سياسة

أوريد: إسبانيا تنظر للمغرب كعدو محتمل وسوء فهم تاريخي يجثم على العلاقة بين البلدين

قال المفكر المغربي، حسن أوريد، ضمن لقاء دراسي نظمه فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، الخميس، إن إسبانيا لاتزال تنظر إلى المغرب على أنه “عدو محتمل”، لأن هناك نزاعا حول سبتة ومليلية المحتلتين، مضيفا أن هناك سوء فهم تاريخي لا يزال يجثم بظلاله على البلدين.

وأضاف أوريد أن إسبانيا ترى بأن المغرب أثر في تاريخه منذ الأندلس المسلمة وحتى القرن العشرين، الذي يعتبره الإسبان “قرنا إسبانيا” منذ معركة “أنوال” التي غيرت البنية السياسية في إسبانيا وأنهت الملكية وكانت لها تداعيات كبيرة على إسبانيا إلى الحرب الأهلية التي ألت إلى فرانكو وكان انغمار المغاربة حاسما في هذه المعركة ولذلك ينظر الإسبان إلى أن المغرب جزء من مخيالهم وفاعل في مسارهم.

وأبرز، خلال اللقاء الدراسي الذي نظم حول موضوع «الأزمة بين المغرب واسبانيا .. السياق والمآل» أن المخيال الإسباني إلى الآن ما يزال تحت وطأت مخلفات التاريخ سواء النظرة إلى ما يسمى بالمورو أو حروب الاستبداد، مشيرا إلى أن اسبانيا تسقط أحيانا في تعاملها مع المغرب ما لا تستطيعه مع فرنسا، وهو ما فسره أوريد، بأنه “ربما الغيرة التي قد تستشعرها حيال فرنسا وجارها المتقدم فرنسا كانت تصرف نحو المغرب”.

وشدد صاحب رواية “ربيع قرطبة”، أنه يفترض تجاوز هذا الإرث التاريخي فيما عرفته اسبانيا من تحولات بعد وفاة “فرانكو” ونهاية “الفرانكوية” وتبني دستور 1978 أو ما يعتبره المرحوم المساري “إسبانيا جديدة”، مضيفا أنه “كان من المفترض تجاوز إشكالات التاريخ والحال أن هناك رابطا بين المغرب واسبانيا بأدوات قانونية ومنها معاهدة التعاون وحسن الجوار التي أبرمها المغرب سنة 1991”.

ولكن حقيقة الأمر، يضيف أوريد، “هو أن العلاقات بين البلدين رغم وعي المغرب بأنها إستراتيجية، لم تكن دوما رخاء، وكان تعتريها أزمات ويكتنفها ما يسميه العربي المساري تعارف قليل رغم خبرة أكبر”، مبرزا أن إسبانيا تريد أن تكون جسرا بين الشرق والغرب وتنادي بتحالف الحضارات وهي تدرك حتما بأن الطريق يمر بالمغرب مثلما أن المغرب يريد أن يكون جزءا من العالم المتطور ويدرك أن إسبانيا هي الطريق”.

وبحسب أوريد، فإن الرؤية التي صاغها من كان وزيرا للخارجية الإسبانية عقب دستور 1978، حيث كان الاشتراكيون في الحكم، والذي أسفر عن رؤية اسبانيا وما ينبغي أن تكون عليه علاقة اسبانيا حيال المملكة بالنصح بأن يبقى المغرب دائما منشغلا، لأنه ينظر إليه كمصدر إزعاج، لذلك من أجل أن تكون اسبانيا في منأى عن أي إزعاج يجب الإبقاء على المغرب منشغلا والنظر إليه كعدو محتمل لأن هناك نزاعا حول سبتة ومليلية.

وعرج أوريد على مجموعة من القضايا التي أزمت العلاقات بين البلدين خلال العشرين سنة الماضي، أولها ملف الصيد البحري، بعد اعتلاء الملك محمد السادس للعرش، حيث كانت الاتفاقية ستنتهي عمليا في 1999، وكان الإسباني يلحون على ضرورة تجديد الاتفاقية، وكان المغرب عرضة لضغوط رغم أن الإبقاء على الاتفاقية مجحف لحقوقه.

عقب ذلك، يضيف صاحب رواية “الموريسكيون”، نشبت أزمة كان يمكن أن تتطور الى ما لا يحمد عقباه عندما غيرت الواقع في جزيرة تقع في عرض جبل طارق المعروفة بالأمازيغية بـ”ثاورا” وكان الأمر سيفضي إلى احتدام المشكل والحال كذلك ينبغي أن نذكر بأن ذلك وقع بعد أحداث 11 شتنبر وصياغة مخيال جديد وكان الحزب الاشتراكي له يد في صناعة هذا المخيالة حول الإسلام والمسلمين.

من هذه الأزمات، أيضا، أشار وريد إلى تنظيم استفتاء صوري لـ”الشعب الصحراوي”، ثم موقف إسبانيا المتذبذب سنة 2007، حينما قدم المغرب مقترح الحكم الذاتي، ولم تظهر إسبانيا حماسا على خلاف فرنسا وأمريكا، رغم أنه في الكواليس كانت تدعم الحكم الذاتي وهو ما ينعت بالتعبير الإسباني بـ”شمعة للرب وشمعة للشيطان”.

وأردف المفكر المغربي، أنه في دجنبر 2009 انفجرت أزمة “أميناتو حيدر” والتغطية الإعلامية التي حظيت بها الحادثة، في حين لم يكن موقف إسبانيا يتسم بالموضوعية وكان منخرطا، إلى 2010 إثر أحداث اكديم إزيك والتي طالب خلالها الحزب الشعبي بلجنة تحقيق وهو الأمر الذي اعتبر غير ذي بد.

وزاد أوريد قائلا: “ناهيك عن التحرشات التي يتعرض لها المغاربة في المعابر وأعمال العنصرية والتحرشات التي تطال رموز الدولة أحيانا، مثل تحليق طائرات مروحية في ظروف معينة وسياق معين”.

وأوضح المتحدث، أنه “في خضم هذا السجل عرفت اسبانيا حادثا مأسويا في مارس 2004 وهو التفجير الإرهابي الذي ضرب محطة القطار وكان المغرب آنذاك قد تعرض لزلال في الحسيمة ولكنه كان أول دولة تندد بالعمل الإرهابي وتهب لمساعدة إسبانيا”.

وأدرج أوريد في سجل الأزمات بين البلدين، آخر موقف يتسم بما تفرضه العلاقات الإستراتجية وهو موقف المتردد بعد أن اعترفت الولايات بمغربية الصحراء ولكن انخراط إسبانيا من أجل التأثير سلبا على الولايات المتحدة وفي أوروبا، إنتهاء باستقبال زعيم البوليساريو وهي النقطة التي أفاضت الكأس.

وخلص المفكر المغربي حسن أوريد، إلى أن “هناك سوء فهم تاريخي بين إسبانيا والمغرب، وكما أنه في العلوم النفسية نضطر إلى استفسار الماضي لابد أن نلجأ إلى الماضي الذي قد يسعفنا في فهم سوء التاريخي هذا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *