وجهة نظر

التقدم والإشتراكية: الخطاب والفعل

تكلم نبيل بن عبد الله عن الكثير من القطاعات التي يجب أن تعرف تطورا كبيرا لكي تستجيب لحاجيات المواطن. تم التطرق خلال اللقاء الذي نظمته القناة الثانية يوم الثلاثاء الأخير في إطار سلسلة اللقاءات التي تنظم في إطار الحملات الانتخابية إلى العديد من القضايا الحارقة و على رأسها قضية الصحة. كانت الأسئلة كثيرة في هذا المجال و كم من مرة تم ذكر الوزير السابق الوردي الذي كان الأكثر شجاعة في مواجهة لوبيات كبيرة و صعبة و ذات ثقل كبير في توجيه السياسات. معارك كبيرة دخل فيها ذلك الوزير بقوة و إستطاع أن يميط اللثام عن واقع يبين أن المغرب يعد من الدول التي تعتبر كسوق الأدوية الأكثر غلاءا في محيطه الأوروبي و العربي. حاول هذا الوزير أن يواجه اللوبيات و كان على يقين أن خصومه من ذوي الإمكانيات الصعبة والتأثير الكبير على القرار. و ذهب الوردي ليعانق من جديد مهنته بكثير من التواضع.

هاجمه أطباء تعودوا على الهروب خلسة من المستشفى العمومي لإجراء فحوص و عمليات تتجاوز ما يسمح به القانون. بحث عن التوافق فكان جيش ممتلكي مؤسسات الأدوية والعيادات الخاصة له بالمرصاد. و بالرغم من كل هذا سجل المغرب في عهده أكبر عمليات لتخفيض أسعار الكثير من الأدوية. و لعل حزب التقدم و الإشتراكية كان له الفعل الوحيد المسجل باسمه في تاريخ مشاركاته في الحكومات التي شارك فيها ذلك الذي سجله الحسين الوردي .

و لأن برنامج القناة الثانية سياسي بامتياز فقد تم إعداده بمهنية عالية من خلال إشراك ممثلين لواقع مجتمعي لا يمكن تجاوزه ، فقد كان النقاش رغم صعوبة إدارته، صعبا و أكثر قربا من واقع معاش. ولأن رؤية الصحافي ضرورية لقراءة الخطاب السياسي و تفكيك آليات إنتاجه، فقد أعطى منتج البرنامج حيزا زمنيا للقراءة النقدية التي تتجاوز التفاعل السياسي مع حاملي رسائل المجتمع المدني. وهنا تدخل الصحافي محمد لغروس المسؤول عن موقع العمق المغربي ليطرح السؤال الذي يحرج الفاعل السياسي الذي يحاول أن يبعد نفسه و حزبه عن كل ما جرى منذ أن أجبر على مغادرة سفينة الحكومة بعد عزل عبد الإله بن كيران و وصول صنوه الحميم جدا سعد الدين العثماني إلى رئاسة الحكومة.

وبقدر ما كان الماسك بزمام حزب التقدم و الإشتراكية متناغما مع من اختارهم مقدم البرنامج الحواري على القناة الثانية كولحسن، ليقدموا واقع العديد من معاناة المواطنين في مواجهتهم للاعطاب التعليمية والصحية ،بقدر ما ازدادت حساسيته حين تم طرح الأسئلة ذات الطابع السياسي و ربطها بمشاركة حزب التقدم و الإشتراكية لمدة طويلة في تدبير الشأن العام. و هنا يشعر الزعيم بخطورة السؤال و يحاول التفنن في البحث عن المبررات و يخفق في ذلك على طول الخط.

واقعنا مرير و تدبير الوزارات ذات الطابع الإجتماعي صعب و لكن إلقاء المسؤولية على الآخرين لتبرير الخصاص لعبة سياساوية مفضوحة. لذلك يظل الصحافي ممقوتا من طرف الكثير من رجالات السياسة و الذين عشقوا الكرسي بشغف كبير . سبق لي أن طرحت أسئلة غير بريئة و غير مدفوعة الثمن و نلت السباب و تهم خدمة الآخر و عميل المؤسسات. و لذلك أضم صوتي لصوت محمد لغروس في ضرورة طرح السؤال الواضح و المستفز دون خلفية سياساوية. أظن بكثير من التواضع أننا سنفتح الأبواب أمام إعلام لا يقوم إلا بواجب التتبع والتحليل دون محاباة أو اصطفاف مربح. سنحارب التشاؤم و سندعو لمشاركة مكثفة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بقوة مواطناتية دون الإخلال بواجب التعبير بحرية عن الرأي و بكل الآمال في بناء وطن قوي و متسع لكافة أبناءه و ضامن لحقوقهم و جبارا في محاسبتهم على كل أعمالهم و مسؤولياتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *