مجتمع

ذكرى معركة إيسلي.. حين ضحى المغاربة بأرواحهم دفاعا عن أشقائهم الجزائريين

تجسد معركة “إيسلي” التي يخلد المغاربة ذكراها الـ177، اليوم السبت، واحدة من تجليات التضامن والدعم المغربي غير المشروط لأشقائهم الجزائريين، ففي مثل هذا اليوم (14 غشت 1844)، كانت منطقة “إيسلي” الواقعة على بعد كيلومترات قليلة من مدينة وجدة، شاهدة على غزارة الدماء المغربية التي أريقت دفاعا عن المقاومة الجزائرية.

ورغم أن نتائج معركة “إيسلي” كانت كارثية على المغرب، حيث مهدت للاحتلال الفرنسي والتدخل الأجنبي في المملكة، إلا أنها ظلت مصدر فخر للمغاربة والجزائريين وشاهدة على الملحمة البطولية التي رسمها الجنود المغاربة من أجل نصرة إخوانهم الجزائرية الذين لجؤوا إلى المغرب هربا من بطش وقمع قوات الاحتلال الفرنسي بالجزائر.

ووقعت المعركة بين الجيشين المغربي والفرنسي عقب احتضان المغرب للأمير عبد القادر، رمز المقاومة الجزائرية، ومنحه اللجوء من طرف السلطان المغربي المولى عبد الرحمن، ودعمه العسكري للمقاومة الجزائرية ضد فرنسا، وهو ما دفع الفرنسيين إلى الانتقام عبر سلسلة من الهجمات، أبرزها قصف موانئ طنجة وتطوان وأصيلة، ما أدى إلى مقتل مئات المغاربة.

ومع إصرار السلطان المغربي على رفض الطلب الفرنسي بتسليم الأمير عبد القادر، ازدادت حدة التوتر بين البلدين، وصعدت فرنسا من هجماتها بقصف وجدة بشكل عنيف واحتلال مدينة الصويرة، قبل أن يقرر السلطان إرسال ابنه مع جيش قُدر تعداده بـ25 ألف مقاتل، مساندا بقبائل بني يزناسن وأهل أنجاد وغيرهم، لملاقاة الجيش الفرنسي القادم من الجزائر بقيادة الماريشال “طوماس روبير بيجو”.

ويوم 14 غشت 1844، شن الجيش الفرنسي من مرتفع يطل على وادي إيسلي على بعد نحو 5 كيلومترات عن وجدة، هجوما خاطفا على الجيش المغربي في قعر الوادي، حيث تكبد المغاربة هزيمة سريعة رغم بسالتهم وصمودهم في القتال، إلا أن اعتمادهم على عتاد تقليدي مقابل تفوق عسكري فرنسي لافت، جعل المعركة تُحسم للفرنسيين.

ووفق المصادر التاريخية، فإن من بين أسباب هزيمة الجيش المغربي أيضا، عدم التنسيق والتنظيم المحكم بين الشق النظامي وغير النظامي من الجيش، والجهل بقوة العدو الذي كان تفوقه بارزا عبر المدفعية الثقيلة مقابل مدفعية مغربية قديمة، إضافة إلى تواجد معسكر الجيش المغربي في منطقة مكشوفة، ما جعلها هدفا سهلا للعدو.

المعركة التي لم تتعدى ساعتين من الزمن، انتهت بفرار ولي العهد حينها من المعركة، وانهزام الجيش المغربي، قبل أن يوقع السلطات المغربي بعدها على معاهدة “لالة مغنية” التي بموجبها رحل الأمير عبد القادر عن المغرب، ومهدت للتوغل الفرنسي والأوروبي في المغرب، وشكلت سببا رئيسيا في إعلان الحماية الفرنسية سنة 1912.

وإلى جانب مقتل 800 عسكري مغربي، واحتلال الصويرة وقصف طنجة ووجدة، كانت من بين نتائج المعركة عقد معاهدة طنجة التي نصت على تخلي السلطان المغربي عن حماية الأمير عبد القادر ووقف الدعم المغربي للجزائر، ثم إبقاء الحدود بين المغرب والجزائر كما كانت بين السلاطين الجزائريين وسلاطين المغرب السابقين، وفقا لمعاهدة “للا مغنية” سنة 1845.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *