منوعات

الحاسة السادسة.. تعرف على الإشارة الخاصة بحدسك

يقول علماء النفس، إن الحدس ظاهرة بديهية لا تلجأ إلى المنطق العقلي، وهو ما يجعلنا نفترض أننا نملك نظامًا فكريًا يعتمد على سيرورات أخرى غير عمليات الذكاء العقلاني، ومع ذلك هل يمكننا أن نعتمد على الحاسة السادسة هذه؟.

وردا على على هذا السؤال؛ لا يزال معظم العلماء يقولون: لا ! فالحدس منبثق من العدم، ولا يمر عن طريق أي من الحواس الخمس، وبالتالي لا معنى له عند هؤلاء العلماء. ومع ذلك فقد أجرى بعض الباحثين في علم ما وراء النفس، دراسات وأبحاثا على هذه الظاهرة المثيرة.

تجربة مدهشة

في العام 1998 قام طبيبان شهيران في طب الأعصاب، أنطونيو داماسيو، وأنطوان بشارة، من خلال عملها على ردود فعل الجهاز العصبي أثناء اتخاذ القرارات “الخطيرة”، باختبار تجربة مدهشة في كلية الطب في جامعة أيوا، بالولايات المتحدة الأمريكية. حيث وُضع 16 شخصًا في مواجهة 4 لعب ورقية مقلوبة. وقد حصل كل لاعب على رهان أولي قدره 2000 دولار.

واحتوت جميع الألعاب على جميع الأوراق الرابحة وأوراق أخرى خاسرة، وعندما يكون أحد المشاركين على وشك أن يسحب ورقة رابحة يتفاعل جهازه العصبي بشكل طبيعي، لكن على العكس من ذلك، يبدي هذا اللاعب شعورًا بالذعر من خلال إرسال “إشارة إنذار” عندما يكون على وشك أن يسحب ورقة “سيئة”. كما لو كان عقله قادرًا على أن “يستشعر” مسبقًا الورقة الجيدة، أو الورقة السيئة.

استنتاج

وخلص طبيبا الأعصاب داماسيو وبشارة، بأن آلية لاشعورية توجه السلوك، وأنه يجب أن تضاف هذه الآلية المستقلة عن الوعي إلى الآليات المتعارف عليها، والمعترف بها في مجال الفكر العقلاني.

ومنذ هذا الاكتشاف أصبح الحدس موضوع بحث حقيقي، فالعديد من المختبرات تعمل الآن على دراسة ملكة “الشعور المسبق” هذه.

وبحزم يقول مدير قسم علم النفس، بجامعة أمستردام، ديك بيرمان:”تؤكد تجاربنا أن أذهاننا قادرة على توقع الأحداث قبل وقوعها، وعلى القفز في المستقبل، وعلى تحذيرنا من خطر وشيك”.

فك الإشارات

اعترف جورج سوروس، وهو رجل أعمال مجري، أنه لكي يدير محفظته المالية لا يتصرف بعقلانية، فكل استثمار مالي في غير موضعه اللائق يسبب له آلامًا حادة في الظهر. وهذه الإشارة تنبئه بأن الأمور تسير بشكل خاطئ … لكن لكل شخص “استشعاره الجسدي الشخصي”.

ويمكن لأي شخص أن “يشتم” خطرًا وشيكًا من خلال جسده – قشعريرة، عقدة في المعدة، أو الشعور على الفور بعامل جذب أو رفض، أو سماع فكرة تفرض نفسها بقوة، أو رؤية صورة أو رمز …

ويقول الخبراء: بان يتم التعرف على الحدس أيضًا من خلال طابعه المُبهر. والعثور فجأة على حل لمشكلة ظللت غارقًا في البحث عنها شهرًا كاملاً أمر منطقي. لقد قام دماغك بفرز كمية من المعلومات، ومن حيث لا يدري وصل إلى استنتاج. فهو إذن يجيب على سؤال.

الإجابة قبل السؤال

أما بالنسبة للحدس فالأمر هو العكس تماما، فأنت تحصل على الجواب قبل السؤال. جوزفين، المسؤولة عن الاختيار المسبق للطلاب في إحدى المدارس الثانوية تلاحظ قائلة “ما إن يدخل الطلاب الصف حتى أعلم إن كانوا مؤهلين أو غير مؤهلين لمتابعة منهاجنا الدراسي. لا أقول شيئًا، وأترك لأعضاء هيئة التدريس اتخاذ القرار. منذ عشرين عامًا، لم أخطئ أبدا !”.

كن متاحًا

وتعتبر الطبية المُعالجة الأسترالية، جودي جي، الحدس ليس كأداة خفية مقصور على فئة معينة، ولكن باعتبارها وسيلة لإعادة الاتصال مع مشاعرنا العميقة الكامنة، وبالتالي فهي أداة لتعزيز ثقتها بنفسنا.

وتقول جودي: “طلابنا المتدربون يشعرون في داخلهم بشيء يسعى لأن يعبّر عن نفسه، ففي بعض الأحيان يشعرون بتجارب تنبئية، أو تراودهم أحاسيس جسدية غريبة، لكن جميعهم يشعرون أن هناك ضرورة ملحة لإجراء اتصال مع ذلك الجزء من أنفسهم”.

وبالنسبة لهذه المعالجة الأسترالية، فإن هذه العملية تعني أن يكون الطالب “متاحًا”، من خلال “خلق فراغ داخلي”، لكن هذا “الارخاء” يعني أن يلتقي الشخص مع نفسه، ولكنها مغامرة من الصعب اتخاذها أحيانًا.

4 وظائف نفسية

يقول الطبيب النفسي السويسري الشهير، كارل غوستاف يونغ، مؤسس علم النفس التحليلي، إنه لكي يتم التعرف على العالم الخارجي يستخدم وعينا 4 وظائف نفسية: الإحساس، والفكر، والعاطفة والحدس. فالوظائف الثلاث الأولى وظاف عقلانية ، فيما الحدس يقدم معلومات إضافية، لا يمكن الوصول إليها عن طريق الحواس الخمس.

التأمل

يقول خبراء علم النفس، إن هناك عدة تقنيات لتنمية الحاسة السادسة، كالإصغاء إلى الأحاسيس الفسيولوجية، وإيلاء الاهتمام لجميع ردود الفعل الصادرة عن الجسم، والهدوء، وهو اللجوء إلى لحظات من العزلة يوميًا، لمواجهة الذات.

لكن التأمل يظل هو الوسيلة الأكثر فعالية للوصول إلى عالم الطاقات الكامنة التي لا يمكن إدراكها بالحواس الخمس. فالتأمل بانتظام يجعل العقل أكثر شفافية، ويوفر مساحة داخلية من الإمكانيات.