اقتصاد، مجتمع

خرق القانون والعبث بالمال العام .. هكذا تساهم “العمران” في إذكاء الاحتقان الاجتماعي

على مدى سنوات دأبت مجموعة العمران وشركاتها الجهوية على خرق القانون بشكل متكرر وفي أكثر من مدينة حيث عرفت العديد من المشاريع التي أطلقتها مشاكل جمة لم تحل إلا بعد سنوات من الأخذ والرد بين مختلف الإدارات المتدخلة وخاصة الجماعات الترابية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، وتتسبب بالتالي في هدر مزيد من المال العام والجهد والوقت.

يظهر ذلك، في العدد الكبير من المشاريع التي تلقت فيها العمران ملاحظات كثيرة من قبل هذه الإدارات، بخصوص عدم توافق مشاريعها مع ضوابط التعمير والعيوب القانونية التي تشوبها، وهكذا تتدخل الإدارات المعنية إلى إلزام العمران بالقيام بما يفرضه قانون التعمير قبل أن تشرع في تسويق منتجاتها واستخراج الرسوم العقارية.

خروقات متكررة

قبل أشهر وجهت العمران طلبا للموافقة على تصميم تجزئة “العين الزرقاء” بمدينة تيزنيت المنشأة من قبلها، وذلك من أجل تسهيل مأمورية تصحيح وتسوية وضعية تصميم التجزئة المذكورة والوثائق المرتبطة به بعد جملة من الخروقات التي ارتكبتها العمران. وقد كان موضوع الخروقات التي ارتكبتها العمران بهذه التجزئة، محل مناقشات في اجتماعات عديدة على مستوى مصالح عمالة تيزنيت وكذا الجماعة الترابية والمحافظة العقارية. وخلال الاجتماع الأخير الذي عقد قبل أسابيع، قررت لجنة تضم مختلف المصالح المتدخلة، مراسلة العمران ردا على طلبها، قصد إدراج الملاحظات الأساسية التي تهم ضرورة تصحيح الخروقات القانونية والمسطريّة المعيبة في تصميم التجزئة قبل أن تتم المصادقة عليه.

وكانت اللجنة المعنية التي تضم مختلف المصالح المتدخلة في مجال التعمير، قد أوصت في اجتماع سابق بضرورة العمل على حل هذا المشكل والبحث عن الصيغة الممكنة لتمكين المستفيدين من مفاتيح المنازل إلى حين تسوية وضعية تصميم التجزئة والوثائق المرتبطة به مع الإدارات المعنية.

قاعدة “مقدسة”

تكشف الوثائق التي تتوفر عليها “العمق” أن  قاعدة تكرار الخروقات القانونية والمسطرية وتأخير المشاريع وإذكاء الاحتقان الاجتماعي، أصبحت قاعدة “مقدسة” لدى العمران، وترسخت لديها على مدى سنوات.

يكشف محضر اجتماع يعود تاريخه إلى سنة 2017 عن جملة من الخروقات القانونية والمسطريّة التي ارتكبتها العمران في عدد من التجزئات والمشاريع السكنية في عدد من المدن، وهي الخروقات التي لا زالت تتكرر وبنفس الطريقة إلى اليوم في مشاريع أخرى.

وعلى سبيل المثال نورد عددا من المشاريع التي عرفت حينها هذه الخروقات؛ كمشروع “توريسمو” بمدينة الحسيمة، حيث رفضت الجماعة الترابية منح ترخيص التجزئة لاستخراج الرسوم العقارية للتجمعات السكنية، وبعدها حصلت العمران على التسليم المؤقت الذي مكنها من استخراج الرسوم العقارية، بعد أن تمت تسوية وتصحيح الخروقات المسجلة.

وفي الاتجاه نفسه، عرف مشروع مدن بدون صفيح بتارغيست مدينة الحسيمة، حينها، صعوبات في تسجيل عقود التفويت بالكناش العقاري لدى المحافظة العقارية بالحسيمة بسبب عدم جاهزية القرار الجماعي المتعلق بالمصادقة على أثمان التفويت وفقا لالتزامات الطرفين في الاتفاقية.

وتسجل عددا من المشاريع التي تطلقها العمران مشاكل عديدة منها ظهور بنايات بعقارات تجزئات سكنية قبل خلق واستخراج الرسوم العقارية، مما يجعل تصميم التجزئات التي تعتمده العمران لدى الإدارات المعنية يكون مخالفا للواقع، الأمر الذي يتسبب في ضرورة اتخاذ إجراءات مسطرية جديدة قصد مطابقة التصميم للواقع نتيجة التغييرات التي تلحق التجزئات السكنية.

وعرفت عمليات أنجزتها العمران، بناء بنايات من طرف المستفيدين من البقع قبل خلق الرسوم العقارية واستخراجها. وفي هذا الصدد تفرض مصالح المسح العقاري والخرائطية شواهد المطابقة لهذه البنايات مع وثائق التعمير الحضرية. كما تفرض على العمران تسوية وضعية البنايات المشيدة من طرف المستفيدين، مع ما يترتب عن ذلك من تحملات مالية تتحملها العمران.

تراكم المشاكل وتأخر المشاريع عرفه أيضا مشروع الزيتون 4 بمدينة خريبكة، وهو مشروع بدأت أشغاله منذ سنة 2014 وانتهت في سنة 2014 غير أنه بعد ثلاث سنوات وفي سنة 2017 كان لا يزال يعرف عدة مشاكل، خاصة بفعل وجود نزاع قضائي حينها بين الجماعة الترابية لأولاد إبراهيم ووزارة الداخلية.

وعلى مستوى مدينة الدار البيضاء لوحدها فقد تم، حينها، إحصاء لائحة أولية تضم نحو 25 مشروعا تعرف مشاكل وخروقات مسطرية تماثل الخروقات التي تم تسجيلها في عدد من المشاريع بمختلف المدن المغربية.

خرق القانون 25.90

العقود التي تبرمها العمران مع المستفيدين من البقع، والذي يفضي إلى بناء هذه البقع قبل الحصول على شهادة التسلم المؤقت وقبل استخراج الرسوم العقارية، يعتبر تصرفا باطلا بقوة القانون ويخرقُ المادة 33 من القانون 25.90 المتعلق بالتجزئات والتي تنص على أنه “لا يمكن إبرام العقود المتعلقة بعمليات البيع والإيجار والقسمة المشار إليه في المادة الأولى أعلاه إلا بعد أن تقوم الجماعة الحضرية أو القروية بإجراء التسلم المؤقت لأشغال تجهيز التجزئة”.

ومما ما جاء أيضا في القرار عدد 308 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 23/01/2008 في الملف عدد 1299/1/2/2006، “كما أنه ونظرا إلى أن الفصل 33 من ظهير 92 قد منع التعامل في التجزئات العقارية إلا بعد أن تقوم الجماعة الحضرية أو القروية بإجراء التسليم المؤقت لأشغال تجهيز التجزئة فإن العقار الذي كان محلا للوعد بالبيع بين الطرفين قد أصبح (ولو مؤقتا) في حكم الأشياء التي حرم القانون التعامل بشأنها طبقا للفصل 57 من ق.ل.ع كما أن الفصل 33 الذي يمنع التصرفات في التجزئات العقارية ويعتبرها الفصل 72 باطلة بطلانا مطلقا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مصطفى المزام
    منذ 3 سنوات

    أحيانا يروقني أسلوب المقالات المطروحة وكذلك مضمونها.تحياتي