حوارات، مجتمع

الأكاديمية عيساوي: الكتابة حلم ممتد من غير حدود.. والمغرب تأخر في الالتفات لعلوم الأديان (حوار)

كريمة نور عيساوي

تعتبر الأكاديمية والكاتبة المغربية كريمة نور عيساوي، أن الكتابة بالنسبة لها هي حلم ممتد من غير حدود أو حواجز، فهي تجربة ذاتية تشكل استجابة لصرخة مكبوتة آن الأوان أن تتحرر من ربقة سجن الجسد وتندفع للوجود حيث لا مكان يعلو على سلطة القلم، وفق تعبيرها، مشيرة إلى أن المرأة في مجتمعاتنا “تكتب وسيف الرقيب مسلط على رقبتها.

الدكتورة المتخصصة في علم مقارنة الأديان، ترى أن حضور علم مقارنة الأديان في المغرب والعالم العربي “حضور محتشم، فهو لا يزال يحبو”، مشيرة إلى أن المغرب تأخر كثيرا في الالتفات إلى هذا العلم، كما أن إسهام الجامعات العربية والإسلامية لا يزال محدودا، مع استثناءات كثيرة لباحثين أفذاذ ممن شقوا طريقا فريدا يتسم بكثير من الموضوعية والحرفية والعلمية.

ففي حوار مع جريدة “العمق”، ترى الدكتورة عيساوي أن أهمية علم مقارنة الأديان تكمن أساسا في الدور الجوهري الذي يؤديه الدين في المحافظة على قيم التعايش، وفي استقرار المجتمعات، معتبرة أن تاريخ الأديان علم أصيلٌ في التراث العربي الإسلامي، تأسس في صورته الغربية على كتابات مجموعة من العلماء المسلمين التي تُرجمت إلى الغرب.

وتُعدِّدُ الأكاديمية المغربية في هذا الحوار، مظاهر ضُعف الاهتمام بعلم مقارنة الأديان بالمغرب والعالم العربي، وأهم المؤسسات التي تُدرِّسه في المغرب، وأسباب تصدر الغرب لإنتاجات هذا العلم، والسبل الممكنة لإعادة الاعتبار إلى علوم الأديان وحوار الحضارات، كما تكشف سر عشقها للكتابة في ظل التحديات التي تواجهها المرأة والعوائق التي تقف في وجه “الأدب النسوي”.

وكريمة نور عيساوي، أساتذة جامعية وأكاديمية وخبيرة مغربية في علوم الأديان، استطاعت الجمع بين تخصصها الرئيسي “علم مقارنة الأديان”، وبين الكتابة الإبداعية في الشعر والأدب، تملك سيرة علمية غنية بالمؤهلات والتجارب، وإشعاعها الفكري والمعرفي يتخطى حدود الوطن، عبر إنتاجاتها وأبحاثها ومقالاتها العلمية والإبداعية، ومشاركتها في المنتديات والمؤتمرات العلمية الوطنية والدولية.

فهي أستاذة تاريخ الأديان وحوار الحضارات بكلية أصول الدين بجامعة عبد الملك السعدي بتطوان، ورئيسة مركز “تنوير لتحالف الحضارات والتنمية الاجتماعية والثقافية” بفاس، ورئيسة رابطة “آرارات الثقافية” بزيوريخ السويسرية، وعضو هيئة تحرير مجلة الدراسات العقدية ومقارنة الأديان بجامعة الأمير عبد القادر بالجزائر، وعضو هيئة تحرير مجلة “التلميذ” الصادرة عن وزارة التعليم العالي بجامور كاشمير بالهند، وعدة مؤسسات وهيئة علمية وبحثية.

أستاذة تاريخ الأديان كلية أصول الدين جامعة عبدالمالك السعدي – تطوان

وفيما يلي نص الحوار

1- ماذا تمثل الكتابة في حياتك؟

الكتابة حلم ممتد من غير حدود أو حواجز هي تجربة ذاتية، تتحقق بما يفيض به اليراع وما تُجيب به الروح عن أسئلة عالقة تشاكس الإنسان وتزج به في عالم هوسه الخاص، هي تقص لحقائق مغيبة أو غائبة، الكتابة بالنسبة لي هي الأنا المخطوطة من غير حبر أو رق أو بردي… هي التجوال في الحدائق الخلفية حيث أشاء وقت ما أشاء…

الكتابة استجابة لصرخة مكبوتة آن الأوان أن تتحرر من ربقة سجن الجسد وتندفع للوجود حيث لا مكان يعلو على سلطة القلم… هي ريشة خاصة وتشكيل خاص، رسم بالكلمات وتلوين بالأحاسيس، بحة صوتية وبصمة ذاتية من دون إمكانية في التقليد أو المحاكاة، سفر دون جواز سفر لعلكَ وأنتَ تكتبُ تحلقُ وتطيرُ تدغدغُ حلمة الحكايات وتطوفُ بين دروب الأسئلة؛ إذ لا سلطة للزمان والمكان ولا احتمال للجواب. تكتبُ من غير يقين في الخلود، فنحن أمة مشافهة وتاريخنا في الكتابة حديث…

لذلك لازلنا نرتاب من الإصغاء إلى صوت المرأة في الكتابة… لازال التوجس يغزونا، يقض مضجعنا عندما نقبل على “إبداع المرأة” أو “الأدب النسوي”، فالمرأة في مجتمعاتنا تكتب وسيف الرقيب مسلط على رقبتها ومقصلة “نيكولا جاك بيليتييه” “Nicolas Jacques Pelletier” تُصقل لتظفر بإنتاجها من دون جرم ارتكب أو خطيئة.

2- ما هي أبرز إنتاجاتك؟

يتجاذب كتاباتي حقلان الأدب وعلم مقارنة الأديان وأنا بينهما أتأرجح من غير مكان قار.

– موسوعة: الديانات السماوية: الكلمات – المفاتيح (اليهودية)، منشورات مختبر حوار الحضارات ومقارنة الأديان، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سايس، فاس، 2011.
– مدخل إلى نقد التوراة، رؤية من الداخل، منشورات ديهيا، بركان، 2015
– التوراة من التدوين إلى النقد، دار الوراق، الأردن 2017
– عزرا كاتب التوراة بين الأسطورة والتاريخ، المركز الأكاديمي للأبحاث،بيروت2017
– دراسات في النص الدين المقارن، المركز الأكاديمي للأبحاث، بيروت2017
– إبداعات نسوية مغربية دار المثقف الجزائر 2017
– الدراسات الأدبية والنقدية في الوطن العربي، كتاب جماعي، الوراق للنشر والتوزيع الطبعة الأولى، عمان الأردن، 2018.
– صهيل من فلوات الأرواح دار ديهيا، بركان المغرب .2017
– التوراة من التدوين إلى النقد دراسة في سفر التكوين لقضايا الخلق والخطيئة والطوفان وبرج بابل ،المركز الأكاديمي للأبحاث بتورينتو كندا، بيروت، 2020 .
– بقايا امرأة مع دراسة نقدي منشورات مركز تنوير لتحالف الحضارات والتنمية الاجتماعية والثقافية، بركان المغرب 2020.
– خلف النافذة مجموعة شعرية، منشورات مركز تنوير لتحالف الحضارات والتنمية الاجتماعية والثقافية تحت الطبع .
– رذاذ من شفاه البوح مجموعة شعرية تحت الطبع .
– المشاركة في أكثر من ست انطولوجيات شعرية عالمية.

3- ما هي المجالات التي تفضلينها في الكتابة؟ ولماذا؟

الكتابة في حياتي نوعان: إما نصوص إبداعية أو أبحاث أكاديمية؛ الأولى تكون فطرية فهي استجابة لاندفاعة داخلية قد تكون عاطفية أو صوفية أو تعبير عن رؤية شخصية؛ هي تطواف في عالم غامض وساحر من دون تمائم أو تعاويذ، معراج في عالم علوي وبرزخ خاص، قد احتسي قهوتي في رحاب العنقاء وهي تولد من جديد؛

وقد أُلسع برماد احتراقها وأغدو في عشها مجرد وليد، وقد أحمل عن سيزيف صخرته وأتدحرج بها من دون قمة أو جبل لكن أيضا من غير لقاء أبدي أو قربان، لعل في زيارتي للخنساء ما يشد عضدي في غياب أخ لي أو بنت أنتظرها فلم تأت، أو حلم غدا سرابا، فلا يمكن أن أكون إلا أنا ولا أحد سواي لذا يبقى الشعر والقصة الأقربين في التجوال. لكنها فسح ضيقة تتسع وتصبح أكثر وضوحا في الأبحاث الأكاديمية التي تأخذ جل اهتمامي ووقتي.

كأستاذة في هذا التخصص وما يطرحه من إكراهات تعرقل المسير فندرة المصادر والمراجع تضع على عاتق المشتغلين بهذا المجال مسؤولية كبيرة، تتمثل في استنبات هذا العلم في الجامعة المغربية عن طريق تكوين باحثين متخصصين في هذا المجال؛ ولن يتأتى ذلك إلا من خلال إثراء المكتبة العربية والإسلامية بأبحاث ومصنفات علمية ذات طابع أكاديمي علمي اعتمادا على آخر المناهج واللغات سواء تعلق الأمر باللغات الأجنبية وخاصة الانجليزية أو اللغات الشرقية من عبرية وآرامية وسريانية وفارسية ويونانية…. وأي أبحاث بعيدة عن هذا الإطار تبقى أبحاثا قاصرة.

أستاذة تاريخ الأديان كلية أصول الدين جامعة عبدالمالك السعدي – تطوان

4- كيف ترين حضور ومستقبل تخصص علوم الأديان في المغرب، وفي العالم العربي والإسلامي؟

حضور علم مقارنة الأديان في العالم العربي حضور محتشم، فهو لا يزال يحبو، إذ وكما سبقت الإشارة في أكثر من مناسبة فالمغرب على الرغم من دعوته المبكرة إلى ترسيخ ثقافة حوار الأديان، والسعي، على المستوى الرسمي، إلى وضع أسسها المتينة فإنه تأخر كثيرا في الالتفات إلى علم مقارنة الأديان. ويبقى حظه من التدريس في الجامعة المغربية ضعيفا، إذ تُدرس مادة تاريخ الأديان مرة واحدة فقط في شعبة الدراسات الإسلامية، وقد نجد لها نظيرا في شعبة الفلسفة. ويتسع الاهتمام بها في كلية أصول الدين بتطوان. فالقانون المنظم لتأسيس هذه الكلية العتيدة ينص حرفيا في الفصل الثامن من المرسوم رقم 2.75.663 الصادر في 11 من شوال 1395 (17 أكتوبر 1975) الذي يحدد بموجبه اختصاص المؤسسات الجامعية وقائمة الشهادات التي تتولى تحضيرها وتسليمها: “تختص كلية أصول الدين بكل ما يتعلق بالتعليم العالي والبحث في ميدان تاريخ الديانات والعلوم المرتبطة بها”.

كما نجد لهذا العلم حضورا في دار الحديث الحسنية بالرباط، التي خضعت منذ بضعة سنوات لإصلاح على قدر كبير من الأهمية، كان من ثمراته إدراج مادة علم مقارنة الأديان في المقرر الدراسي. كما أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كان لها وعي بأهمية هذا العلم، فأدرجته ضمن مواد ماستر الدراسات الإسلامية التي تُدرس باللغة الإنجليزية في قلب جامعة الأخوين بإيفران.

وعلى مستوى الجامعات فإن الاهتمام بعلم مقارنة الأديان كان متفاوتا، وكان نتيجة مبادرات فردية في مجال الماستر، أما على مستوي العالم العربي والإسلامي. فقد أشرت في مقال لي عن “علم مقارنة الأديان في المغرب بين رهانات الواقع واستشراف المستقبل” أن إسهام الجامعات العربية والإسلامية لا يزال محدودا، نظرا لحداثتها، فعمر بعض الجامعات لا يتعدى خمسين أو ستين سنة على أحسن تقدير.

والظاهر أن مصر كانت سباقة على يد الشيخ أمين الخولي إلى تدريس مادة تاريخ الملل والنحل منذ 1935 في كلية أصول الدين بالأزهر. وتوالت بعد ذلك دراسات أو ترجمات تصب كلها في علم الأديان. الأمر الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى تقدم في دراسة الدين وفق مناهج علمية مختلفة. غير أن عوامل شتى منها، ما هو إيديولوجي سياسي، ومنها ما هو دعوي ديني أثرت سلبا في مسار هذا العلم، وأسهمت في انحساره أو تحوله إلى خطاب جاف يسعى إلى تصفية حسابه مع الديانات الأخرى، أكثر من محاولة فهمها.

وحتى لا نعمم فإن هناك استثناءات كثيرة لباحثين أفذاذ سواء في مصر أو في غيرها من البلدان العربية والإسلامية، ممن شقوا طريقا فريدا يتسم بكثير من الموضوعية والحرفية والعلمية. كما أن بعض الدول مثل الجزائر وغيرها فتحت شعبا مستقلة لعلم مقارنة الأديان.

5- لماذا تصدر الغرب الإنتاجات العلمية في علم الأديان رغم أن المسلمين كانوا سباقين إلى هذا العلم؟

لقد اهتم الغرب بهذا العلم نظرا لاقتناعه وتقديره بأهمية “التدين”، ومكانة الدين “Religion” في حياة الفرد والجماعة في كل الأزمنة والأمكنة، وزاد الاهتمام به في النصف الثاني من القرن العشرين، نظرا لما يؤديه الدين من دور جوهري في المحافظة على قيم التعايش، وفي استقرار المجتمعات وتعميق إحساسه بفشل كل النظم الوضعية، فأسست الجامعات ومراكز البحث المتخصصة في هذا المجال. وجندوا لذلك طاقات مهمة ووظفوا كل المعارف والعلوم من أجل السير به قدما نحو الريادة وقد تحقق لهم ذلك. من خلال اطلاعهم على لغات وحضارات الشرق الأدنى القديم، ودراستهم للكتب الدينية في لغتها الأصلية دون ترجمة أو وسيط.

وقد ساعدهم على ذلك تطور “اللسانيات التاريخية” “Linguistique historique” و”النحو والمقارن” “Grammaire comparée” و”علم الفيلولوجيا” “Philologie” هذا فضلا عن اهتمامهم ب”الأساطير” “Mythologie” وفك طلاسم “الكتابة المسمارية” “Écriture cunéiforme” و”الكتابة الهيروغليفية المصرية” “Hiéroglyphes égyptiens”  إلى جانب الطفرة النوعية التي عرفها “علم الآثار” “Archéologie” و”العلوم الإنسانية” “sciences humaines” ك”علم النفس” “Psychologie و”علم الاجتماع” ” Sociologie” و”علم الإنسان” ” l’anthropologie” و”فلسفة الدين” Philosophie de la religion …؛ كل هذه العوامل مجتمعة قعدت لظهور علم مقارنة الأديان في الغرب في صورته الحالية فكان له هذا الزخم الكبير من الإصدارات.

أستاذة تاريخ الأديان كلية أصول الدين جامعة عبدالمالك السعدي – تطوان

فعلم تاريخ الأديان حسب “Jordan Loues” ذلك «النشاط العقلي المنظم المتهم بدراسة الأديان نشأة وتاريخا وتطورا، وعقائد ومذاهب وطوائف، و بدراسة أثرها وتأثيرها على الواقع الإنساني في جميع أبعاده، وكافة جوانبه دراسة تقوم على مناهج علمية وتعتمد على مصادر أساسية وتهدف إلى الفهم والمعرفة قبل النقد والمقارنة». 1

علم الأديان أو تاريخ الأديان أو مقارنة الأديان هو إذن علم يجعل من الأديان الأخرى موضوعا للدراسة، وذلك باعتبارها حقائق علمية وظواهر تستحق البحث اعتمادا على منهجٍ علميٍّ رصينٍ، يصنف مادَّتها ويصفها بحياديَّةٍ تامةٍ ويستخلص معانيها.  إن علم تاريخ الأديان علم جديد، لا يتعدى عمره في الغرب مائة سنة وربما أقل، وقد نشأ هذا العلم بوصفه حقلا معرفيا مستقلاً وعلماً غير طائفي ولا ديني، وتراوحت الأسماء التي تُطلق عليه ما بين علم مقارنة الأديان وعلم الأديان وعلم تاريخ الأديان.

إنَّ هذا العلم، على اختلاف مسمياتِه، يدور حول وصفِ الأديان وصفا علميا دقيقا متسما بالموضوعية، وإلى جانب اهتمامه بمسيرة الأديان في التاريخ، يَعمدُ أيضا إلى مقارنة ظواهرها الأساسيَّة دون إغفال أي عنصر من العناصر المكونة لهذه التجربة الدينية أو تلك. وفي هذا السياق يرى محمد خليفة حسن في كاتبه تاريخ الأديان دراسة وصفية مقارنة أن علم الأديان علم أصيل في التراث العلمي الإسلامي. غير أنه لم يحظ بعناية الباحثين المعاصرين، لاسيما في الجانب المنهجي. لذلك فمحمد خليفة حسن يرى أن «علم تاريخ الأديان من العلوم الأساسية في التراث العلمي الإسلامي، بل هو علم إسلامي مهمل إذ لم يلق عناية كافية من الباحثين المعاصرين، خاصة فيما يتعلق بالجانب المنهجي الذي طوره علماء تاريخ الأديان في القرون الأولى للهجرة،..». 2

من خلال استقرائنا لعدد من المصنفات التي تزخر بها المكتبة العربية الإسلامية ككتاب أبي الريحان البيروني (ت 440 هـ) صاحب كتاب “حقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة” وكتاب أبي محمد علي بن حزم الأندلسي (ت456 هـ) صاحب كتاب “الفصل في الملل والأهواء والنحل”، وكذا كتاب السموأل بن يحيى المغربي (ت 570ه) صاحب كتاب “غاية المقصود في الرد على النصارى واليهود”، يُمكننا الجزم بأن علم تاريخ الأديان علم أصيلٌ في التراث العربي الإسلامي، وليس غريبا ومن غير أن يكون تاريخ الأديان، في صورته الغربية قد تأسس على كتابات هؤلاء العلماء المسلمين أو معاصريهم من اليهود أو النصارى سواء في الشرق العربي أو الغرب الإسلامي التي ترجمت منذ وقت مبكر إلى العديد من اللغات الأوروبية، مما شرع الباب واسعا أمام علماء الغرب المتخصصين، الذين اهتموا بدراسة المادة الدينية والفرق والمذاهب، الاطلاع على مناهج المسلمين في دراسة الأديان والملل الأخرى.

6- في نظرك، ما هي السبل الممكنة لإعادة الاعتبار إلى حوار الأديان والحضارات وعلم الأديان بصفة عامة؟

إن المعتقدات الدينية نفسها تعد مصادر هامة نستطيع من خلالها أن نستشف السبل الكفيلة لإعادة الاعتبار لحوار الأديان والحضارات، فأغلب هذه الكتب تنبذ العنف والقتل وتدعوا إلى السلم كما تزخر بعدد من المشتركات الدينية خاصة عندما يتعلق الأمر بالديانات السماوية؛ وهذا المشترك الديني إذا ما أحسن توظيفه من الممكن أن يكون الأساس الذي تنبني عليه طاولة الحوار، دون إغفال المشترك الإنساني الذي يجمع البشرية جمعاء متمثلا في وحدة المنشأ ووحدة المصير، إضافة إلى هذا تشجيع المراكز التي تسهر على تلقين المتدربين مهارات حل النزاع وإعداد قادة الجماعات الدينية ليصبحوا مديرين فعالين في حل النزاعات. دون إغفال السبل العلمية الكفيلة بذلك والمتمثلة كما أشار الدكتور دين محمد محمد ميرا في:

– إنشاء كليات للأديان تُعرف بأديان وحضارات الأمم الأخرى.
– جمع المادة القرآنية والنبوية في مجال الأديان وتصنيفها ودراستها.
– صياغة مناهج علمية تمثل الرؤية الإسلامية لعلم الأديان والحوار.
– إحياء التراث الإسلامي في مجال علم مقارنة الأديان ونفض الغبار عنه، وإعادة دراسته لنستشف منه المناهج العلمية الأساسية لتطوير هذا العلم.
– قراءة التراث الغربي قراءة جديدة وفق ما يستدعيه” علم الاستغراب ”
– الاطلاع على المناهج الحديثة المعتمدة في الغرب لتدريس علم الأديان ونقد الكتاب المقدس.
– إنشاء المراكز المتخصصة في تدريس اللغات خاصة اللغات الشرقية.
– إلى جانب إشاعة روح التسامح والتعايش في وسائل الإعلام والتواصل التي غدت تساهم في إشعال فتيل الأزمة بين الأديان والحضارات والثقافات.

أستاذة تاريخ الأديان كلية أصول الدين جامعة عبدالمالك السعدي – تطوان

7- تخصصك هو علوم الأديان، وفي نفس الوقت أنت كاتبة في الآداب وشاعرة كيف تجمعين بين هذه المجالات ؟

لا أجد أي تعارض بين البحث في علم الأديان وحوار الحضارات والكتابة الإبداعية، فأنا خريجة اللغة العربية تخصص المسرح. و أعد المزواجة بين هذه العلوم في حد ذاته غنى معرفيا، فالبحث في الأديان فتح لي آفاقا كبيرة؛ للاطلاع على تاريخ الشرق الأدنى القديم وبما يزخر به من حضارات في كل من بلاد الرافدين، وبلاد فارس، والأناضول، وبلاد الشام ومصر القديمة، فضلا عما تعرفت عليه من أديان في تلك المنطقة كالديانة البابلية الآشورية، وديانات الفينيقيين، وديانة المصرين القدامى واليهودية والأساطير العربية والزراديشية دون إغفال ديانات الشرق الأقصى من “هندوسية” “hindouisme” و”بوذية” “bouddhisme” و”جينية” “Jaïnisme ، أو “كنفوشيوسية” “Confucianisme” و”تاوية” ” Taoïsme”، وكما أشرت سابقا فإن العلوم الإنسانية التي ينفتح عليها علم الأديان كدراسة الكتب المقدسة و الأساطير وعلم النفس وعلم الاجتماع والأنتربولوجيا واللغات… تُسهم إلى حد كبير في تخصيب التجربة الإبداعية.

8- كلمة أخيرة

في الأخير لا يسعني إلا أن أشكر جريدة “العمق المغربي” على هذا الاهتمام، متمنية لكم المزيد من التألق والعطاء، وأن يعم السلم والسلام والأمن والأمان وكل عام والإنسانية جمعاء بكل خير، تحياتي والعبير.

ـــــــــــــــــــ

* 1: Jordan, Loues H.Comparative Religon : its genesis and growth (Edinbugh.1905) p 63 Sharpe Eric J .comparative Religion Ahistory (Charles Scribers soons New york1975)p.xii

* 2: محمد خليفة حسن تاريخ الأديان دراسة وصفية مقارنة، دار رؤية، القاهرة، سنة 2016 ، ص: 21

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *