خارج الحدود

هل سيثبت القضاء استقلاليته؟.. ترقب بإسبانيا لمثول غالي أمام قاضي التحقيق

تترقب إسبانيا، غدا الأربعاء، مثول زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية، إبراهيم غالي، أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الوطنية بمدريد، سانتياغو بيدراز غوميز، بعدما وجه مذكرة للاستماع إليه على الساعة العاشرة والنصف، إثر شكوى تقدم بها المعارض فاضل بريكة الذي يحمل الجنسية الاسبانية، وفقا لوسائل إعلام إسبانية.

ويتهم بريكة، وهو قيادي سابق البوليساريو ويعيش حاليا في إسبانيا ويحمل جنسيتها، إبراهيم غالي بـ”الاختطاف التعسفي والاعتقال والتعذيب في سجون مخيمات تندوف لقرابة 5 أشهر دون محاكمة”، قبل الإفراج عنه في 10 نونبر 2019.

وأوضح بريكة في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية “لاماب”، قائلا: “تم اختطافي قرابة خمسة أشهر وتعرضت للتعذيب في سجون مخيمات تندوف لسبب بسيط، هو أنني طالبت بالكشف عن مصير أحمد خالد الذي اختطف من قبل المخابرات الجزائرية منذ يناير 2019”.

وأضاف: “لقد نددت أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي بتجنيد الأطفال من قبل جبهة البوليساريو وأعمال العنف التي يرتكبها قادتها”، مسترسلا: “من خلال هذه الشكاية ومثول غالي وغيره من قادة البوليساريو أمام القضاء، أطالب بتحقيق العدالة لجميع ضحايا فظائع البوليساريو”.

وفي نفس السياق، قرر قاضي التحقيق ذاته الاستماع إلى سيد أحمد البطل، وهو ضابط أمن كبير في مخيمات تندوف، إلى دانب البشير مصطفى السيد، حيث قرر قاضي التحقيق الاستماع إليه في 7 ماي الجاري.

غالي الموجود حاليا في مستشفى في “لوغرونيو” بإسبانيا، استقبلته سلطات مدريد بهوية جزائرية مزورة، وذلك بسبب مخافة اعتقاله بسبب وجود عدة شكايات في إسبانيا تتهمه الاغتصاب والتعذيب والإبادة الجماعية والاختطاف.

وصدرت مذكرة توقيف في حق المسمى إبراهيم غالي من قبل السلطات الإسبانية في العام 2008، وفي العام 2013 وجهت إليه المحاكم الإسبانية لائحة اتهام طويلة.

وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، محمد العمراني بوخبزة، أن الحكومة الإسبانية أخطأت اللحظة وجانبت الصواب بشكل كبير جدا، على اعتبار أنها مست بأحد أسسها التي تروج لها، وهي أنها دولة المؤسسات والحق القانون واستقلالية القضاء، في حين مست الحكومة بهذه الشعارات عندما استقبلت غالي بطريقة العصابات عبر استعمال وثائق مزورة.

واعتبر بوخبزة أن ما أقدمت عليه إسبانيا ستكون له انعكاسات على العلاقات مع المغرب، مشيرا إلى أن قبولها بدخول غالي بمثابة إعلان موقف سياسي بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، رغم أنها تروج لالتزامها بالقرارات الأممية في هذا الملف، مشددا على أن إسبانيا مطالبة بتصحيح هذا الخطأ الفادح واتخاذ خطوات في هذا الصدد.

وأوضح المتحدث في تصريح لجريدة “العمق”، أن إسبانيا بهذه السلوكيات كأنها تتموقع في نزاع الصحراء، مشيرا إلى أنها ليست سلوكيات منعزلة، إذ كان رد فعلها سلبيا بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، إلى جانب انتقادها لتصريح رئيس الحكومة المغربية بخصوص قضية سبتة ومليلية.

كما أن خطوة إسبانيا، يضيف بوخبزة، ستكون لها انعكاسات بخصوص طبيعة علاقة حكومة مدريد مع السلطة القضائية، على اعتبار أن حكومة سانشيز تحايلت على القضاء واستقبلت غالي وهي تعلم أنه مبحوث عنه من طرف العدالة الإسبانية، بل ووافقت على استعمال اسم مستعار ووثائق مزورة من أجل دخوله، وفق تعبيره.

واعتبر الأستاذ الجامعي أن المسؤولين الإسبان ما زالوا مرتهنين للفترة الاستعمارية، والسماح بدخول غالي بهوية زورية يكشف أنهم لم يتخلصوا بعد من الخلفية الاستعمارية، وهو ما سيؤثر بدون شك على طبيعة العلاقات مع المغرب الذي أضحى يتمتع بمكانة دولية واستطاع فرض نفسه بسياسة ودبلوماسية مغايرة.

يأتي ذلك بعدما صعد وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، من لهجته تُجاه إسبانيا، مشيرا إلى أن المملكة لا زالت تنتظر “ردا مرضيا ومقنعا” من طرف الحكومة الإسبانية بشأن قرارها الترخيص لزعيم جبهة البوليساريو، المتابع من طرف العدالة الإسبانية، بالدخول إلى ترابها.

وقال بوريطة في حوار مع وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية “إفي”، اليوم السبت، إن المغرب لم يتلق حتى الآن إجابات من مدريد على الأسئلة التي طرحها ضمن بلاغ نشره الأحد الماضي، مضيفا: “هل ترغب في التضحية بعلاقتها مع المغرب من أجل هذا الشخص؟”.

وتساءل الوزير بنبرة غاضبة: “لماذا اعتبرت السلطات الإسبانية أنه لا داعي لإبلاغ المغرب؟، لماذا فضلت التنسيق مع خصوم المغرب؟، هل من الطبيعي أن نعلم بهذا الأمر من الصحافة؟”، مضيفا: “هل كانت إسبانيا ترغب في التضحية بالعلاقات الثنائية بسبب حالة إبراهيم غالي؟”.

ويرى بوريطة أن هذه القضية “تشكل اختبارا لمصداقية علاقتنا وصدقها، وحول ما إذا كانت تشكل مجرد شعار”، مشيرا إلى أن المغرب لطالما ساند إسبانيا في مواجهة النزعة الانفصالية بكاتالونيا.

وتابع قوله: “عندما واجهت إسبانيا النزعة الانفصالية، كان المغرب واضحا للغاية وعلى أعلى مستوى: حيث رفض أي اتصال أو تفاعل معهم وتم إبلاغ شركائنا. وعندما طلب منا الكتالانيون استقبالهم في الوزارة، طالبنا بحضور شخص من السفارة الإسبانية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *