مجتمع

مؤتمر دولي بمراكش يوصي بإنشاء محاكم متخصصة في الجرائم السيبرانية وبتطوير التشريعات الجنائية

أوصى المؤتمر الدولي حول “الأمن السيبراني في التشريعات العربية” الذي احتضنته مدينة مراكش، الجمعة والسبت، بضرورة تطوير التشريعات الجنائية لتشمل القضايا السيبرانية، مقترحا إنشاء محاكم متخصصة في الجرائم السيبرانية، مع التنصيص على حماية حقوق المستهلك وتطوير المستوى المعرفي للمواطنين في هذا الجانب.

المؤتمر الذي احتضنه نادي المحامين بمراكش، تم تنظيمه بشراكة بين كل المركز الدولي للخبرة الاستشاري وهيئة المحامين بمراكش والودادية الحسنية للقضاة ونادي قضاة المغرب وماستر العلوم الجنائية والأمنية بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش وماستر المعاملات الالكترونية بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات ومختبر البحث: قانون الأعمال ومجلة القانون والأعمال الدولية بجامعة الحسن الأول بسطات.

وأصدر المؤتمر الذي شاركت فيه عدة دول عربية مجموعة من التوصيات همت “صياغة واستكمال التشريعات السيبرانية”، و”التنفيذ الجيد للتشريعات”، ثم “توصيات عامة”.

وأوصى المؤتمر الذي شارك فيه قضاة ومحامون وباحثون بإطلاق دراسات بحثية معمقة لتحديد مواضع النقص في التشريعات الجنائية، وإعداد فرق عمل متخصصة في هذا الشأن مع إشراك الوزارات والهيئات المعنية، إضافة إلى إنشاء لجان متخصصة لوضع مسودة القانون تتضمن خبـراء في المجال القانوني ومجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما يفضل أن تتضمن ممثلين عن الهيئات المتخصصة من المجتمع المدني والقطاع الخاص.

دعت التوصيات إلى “الاستعانة بالاتفاقيات الإقليمية والدولية المرتبطة بتشريعات الفضاء السيبراني وذلك لضمان تناسق التشريعات الوطنية معها، مع الأخذ بعين الاعتبار للخصوصيات الثقافية المحلية في أفق وضع قانون نموذجي عربي للأمن السيبراني”، إضافة إلى “تحديث المنظومة القانونية المتعلقة بالجرائم والجنح والجنايات وتكييفها مع مستجدات الوقع التكنولوجي الجديد والمتجدد باستمرار، والإسراع بإصدار النصوص التطبيقية والمراسيم المرتبطة بتنزيل المقتضيات التشريعية المتعلقة بالأمن السيبراني”.

ومن بين توصيات المؤتمر “إصدار تشريع موحد بمثابة إعلان لحقوق المستهلك الإلكتروني، تلتزم بمقتضاه كل الدول الأعضاء بتزويد المستهلكين والبائعين بآليات صالحة لتسوية المنازعات بطريقة مستحدثة مثل التقاضي الإلكتروني أو التحكيم الإلكتروني”، إضافة إلى “تحديث الترسانة القانونية ، ولا سيما مدونات وتشريعات الشغل و القوانين المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية، وتوفير مقتضيات قانونية تعترف بالبيانات الشخصية ذات الطابع المهني”، مع “إعمال وتفعيل العقوبات التبعية أو التكميلية كإغلاق حسابات التواصل الاجتماعي”، و”جمع شتات القوانين المتعلقة بالمجال الالكتروني في مدونة واحدة”.

من جهة أخرى، أوصى المتدخلون في الورشات التي وصل عددها 37 ورشة بضرورة توفير البنى التحتيى الضرورة لتطبيق التشريعات الخاصة بالمجال السيبراني، وضمان تكوين متخصص لفائدة القضاة والمحامين، مع فتح أوراش عمل تدريبية وطنية للفنيين وأعضاء النيابة العامة والأجهزة الأمنية ولضباط الشرطة القضائية حول نصوص التشريعات السيبرانية وكيفية تطبيقها حماية للفرد والمجتمع والأمن الوطني، مع تسهيل عملية التبليغ والسرعة في إجراء التحقيق وذلك لطبيعة الجريمة السيبرانية السريعة.

ودعا المؤتمر إلى الاهتمام بالاجتهادات القضائية، وذلك من خلال إجراء بحوث علمية عنها وحولها وإعداد دراسات لمقارنة الاجتهادات الصادرة في بلدان المنطقة وفي بعض البلدان المتقدمة، وإنشاء محاكم متخصصة في الجرائم السيبرانية، إضافة إلى حث الدول على التعاون فيما بينها خاصة في مجال المساعدات والإنابة القضائية للكشف عن هذه الجرائم، وجمع الأدلة لإثباتها، وتسليم المجرمين المقترفين لها، وتنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة بالإدانة والعقوبة ضد مواطني الدولة المقترفة  بالخارج.

أما فيما يخص التوصيات العامة، فقد نصت التوصيات التي حصلت جريدة “العمق” على نسخة منها، على “تشجيع المهنيين والطلبة على الانخراط في مجال الأمن السيبراني، ودعم الأبحاث في المؤسسات الأكاديمية، وتضمين مناهج كليات الحقوق والدراسات العليا القانونية التشريعات والقوانين والجرائم السيبرانية لتخريج جيل واعي بأهمية هذه الجرائم ومدى أثرها على المجتمع بما تشكله من تهديد للعدالة وللأمن القضائي”.

كما تمت التوصية بـ”إقامة دورات خاصة لربات البيوت والسيدات وخاصة الفئة التي تقيم بالمنزل أطول فترة لارتباطها بالفضاء السيبراني لتبصيرها بمخاطر الإفراط في استخدام الفضاء السيبراني صـحياً واجتماعياً وأمنياً والتعريف بجرائمه الحديثة ومدى تدميرها للعلاقات الأسرية وكيفية وضع الانسان نفسه تحت طائلة القانون”.

ودعا المؤتمر إلى “تطوير نظم التعليم من مناهج وطرق تدريس ومعلم وأدوات التعليم لتواكب العصر وهذا ما جعلنا نذهب إليه مضطرين خاصة تحت ظروف كوفيد 19 وما فرضته على العالم من التعليم  والتواصل عن بُعد”، وكذا “العمل على الاستفادة من نتائج برنامج البحوث الأوروبي بشأن الجريمة السيبرانية والإرهاب السيبراني خاصة وأن البرنامج يعمل منذ 2014 ويقوم به معهد الامم المتحدة الإقليمي لأبحاث الجريمة والعدالة”، مع “الإسراع باتخاذ إجراءات التأمين الممكنة ضد الإرهاب السيبراني على مختلف المستويات، مع إيجاد تعريف موحد وشامل للإرهاب بكافة أشكاله وصوره، بما في ذلك الإرهاب السيبراني”.

في السياق ذاته أوصى المتدخلون بـ”إعطاء مساحة أكبر للكيانات المعنية بحماية المستهلك الإلكتروني، وتشجيع المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال، وفسح المجال أمامها للانضمام ل”الاتحاد الدولي للمستهلكين” (CI) الذي تأسس في عام 1960 كاتحاد عالمي لمنظمات المستهلكين، وغيره من المنظمات القارية أو الإقليمية، وذلك من أجل تشكيل مجموعات ضغط تساهم في حث الحكومات والمجالس التشريعية على تطوير القوانين الخاصة بالفضاء السيبراني”.

إضافة إلى ذلك، تم التنصيص في التوصيات الختامية على “وضع استراتيجيات وبرامج وطنية متكاملة، وسن سياسات عمومية مندمجة قادرة على الاستثمار بشكل فعال في الموارد البشرية بشكل ييسر التطبيق الجيد للنصوص التشريعية، وامتصاص الضغوطات المتسارعة للعوالم المعلوماتية، بإعطاء الأولوية لبرامج التأهيل والإدماج، لتخفيف الوطء على المقاربات العقابية”.

ويذكر أن المؤتمر الدولي حول “الأمن السيبراني في التشريعات العربية”، يندرج ضمن الجهود المشتركة من أجل تشخيص الأوضاع المستجدة في المجالات المعرفية المتنوعة في ظل التطورات التكنولوجية والرقمية المتسارعة، وكيفية تحقيق الأمن السيبراني مع ضمان عدم المس بحقوق الأفراد والمؤسسات وحرياتهم في الرأي والتعبير.

وتوزعت أشغال المؤتمر، وفق المنظمين، على تسع جلسات بما فيها الجلستين الافتتاحية والختامية، عرفت تقديم 37 مداخلة، تطرق للأوضاع القانونية والواقعية للأمن السيبراني في الدول العربية المشاركة، وهي المغرب واليمن وموريتانيا والجزائر وليبيا ومصر السودان وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والأردن والعراق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *