منتدى العمق

حملة التجريد

لم يكن الدافع لاعتقال شباب البيجيدي الخوف على سلامة الوطن. فمن المعلوم يقينا أن العدالة و التنمية و تنظيماته الموازية يجرم كل فعل إرهابي، و يتبنى الوسطية فكرا، و المشاركة الايجابية منهجا..

ليس الاعتقال إلا رد فعل وحشي تنهجه القوى التحكمية و الجهاز المخزني تفاعلا مع ما يسميه “مدا إخوانيا” عطل بعض مصالحه و أخذ من قصعته لقمة للوطن.

فأمام نظافة اليد المتصف بها رجال العدالة و التنمية لم يجد المخزن سبيلا للانتقام من الحزب إلا باعتقال بعض الأغرار من أبناءه.
و حتى لا تمنعنا التصورات القبلية من الابصار الحسن، علينا تجديد رؤيتنا للجهاز المخزني الذي لم يعد متمثلا في “المقدم” ذي البطن العريض، بليد العقل الذي ينقل الحدث و الحديث حرفيا، فنحن اليوم أمام عقول تحفزها المصالح لتبدع في القمع اللطيف و إعادة صياغة التوازنات ضمانا لأبدية المصالح.

إننا اليوم أمام حملة تجريد من نقاط القوة، ينهج فيها نظام الجولات، يتم في كل جولة تجريد البيجيدي من احدى النقاط و تجرده ردود الأفعال الداخلية ذات الدوافع العاطفية المفتقرة إلى الأساس العلمي من نقطة ثانية.

فإذا حصرنا التحليل على الماكروسكوبي من الأحداث غير آخذين بعين الاعتبار ما هو منها أدنى وقعا، يظهر لنا التكتيك المعتمد جليا.
يأخذنا هذا التحليل إلى ماض ليس بالبعيد، و بالضبط إلى قضية عمر بنحماد و فاطمة النجار اللذان كان نشاطهما محصورا داخل حركة التوحيد و الإصلاح بنسبة يجوز معها القول بالقطع. حين تم بعد الاعتقال التشهير بهما و التستر على حقيقة الأمر (الزواج العرفي) إلى مدة معينة.

تلك الأحداث التي هندست لقض ركيزة من ركائز شعبية المصباح المتمثل في الحركة التي تجمعه بها شراكة استراتيجية، و التي لا يميز عامة الناس بينها و بين الحزب بسبب وحدة المقرات أحيانا أو الأعضاء المزدوجين (أعضاء الحركة و الحزب في نفس الأوان)، و منه كان الطعن في الحركة طعنا في الحزب.

و ينقلنا التحليل إلى القضية التي اشتهرت بهاشتاج #الحرية_للشباب و متابعة الشباب بقانون الارهاب و قضية عمر الصنهاجي. و الغريب أن المتابعة القانونية بجرائم التدوين “عرض مخزني حصري” للبيجيدي. و المستغرب أنه قد كثر اللغط على “الكتائب الإلكترونية للبيجيدي” التي تعد سر القاعدة الشعبية الشبابية للحزب، و التي يحسب المعتقلون من “جنودها”.

و منه اقتضى إضعاف المصباح جماهيريا الحجر على الهواتف و لوحات المفاتيح، و لما غاب السند القانوني لم يبقى إلا نهج الإرهاب من تلفيق تهمة الإرهاب، و الاستغلال السلبي للقوانين (حق الأجهزة الامنية في التحقيق).