أخبار الساعة

سلاحف Testudo graeca: ثروة طبيعية محلية مهددة بالانقراض (صور)

عرف مسار البشرية الطويل صراعا بين الإنسان والحيوان، فليضمن الإنسان استمراريته كان من اللازم أن يقضي بشكل أو بآخر على كل ما من شأنه أن يهدد وجوده وللأسف انقرضت العديد من الحيوانات. ولا يخفى على أحد أهمية ودور الكائنات الحية وخاصة الحيوانات في التوازن الايكولوجي على كوكب الأرض.

ونحن اليوم نوجه شراع مراكبنا نحو ما يطلق عليه باللغة العامية “الفكرون” تلك الكائنات المسالمة التي تشهد ما يسمى بالإبادة إذ لوحظ انخفاض مهول في أعدادها وتعددت الأسباب والدوافع المؤدية إلى ذلك وقد حاول فريق الصحفيين الشباب سبر أغوارها من خلال بحث جاد من خلال زيارات ميدانية للمناطق المجاورة للإقليم رغبة منهم في تنوير الرأي العام وتحسيسه بضرورة انخراطه في حملة شعارها “حماية السلاحف مسؤوليتنا جميعا”.

تمكن الفريق من العثور على بعضها بسفح جبل بوحياتي ومنبسط الفيجة، فبعضها كانت حالتها جيدة ولكن أغلبها يعاني من كسور على مستوى قوقعتها كما عثرنا على بقايا سلاحف ميتة في وسط الحقول وعلى حافة الطرقات، وتبدو على قوقعتها آثار تعرضها للدهس من السيارات، كما زرنا بعض الأصدقاء الذين يقومون بتربية السلاحف في منازلهم.

ورقة تعريفية
يعتبر هذا النوع من السلاحف والمدعو ب(la tortue mourisque أو Testudo graeca ) من بين الزواحف التي تعيش بالمغرب وبالخصوص بالشمال الشرقي وكذلك على طول حوض ملوية كما نجده في بعض مناطق نواحي مراكش، أما في سفوح الأطلس المتوسط فهو يتواجد بتغسالين اجلموس ومولاي بوعزة ونواحي ايت إسحاق بالضبط بمنطقة أوراش.

وأوضح الأستاذ موجان عبد العزيز، الطالب الباحث في سلك الدكتوراه تخصص إيكولوجيا أن “هذه المناطق تتميز بمناخها شبه الجاف إلى الجاف وهو المناخ المميز لانتشار هذا النوع من الكائنات مما يوفر لها المجال للعيش لمدة تصل إلى 100 سنة”.

وأضاف أن “هذا النوع من السلاحف تخرج بعد قضائها لفترة سبات في الشتاء في أواخر شهر مارس وأبريل وماي وذلك للتزاوج والبحث عن الطعام، فيمكن للسلحفاة الواحدة أن تضع من 1 إلى 7 بيضات تحت الأحجار أو تحت الشجيرات الصغيرة، فنظامه الغذائي عاشب غير أنه قد نجده يتغذى في بعض الأحيان على بعض الفواكه والحشرات الصغيرة والحلزون”.

وأردف الدكتور موجان أن “هذه السلاحف تختلف من حيث الحجم، الوزن والألوان، فمكانها الأصلي يفسر شكلها ولونها الذي يتراوح من البني الداكن إلى الأصفر المشرق، مشيرا “يلاحظ تفاوت في أعداد هذا النوع بشكل كبير بحسب المناطق الجغرافية في المغرب، وقد كانت أعدادها وافرةً، إلا أنَّ جمعها بغرض الاتّجار بها قد أدى إلى انحدار أعدادها بشكل هائل”.

الأخطار التي تهدد السلاحف البرية
انتقل فريق الربورتاج إلى المدرسة العليا للتكنولوجيا حاملا معه أسئلة تتعلق بالمخاطر التي تهدد السلحفاة البرية بالإقليم فكان لنا لقاء مع الدكتور محمد خافو متخصص في البيولوجيا الذي اطلعنا على مجموعة من التهديدات قائلا “أن هذه الكائنات تكون نشيطة عندما تكون الظروف المناخية في محيط عيشها ملائمة تتراوح بين 12 إلى 25 درجة، وفي حالة التغيرات المناخية غير ملائمة تدخل السلاحف البرية في سباتها”.

وأكد أن “هذه السلحفاة تواجه العديد من المخاطر ومن بينها الدهس في الطرقات التي تسبب لها كسور وتشوهات على مستوى قوقعتها ومن هذه الحوادث ما قد يسبب لها في الموت، حيث أحصى الأستاذ ذاته مقتل 5 سلاحف في طريق اكلموس واداروش واركو في أقل من 20 يوما خلال شهر فبراير 2021، معززا جوابه ببعض الصور التي التقطها على تلك الطرقات.

علاوة على ذلك، أوضح الأستاذ محمد خافو وجود أحد الأخطار المنتشرة بكثرة وهي الاتجار بهذه السلاحف من طرف العشابة وكذا استعمالها في أعمال الشعوذة.

وأضاف أنه “تم وضع قانون 29.05.2005 لمنع الاتجار بالسلاحف ومعاقبة من حاول المتاجرة في الحيوانات المتوحشة، وتوقيع المغرب على اتفاقية واشنطن لسنة 1978 لمنع تهريب الحيوانات.”

وبعد اتصلنا بالأستاذ محمد وشا مؤطر بمركز التربية البيئة الذي تشرف عليه جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب -فرع خنيفرة- فقد أكد أن “السلحفاة البرية Testudo. Graeca تهددها عدة أخطار من طرف المزارعين الذين يتسببون في إصابتها بأضرار بليغة في قوقعتها نتيجة لاستعمالهم للآلات الزراعية”.

وأضاف أن “الحرائق وتحويل المجالات الغابوية إلى أراضي زراعية وكذا تربية الساكنة لهذا النوع من الكائنات داخل منازلهم، نظرا لأنها سهلة في التربية ولكونها حيوانات أليفة عاشبة غير مزعجة وغير مكلفة في تغذيتها ولا تسبب أي خطر مقارنة بتربية حيوانات أخرى.

بالإضافة لما أصبح متداولا في الثقافة الشعبية فهذه السلحفاة مفيدة للمصابين بالربو أو ضيق التنفس و علاج الاكتئاب فكل هذا من شأنه أن يؤثر على السلحفاة فغالبا ما تموت لكونها تعيش بعيدة عن وسطها الطبيعي، فهي تكون أكثر نشاطا في الأماكن الطبيعية المفتوحة التي تتيح لها حرية التحرك وانتقاء حاجياتها الغذائية واختيار مسكنها.

وقد وضع الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) هذه السلحفاة ضمن القائمة الحمراء للأنواع المهددة بخطر الانقراض، فللمحافظة على هذا النوع ماذا يجب أن نفعل؟

الحلول الناجعة للحفاظ على هذا النوع من السلاحف

نظرا لأهمية السلاحف البرية وغيرها من الكائنات الحيوانية في المحافظة على التوازن الطبيعي، وضرورة الحفاظ عليها، وحمايتها، اتصلنا بمنسق البيئة بمركز التربية البيئية الذي تشرف عليه جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب – فرع خنيفرة-السيد حوسى جبور- الذي قدم مجموعة من الإجراءات بدأها بالتأكيد على:

-إنشاء جمعيات بيئية للحفاظ على هذا النوع من السلاحف، وجعلها أيضا من الكائنات الواجب دراستها و العناية بها كأي نوع من الكائنات الحية الأخرى.

-وضع قوانين زجرية لمعاقبة كل من سولت له نفسه القضاء على هذا الكائن الحي أو الإتجار به، وأيضا معاقبة كل المخالفين المتسببين في تدهور التنوع الحيوي الذي يميز به إقليمنا نباتيا وحيوانيا ومائيا.

-اعتماد مقاربة تشاركية مع المجتمع المدني وساكنة الجماعات القروية من اجل حماية السلاحف البرية داخل محيطها الحيوي وتجنيبها للأخطار التي تهددها أثناء عبورها للطرقات.

-إنشاء محميات بمواصفات عالمية لتربية هذا النوع من السلاحف ضمن وسط طبيعي مناسب و توفير شروط العيش له.

-تكثيف الحملات التحسيسية وذلك بتوعية الساكنة بضرورة حماية هذا النوع من السلاحف والمحافظة عليها باعتبارها من الحيوانات المدرجة في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض التابعة للاتحاد الدولي لصون الطبيعة(IUCN) ولما لا إدراجه ضمن المقررات الدراسية للتعريف بها وبدورها بالمنظومة البيئة.

وفي ختام تصريحه، دعا إلى ضرورة المحافظة على الموائل الطبيعية للسلحفاة البرية بالتقليل من قطع الغطاء النباتي وعدم رمي النفايات في الغابات و تجنب إضرام الحرائق فيها لأنها تعتبر أوساط طبيعية لهذه الكائنات.

 

*من انجاز تلاميذ ثانوية طارق التاهيلية بمدينة خنيفرة، في إطار برنامج “الصحافيون الشباب من أجل البيئة 2021” 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *