سياسة

تقرير النموذج التنموي الجديد.. يحياوي: غير لائق أن تأكلوا الثوم بفم الأحزاب

انتقد أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العامة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، مصطفى يحياوي، تحميل الأحزاب وحدها مسؤولية عرقلة التنمية، في تقرير لجنة النموذج التنموي، قائلا “دعونا نتنفس بأمل الديمقراطية، غير لائق أن تأكلوا الثوم من فم الأحزاب”.

وقال يحياوي، في سلسلة تغريدات على “تويتر”، إن عبارة (لا شيء يُنتظر من القادة السياسيين) لا تناسب مهام لجنة تشكلت بغاية اقتراح أرضية تنطلق مع مكتسبات البناء الديمقراطي المتدرج لدولة لا مناص فيها على أحزاب تتنافس لنيل شرعية تمثيل الأمة. مستقبل المغرب في دولة تستمد قوتها من قوة أحزاب قادرة على التناوب على السلطة”.

وأشار يحياوي إلى أن عبارة “لا شيء يُنتظر من القادة السياسيين” لم ترد صراحة في نص التقارير المنشورة حول عمل اللجنة المكلفة بالنموذج التنموي الجديد؛ وإنما هي “خلاصة قراءات صحفية لنتائج استطلاع آراء المواطنين على منصة اللجنة”.

واعتبر يحياوي أن الملكية هي الحاضنة الجامعة الساهرة على الحفاظ على الإرث السياسي الذي راكمته أجيال من أجل مكسب ديمقراطية قائمة على تقسيم للعمل، فيه للأحزاب وظائف مؤسساتية تستمدها من الدستور وعبر صناديق الاقتراع”.

واسترسل “أخشى أن تقرأ هذه العبارة -سياسيا- بذات المنطق الذي قرأت به افتتاحية المرحوم عبد الكريم غلاب بعيد انتخابات 2002، حيث عنون افتتاحية مع الشعب بعبارة (مول نوبة)، إيحاء بضرورة قيادة حزب الاستقلال للحكومة في إطار التناوب مع الاتحاد الاشتراكي الذي قاد تجربة التناوب التوافقي، أي أن يفض الخلاف بين حزبين باختيار ثالث يجعل من اللجوء إلى التقنوقراطي واقع حال”.

وتساءل أستاذ الجغرافيا السياسية؛ لماذا لم يتنبه مثقفو الجامعة المغربية أعضاء اللجنة إلى مخاطر هذا التقدير الخال من أي تفسير علمي رصين للأزمة المزمنة التي تعيشها الأحزاب المغربية حتى أصبحت عرضة لتحرشات تسيء إلى جوهر الطموح الديمقراطي التي توارثته الأجيال خلال 70 سنة السابقة؟

وأشار يحياوي إلى ما ورد في تقرير لجنة النموذج التنموي، “تقـود العمـل السياسـي تحالفـات ظرفيـة لا تسـتند الـى رؤيـة وأهـداف مشـتركة، تتولـد عنهـا توتـرات متكـررة واحتقانـات وتباطـؤ داخـل الأغلبيـة الحكوميـة ممـا يتبايـن مـع الانتظـارات المسـتعجلة”، وتساءل عن حدود مسؤولية الأحزاب.

وأوضح أنه لا يمكن إنكار مسؤولية قيادات جل الأحزاب على ما آل إليه المشهد الحزبي من ضعف ووهن، واستدرك بأن “معادلة المصالح وتركيب ميزان القوى لا تنتهي عند هذا الجزء الظاهر من المسؤولية. هناك نسقية سببية مغفلة في التحليل وهي تخص الطرف التقنوقراطي الذي له جزء أيضا من المسؤولية”.

وعلق يحياوي على العبارة الواردة في التقرير “تداخل السلطة السياسية مع المال له تداعيات مضرة بالاقتصاد وبالحكامة.”، قائلا “إذا قدرنا أن هذا التشخيص صحيح، فمن يتحمل المسؤولية في هذا التنازع وتضارب المصالح الذي يعتبر مصدر قلق مستمر؟ وكيف تورطت الأحزاب في ذلك؟”.

وواصل الأستاذ الجامعي تساؤلاته “كيف يمكن أن يفهم القارئ هذه العبارة الواردة في ص 264 من تقرير المذكرات: لا تزال مسألة تعيين رئيس الحكومة تثير الكثير من الجدل (الفصل 47 من الدستور) بشأن صعوبة تشكيل تحالفات منسجمة ومحتوى هذا الفصل الذي يعزى إليه هذا المشكل.”

واسترسل “فيزيد النص صعوبة في فهم مراده السياسي وغاياته حينما يقول: يعزى غياب الانسجام إلى عدة عوامل في المشهد السياسي، ونظام التصويت وتحديد الدوائر الانتخابية ومعايير تشكيل الحكومة.”، متسائلا: كيف للأحزاب أن تتحمل مسؤولية آليات تقنية تتحكم فيه بشكل يكاد يكون حصريا حسابات الجهاز الإداري للدولة؟

وانتقد يحياوي أيضا ما ورد في التقرير من اعتبار أن الوضعية التي تعيشها الائتلافات الحكومية ساهمت في “إبطاء وتيرة الإصلاحات وفي خلـق أجواء عميقة مـن عـدم الثقة، فـي ظـل ظـروف يطبعها تباطؤ النمو الاقتصادي وتدهور جودة الخدمات العمومية”.

وفي سياق متصل، تساءل يحياوي، هل بالضرورة السياسية أن توقع الأحزاب على ميثاق “الانخراط” في النموذج التنموي الجديد؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، أليس من الحري والأجدى أن تفتح القيادات الحزبية نقاشا داخليا ينتهي بمصادقة الهيئات التقريرية على ضرورة التوقيع من عدمه؟ وأليس أيضا من المفيد سياسيا أن يؤجل التوقيع إلى ما بعد الانتخابات؟

واعتبر أن كل هذه الأسئلة “لحماية جزء مهم مما تبقى من مكتسبات مسار التنافس الحزبي، أي الشرعية والمشروعية الانتخابية، وبتحصيل حاصل تحمى الهبة الدستورية للأحزاب من مخاطر الزوال أو على الأصح موت الغدر!!!”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *