منتدى العمق

الحركة الأمازيغية في المغرب: هوية ثقافية أم بديل سياسي؟

“أكال.. أفكان.. أوال” من منا لا يعرف هذا الثالوث الهوياتي أو “تمازيغت.. تمازغا وتيموزغا” ثلاثية مبدأ الإنتماء الأمازيغي الذي يتكون من الأرض والإنسان واللغة.

لم تكن الأمازيغية كثقافة أو حركة انتمائية وليدة أي عنصرية، فهي لم تأتي من فراغ وليست استعمارية. إذ أنها غنية بسيرورة ثقافية وتاريخانية، لتبدأ في سنة 2011 عبر احتجاجات شعبية شملت الشرق الأوسط و شمال إفريقيا أفرزت بعده قرارا بترسيم اللغة الأمازيغية وهو ما تحقق نسبيا منذ تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وترسيم اللغة في دستور سنة 2011 .

إضافة إلى إجبارية تدريسها في التعليم العام وفرضها في الإدارة المغربية، لكن مع هذه الخطوة فما زالت الأمازيغية بعد هذه الإعتراف لم تأخد مكانها الثقافي بعد، فهي لن تبارح مكانها وستظل مطالبها حاضرة وبقوة رغم انتقاد السياسيين المغاربة بأن الأمازيغ سيقومون بتأجيج التوترات العرقية و السعي إلى تقويض ارتباط الشعب المغربي بالأمة العربية الإسلامية، كل هذه التكهنات خاطئة.

فالحركة الأمازيغية تتأسس عبر خطاب تقدمي حداثي وديموقرطي عقلاني، حيث تنطلق مرجعيتها عبر ماهو ملموس وتتغدى من عصارة الفكر البشري خاصة فكر الأنوار الذي يقوم على مبدأ احترام انسانية الإنسان وحرية العقيدة وتعزيز الديموقراطية حسب ماجاء به فكر روسو وفولتير ومونتسيكيو وغيرهم من فلاسفة الأنوار.

موضوعنا هنا ليس الدخول في متاهات فلسفية لأن الدراسة التي تتناول التعريفات عديدة لمن أراد الرجوع، إليها لكن ارتأيت في جعل هذا التعريف مدخلا لما هو أهم ألا وهو : هل تمتلك الحركة الأمازيغية برنامجا سياسي؟.

هذا السؤال أيضا لا يحتمل تلك الإجابات الكلاسيكية: نعم/لا، بل يستوجب علينا أن نبحث في تاريخ الأمازيغية عن أحزاب كانت ستأخد منحى سياسي للإعتراف بالمرجعية الأمازيغية وجل ما ذكرته الدراسات أن هنالك حزبين فقط في سنة 2005 تم تأسيس حزب الديموقراطي الأمازيغي لكن في سنة 2007 تم منع هذا الحزب من مزاولة أنشطته الحزبية وفي نفس السنة كذلك منع حزب تامونت فقبل هو أيضا بالفشل.

فما الذي يمنع مناضلا أمازيغيا أن ينخرط في حزب و يدافع عبر تنظيماته الحزبية عن الهوية الأمازيغية؟ فجل ما نراه اليوم هو استغلال الأمازيغية كورقة سياسية وانتخابية لاستمالة عواطف الأمازيغ والفهم الخاطئ الذي يتمحور حول المطالب الثقافية التي يزعم البعض أنها تندرج ضمن الفلكلور و اللغة و العادات فقط ويجهلون أنها كذلك طقوس ونظم سياسية .

تقتضي دراسة العلاقة بين الهوية الأمازيغية و العمل السياسي إلى الإجابة عن تساؤلات ينخرط فيها التاريخي مع الأنتروبولوجي و السوسيوسياسي مع السيكولوجي حيث أقر الباحث والكاتب “عبد الله بوشطارت”:

” أن الأمازيغية قضية سياسية تحتاج إلى مرافعات أحزاب قوية، حيث هناك دوافع كثيرة لتأسيس حزب أمازيغي بالمغرب لأن الأمازيغية منظومة شاملة وهي قضية سياسية بالدرجة الأولى، مرتبطة بهوية الدولة و المجتمع و الوطن ولأنها عانت من جمود وإقبار طيلة عقود بقرارات سياسية وبإرادة سياسية من قبل الدولة والأحزاب”.

إن الأمازيغية والتحزب معادلة صعبة حيث يجب على المتحزب الأمازيغي احترام الإرث المشترك الذي راكمه زعماء الحركة الأمازيغية من أجل الهوية والديموقراطية.

على سبيل الختم

المطالبة الثقافية للحركة الأمازيغية قامت بحجب الجانب السياسي الذي يجب على النخبة السياسية اليوم التركيز عن مطالبها إذ من الضروري أن تنتقل السياسة اليوم من تحزب مؤدلج وعقدي إلى تحزب ديمقراطي يرفض مبدأ البراغماتية التي تخول على وجه الخصوص استغلال الملف الهوياتي الأمازيغي والإستفادة من رمزية النخبة الأمازيغية وما راكمته من رأسمال نضالي.

هل هناك بين مدافعي الحركة الأمازيغية من هذا الجيل من يستحق حمل شعلة هذه الثقافة وتعزيزها في العمل السياسي؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *