاني، بحسب الخبير المغربي، يتمثل في معالجة مخاطر استدامة التمثيل المبني على نظام الكوطا بتوسيع دائرة الإنصاف المتدرج المسنود على قاعدة تعميم نسبة الثلث في مختلف مجالس الجماعات الترابية وغرفتي البرلمان (مجلس النواب ومجلس المستشارين).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *