مجتمع، منوعات

“دوار العبيد” بزاكورة .. عائلة تتيح للسياح عيش ثقافة الصحراء داخل خيمة تقليدية (فيديو)

بلغة تكاد لا تفهمها إلا بتمعن وتركيز كبيرين، داخل خيمة تقليدية صحراوية، تتربع أربع نساء من عائلة واحدة رفقة أطفالهن الصغار، يتغنون بالزوار القادمين إليهن من مختلف مناطق العالم، يحسنون التخلص من عبارات الترحيب إلى المدح والثناء بميزان موسيقي سلس.

في دوار العبيد، بإقليم زاكورة، تعيش أسر من عائلة واحدة، وبنمط عيش مميز عن باقي الدواوير، حتى المجاورة لها، ومعاناتهم تضاعفها حالة التهميش والإهمال الذي تعرفه المنطقة الجنوبية بالمغرب بشكل عام، رغم المؤهلات المادية والمعنوية التي تتوفر عليها.

اتكال على الذات

شمرت فاطمة با علي على سواعدها، ولم تتكل إلا على نفسها، مستثمرة في ما تجيده يداها وتتقنه، من أجل مواجهة لعنة الفقر التي تخيم على الدوار ككل، فقامت بإنشاء تعاونية فلاحية متخصصة في المنتجات التي تتميز بها قبائلهم.

تقول فاطمة با علي، في لقاء مصور مع جريدة “العمق”، إنها أسست مؤخرا تعاونية رفقة خمسة نساء من دوار العبيد، يقمن بتحضير وجبات تشتهر بها مناطقهم، كالكسكس الرباعي، وبركوكش، ومربى التمر، علاوة على مستحضرات أخرى كالبخور، والحناء، والزعفران والعلك.

وتضيف المتحدثة أن أنشطتهم التجارية أوقفتها كورونا، فقبل الوباء، تقول فاطمة “كنت أذهب إلى المعارض والمهرجانات، وكان السياح يتوافدون على دوارنا بين الفينة والأخرى، لكن الآن التجارة شبه متوقفة، والله يكون في عون الناس”.

سياحة ثقافية

وسط هذا الدوار الذي يبدو منذ الوهلة الأولى أنه مهجور، ولا شيء يوحي داخله بالحياة، قبل أن يسمع الأطفال صوت محرك السيارة، ويهرولون من منازلهم الطينية لاستقبال الغرباء الراغبين في الغوص في عالم الثقافة والتقاليد والفن أكثر من الجغرافيا والماء والطبيعة.

تتيح فاطمة للسائح فرصة عيش ثقافتها وليس معرفتها فقط، ووفق حديثها مع “العمق”، توضح أنه يكفي أن تعرف المدة التي يريد أن يقضيها معهم السياح حتى تُعد له برنامجا خاصا به.

الأهم في هذه التجربة، وكما تحكي ذلك فاطمة، أنها تتيح الفرصة للسائح بأن يعيش حياة أبناء دوار العبيد بكل تفاصيلها من طلوع الشمس حتى غروبها.

خدمة دون تصنع

تقول فاطمة، إن عائلتها تقدم للسياح سواء كانوا أجانب أو مغاربة، خدمات الأكل والمبيت داخل منزلهم التقليدي، ويأكلون الوجبات المحلية، كما يشاركونها في أعمال البيت.

وتضيف فاطمة، أنها سبق واستقبلت بعض الأجانب لمدة ستة أيام، وقامت إضافة إلى ما سبق بتعليمهم طريقة صنع المنتجات التي تبيعها، ناهيك عن فقرات موسيقية بين الفينة والأخرى، مصحوبة بجلسات الشاي ذات الحمولة الصحراوية.

طموح ومطالب

تطمح فاطمة لتقوية نشاط تعاونيتها والبحث عن موارد تسويق لمنتجاتها التي تجتهد في إعدادها بطريقة تقليدية خاصة بقبائلهم.

أما بخصوص الدوار، فتتكلم فاطمة بلسان جيرانها قائلة إن “احتياجاته تكاد لا تنتهي، بداية من الطريق غير المعبدة، والتي لا تتوفر على علامة تشوير لمعرفة مكاننا، فالعديد من السياح ظلوا الطريق بسبب عدم وجود علامة توجههم إلى الدوار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *