اقتصاد

مجموعة العمران .. خروقات تعمق أزمة المردودية وأرقام تخالف الواقع (وثائق)

لم يتردد رئيس مجلس إدارة مجموعة العمران القابضة، بدر الكانوني، خلال اجتماع مجلس الرقابة والجمعية العامة العادية لمجموعة العمران، الثلاثاء الماضي، في استعراض حصيلة المجموعة على أنها إنجازات مشجعة، ليتلقى بعدها تنويها من رئيس الحكومة وبعض أعضاء مجلس الرقابة.

غير أن واقع منجزات مجموعة العمران يعاكس ما جاء في البلاغ الصادر عقب هذا الاجتماع. فالمجموعة القابضة التي تتصرف في المال العام، لا تتحدث في بلاغاتها ولا تقاريرها السنوية عن التدبير العشوائي الذي تسير به الكثير من المشاريع في مختلف المدن المغربية، كما أنها لا تتحدث عن التكاليف والتحملات المالية التي تكلفها الملفات السكنية العالقة والتأخر الكبير في الكثير من المشاريع السكنية التي لم تسلم بعد إلى أصحابها، زيادة على تراكم الملفات التي تعرف منازعات قضائية. كل ذلك يؤدي إلى طرح تساؤلات حول المردودية وحصيلة الاستثمارات والأرقام التي تعلنها مجموعة العمران.

سؤال المردودية والنجاعة

يطرح العديد من المتتبعين لانجازات مجموعة العمران، أسئلة حول مردودية المجموعة ونجاعة تدبيرها بالنظر إلى المبالغ الكبيرة التي تعلن عنها، فيما يتعلق بالاستثمارات المنجزة والحصيلة المالية المحققة على مدى السنوات الماضية.

يوم الثلاثاء الماضي، انعقد اجتماع مجلس الرقابة ثم اجتماع الجمعية العامة العادية للشركة القابضة العمران، حيث استعرض حصيلة المجموعة لسنة 2020،  ووقف عند الإجراءات المتخذة لإنعاش وإعادة إطلاق قطاع البناء والأشغال، بالإضافة إلى المجهودات المبذولة من طرف المجموعة، إذ تم خلال سنة 2020 إنجاز ما يناهز 85.875 وحدة في إطار التأهيل الحضري، وإنتاج 14.019 وحدة جديدة، واستصدار 24.135 رسما عقاريا وتحقيق استثمارات تصل إلى 4.36 مليار درهم ورقم معاملات يبلغ 3.32 مليار درهم.  

2018- 2019 .. تراجعٌ في المعاملات وارتفاعٌ في المديونية

سجل رقم معاملات العمران في سنة 2019 ما يناهز 4.57 مليار درهم بتراجع قدره 8.9 في المائة مقارن مع سنة 2018 التي سجل فيها 5.02 مليار درهم، وبررت العمران هذا التراجع بالتأخر الحاصل على مستوى إجراءات تسلم المشاريع والحصول على رخص السكن (des permis d’habiter)، وهو ما يؤثر على وتيرة استخراج الرسوم العقارية ومن تم تراجع رقم المعاملات.

النتيجة الصافية لمجموعة العمران عرفت تراجعا كذلك بحيث سجلت في سنة 2019 ما يناهز 398 مليون درهم مقابل 422 مليون درهم في سنة 2018. في المقابل عرفت مديونية المجموعة في سنة 2019 ارتفاعا إذ بلغت 4.54 مليار درهم مقابل 3.62 مليار درهم في سنة 2018.

نتائج العمران 2018 -2019:

أرقام غير دقيقة

منذ سنة 2007 إلى سنة 2018 بلغت الاستثمارات 77 مليار درهم وانتقلت هذه الاستثمارات في مجموعها ( منذ 2007 ) إلى 82 مليار في سنة 2019 . وفي سنة 2019 لوحدها بلغت الاستثمارات 5.5 مليار درهم، وفق معطيات مجموعة العمران. ويظهر من خلال المقارنة بين مجموع الاستثمارات المحصورة بين سنة 2007 وسنة 2018، وبين الاستثمارات المعلن عنها والمحصورة في سنة 2019 وحدها أن هناك فارق بـ 500 مليون درهم (مجموع الاستثمارات من 2007 إلى 2018= 77 مليار درهم / مجموع الاستثمارات من 2007 إلى 2019= 82 مليار درهم / فارق الزيادة في الاستثمارات خلال سنة 2019= 5 ملايير درهم / مجموع الاستثمارات المعلن عنه من طرف العمران خلال 2019 لوحدها : 5.5 ملايير درهم).  

حجم استثمارات العمران من 2007 إلى 2019

ومعلوم أن مستويات الاستثمارات التي تقوم بها العمران عرف تراجعا على مدى السنوات الماضية بشكل كبير، في مقابل ذلك شهدت التحملات ارتفاعا ملحوظا كما هو شأن المديونية التي تتزايد، كما أن حجم استثمارات المجموعة من المفروض أن ينعكس على حجم معاملاتها وأن يحسن من نتائجها بشكل عام، غير أن الحاصل هو العكس، وهو ما يدفع متتبعين إلى التساؤل حول أسباب عدم انعكاس حجم الاستثمارات على تطور رقم المعاملات وتحسن النتائج سنة بعد سنة. ويفسر هؤلاء هذا التناقض بغياب نجاعة التدبير والاستهتار بالمال العام، الأمر الذي ينعكس سلبا على حصيلة المجموعة.

استهتار بالمال العام

تراكمت العديد من الملفات لدى مجموعة العمران بفعل استهتارها بالمساطر الإدارية والمال العام في الوقت نفسه. الملفات المذكورة اتخذت طابع نزاعات قضائية تكلف خزينة مجموعة العمران الكثير من المال العام. وتعمد مجموعة العمران، في العديد من الصفقات، إلى إصدار أوامر شفوية إلى المهندسين المكلفين بالملفات التقنية للبقع الأرضية المبنية، قصد إنجاز أشغال إضافية رغم أنها غير منصوص عليها في دفتر التحملات الخاص بهذه الصفقات. وتتكرر مثل هذه الوقائع في العديد من المدن، منها الدار البيضاء والمحمدية والقنيطرة، وغيرها من المدن الأخرى. ويظهر ذلك كله، كون مجموعة العمران تعمد إلى عدم التصفية المسبقة للوعاء العقاري لكثير من التجزئات السكنية مما يؤدي إلى تأخير استخراج الرسوم العقارية للبقع العقارية.

وتتسبب المجموعة لنفسها بنفسها، في تأخير إيداع الملفات التقنية لعدد من التجزئات السكينة، لفترات قد تستمر عقدا من الزمن، بل وتسمح بنشوء دور الصفيح في تجزئات سكنية وهو ما يخلق أوضاعا وتغييرات غير قانونية بشكل مخالف للضوابط التعميرية، لتسعى بعدها إلى تسوية هذه الأوضاع، مما يكلف المزيد من الأموال العمومية.

24 ألف وحدة سكنية مخالفة للقانون

محضر اجتماع يعود تاريخه إلى سنة 2018 (الصورة) يكشف عن وجود 24 ألف و680 وحدة سكنية في نحو 18 مدينة، سجلت بها جملة من الخروقات القانونية والمسطرية التي ارتكبتها وترتكبها العمران في عدد من التجزئات والمشاريع السكنية في عدد من المدن. وتسجل عددا من المشاريع التي تطلقها العمران مشاكل عديدة منها ظهور بنايات بعقارات تجزئات سكنية قبل خلق واستخراج الرسوم العقارية، مما يجعل تصميم التجزئات التي تعتمده العمران لدى الإدارات المعنية يكون مخالفا للواقع، الأمر الذي يتسبب في ضرورة اتخاذ إجراءات مسطرية جديدة قصد مطابقة التصميم للواقع نتيجة التغييرات التي تلحق التجزئات السكنية.

وعرفت عمليات أنجزتها العمران، تشييد بنايات من طرف المستفيدين من البقع قبل خلق الرسوم العقارية واستخراجها. وفي هذا الصدد تفرض مصالح المسح العقاري والخرائطية شواهد المطابقة لهذه البنايات مع وثائق التعمير الحضرية.  كما تفرض على العمران تسوية وضعية البنايات المشيدة من طرف المستفيدين، مع ما يترتب عن ذلك من تحملات مالية تتصرف فيها مجموعة العمران من المال العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *