مجتمع

الثقافة الأشولية.. المغرب يتجه لإنشاء أول حديقة “ما قبل التاريخ” في شمال إفريقيا

قال عالم الأثار المغربي والباحث في علم ما قبل التاريخ، عبد الرحيم محب، إن مدينة الدار البيضاء ستشهد قريبا إحداث حديقة “عصر ما قبل التاريخ”، مشيرا إلى أن الوزارة الوصية تقوم بتنفيذ مشروع تثمين في موقعين مهمين للغاية، وهما منتزه عصر ما قبل التاريخ في سيدي عبد الرحمن شمال ومركز التعريف بتراث موقع طوما.

وأوضح الباحث المغربي أن حديقة عصر ما قبل التاريخ سيدي عبد الرحمن في الدار البيضاء، ستكون أول حديقة ما قبل التاريخ في شمال إفريقيا، تحكي تاريخ عصور ما قبل التاريخ في الدار البيضاء وتبرز غنى التراب الوطني للمواطنين المغاربة والسياح الأجانب والعلماء، وذلك بعد اكتشاف أقدم أثار أشولي في شمال إفريقيا في الدار البيضاء.

وأوضح المتحدث في حوار مع وكالة الأنباء الرسمية “لاماب”، أن هناك أبحاث في الأفق، لا سيما برنامج أبحاث عصور ما قبل التاريخ في الدار البيضاء، والذي لا يهم فقط موقع طوما 1، ولكن أيضا المواقع المجاورة مثل مغارة بقايا الإنسان (600000 و700000 سنة)، حيث تم اكتشاف حفريات بشرية وهي الأقدم في المغرب.

كما تهم هذه الأبحاث، وفق المصدر ذاته، مغارة وحيدي القرن الموجود في موقع ولاد حميدة، وهو أيضا موقع أشولي يعود تاريخه إلى 700000 عام.

وأشار إلى موقع آخر شرقي الدار البيضاء يسمى أهل لوغلام على طريق تيط مليل، وهو موقع حفريات يضم فقط بقايا أحافير حيوانية يعود تاريخها إلى 2.5 مليون سنة وموقع سيدي عبد الرحمان الذي تم تصنيفه تراثا وطنيا في عام 1951.

فضلا عن القيمة العلمية، يضيف محب، هذا الاكتشاف يموقع المغرب كمنطقة أساسية في شمال إفريقيا لمعرفة ودراسة هؤلاء السكان الأوائل وأصولهم وتطورهم وهجراتهم.

يأتي ذلك في ظل تزايد الاكتشافات الأثرية في المغرب، وآخرها اكتشاف أقدم أشولي في شمال إفريقيا في الدار البيضاء، وهو ما يجعل المملكة وجهة مفضلة للباحثين عن كنوز التاريخ المدفونة، لا سيما بالنسبة لاولئك الذين يبحثون عن معرفة أكثر دقة بأصول البشر.

واتخذت قيمة عصور ما قبل التاريخ المغربية منعطفا كبيرا مع اكتشاف عام 2017 لأقدم انسان عاقل في العالم تحت أرض المملكة المغربية، لكن اكتشاف الاشولي الاخير الذي يعود تاريخه إلى مليون و300 سنة حسب فريق بحث فرنسي إيطالي مغربي، شكل خطوة عملاقة جديدة نحو فك الغموض الذي يلف أصول البشر وطريقة حياتهم، بل ونحو إعادة كتابة جزء من تاريخ الإنسانية.

وبحسب عبد الرحيم محب، فإن هذه الاكتشافات الأخيرة المثيرة للاهتمام، جعلت أنظار العالم تتجه بشكل خاص نحو مدينة الدار البيضاء وبشكل عام نحو المغرب، في ما يتعلق بالنقاش الدائر حول أصل الإنسان، وتطور تقنياته، وثقافاته، وتنقلاته بين مختلف مناطق إفريقيا ثم نحو أوروبا وآسيا.

وأضاف محب الذي شارك في هذه الأبحاث، أن “هذه النتائج تساهم بالتأكيد في استيضاح هذه القضايا إن لم يكن جلب عناصر جديدة بخصوصها، معتبرا أن الاكتشاف الأخير في موقع (ل) طوما 1 غرب الدار البيضاء، “ليس محض صدفة، ولكنه ثمرة مسار طويل جد ا من الابحاث الذي تتم في إطار برنامج مغربي فرنسي تم إطلاقه منذ عام 1978”.

وأشار الى أن موقع الاكتشاف المعني تم تحديده عام 1985 حيث تم إجراء أول تنقيب عام ،988 ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم تواصلت الأبحاث (التنقيب، الدراسات، وأخذ العينات)، لافتا إلى أنها عملية طويلة جدا لتسليط الضوء على هذا المستوى الأثري “ل” بموقع (طوما 1).

وبعد تعريفه للثقافة الاشولية على أنها ثقافة مادية تميز العصر الحجري القديم، استعرض الخبير المغربي البقايا الأثرية التي تم اكتشافها، بالإضافة إلى اشياء أخرى منحوتة، والمراحل التي يشرف فيها علماء الآثار على عمليات التنقيب مرورا بتسجيل “القطعة” (بطاقة الهوية) حتى حفظها إما في المختبرات أو في المؤسسات المعنية ويتعلق الامر في هذه الحالة بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث.

وقال في هذا الصدد: “خلال الحفريات اكتشفنا أيضا بقايا أحافير لحيوانات من بينها فرس النهر ، والفيلة، والغزال، والحمار الوحشي، وصنف من الخنازير، بالإضافة إلى أنواع أخرى من الحيوانات مثل القوارض”، وذلك بفضل تعاون العديد من الباحثين (المغرب وفرنسا وإيطاليا) واستخدام التخصصات العلمية الأخرى الخاصة بالمغناطيسية/الاستراتيغرافية والجيوكميائية.

المصدر: “و م ع”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *