اقتصاد

القطاع المعدني يبوئ المغرب مراتب متقدمة في الخريطة العالمية للمعادن  

يمتلك المغرب حوالي 70  في المائة من احتياطيات الفوسفاط في العالم كما يتوفر على صناعة فوسفاطية متطورة جعله المصدر  الأول عالميا لهذه المادة. وتحتل المملكة مكانة بارزة في استغلال المواد المعدنية الأخرى كالفضة حيث تأتي في المرتبة 19 عالميا والأولى إفريقيا، ثم الفليورين (السابع عالميا والثاني إفريقيا)، والباريتن (الثالث عالميا والأول إفريقيا(، والكوبالت (المرتبة 11 عالميا والثالث إفريقيا).

ويعتبر القطاع المعدني من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث تبرز أهمية هذا القطاع إلى جانب الاستثمارات التي يجذبها من خلال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بما يقارب 7  إلى 10 في المائة، فيما تصل حصته في الصادرات الوطنية  إلى 21.7 في المائة من حيث القيمة سنة 2020 ، فضلا عن وقعه على التنمية المحلية والجهوية، بالإضافة إلى تأثيره الإيجابي على حركية النقل ونشاط الموانئ.

المعادن والتنمية الجهوية  

يعتبر قطاع المعادن قطبا تنمويا على المستوى الجهوي. وهكذا وعلى عكس كل المشاريع الاقتصادية الأخرى، فإن المناجم لا يختار مواقعها، إذ تتواجد حيث تظهرها أشغال الاستكشاف والبحث، وتظهر وجود مكامن قابلة للاستغلال والتي تتواجد غالبا في مناطق معزولة لا تتوفر على أي بنية تحتية أساسية.

وهكذا تساهم المناجم في إنشاء بنية تحتية مختلفة وخلق أنشطة موازية متعددة. وتحتاج المناجم لمزاولة النشاط بها، إلى طرق وممرات وإمدادات المياه والكهرباء والاتصالات وكذلك بنية تحتية سوسيو تربوية، من أجل العيش الكريم للنساء والرجال الذين يشتغلون بها.

تحديات القطاع  

يواجه أداء القطاع المعدني الوطني  تحديات عدة، خاصة قطاع المعادن خارج الفوسفاط. ويتعلق الأمر بشكل أساسي، بالحاجة إلى اكتشاف مكامن جديدة وتحسين القيمة المضافة للمواد المعدنية المستغلة.

بالإضافة إلى هذه التحديات الداخلية التي تواجه القطاع المعدني الوطني، فقد أصبح في السنوات الأخيرة يواجه تحديات جديدة مرتبطة بالمطالب الاجتماعية والبيئية المتزايدة حيث تم تسجيل العديد من المطالب للساكنة المجاورة للعديد من المناجم، بدرجات متفاوتة.

وتتميز الصناعة المعدنية بكونها صناعة تتطلب رؤوس أموال ضخمة وتتسم بعامل المجازفة، وتتطلب كذلك استثمارات كبيرة فيما يتعلق بأنشطة الاستكشاف والتثمين. بالإضافة إلى ذلك، فإن عائدات الاستثمار مرتبطة بعدة عوامل منها تقلبات سوق المواد المعدنية وارتفاع أسعار المواد الأساسية.

استراتيجية قطاعية

في سنة 2013، تم وضع إستراتيجية لتطوير هذا القطاع للفترة 2013 – 2025 . وتشمل هذه الاستراتيجية جميع سلسلة القيم الخاصة بالصناعة المعدنية، بدءا بالاستكشاف والبحث المعدني إلى تسويق المواد المستغلة، مرورا بالتخصيب وتثمين المواد المعدنية المستغلة.  وقد حددت هذه الإستراتيجية أهدافا تهدف إلى تحسين أداء قطاع المعادن في أفق 2025 ووضعت مشاريع مهيكلة لبلوغ الأهداف المسطرة.

وبعد مرور ست سنوات على تنفيذ الإستراتيجية المذكورة، تم سنة 2019 إجراء تقييم نصف مرحلي ما مكن من إنجاز تشخيص دقيق لتقدم الإنجازات في إطار إستراتيجية 2013-2025 والوقوف على الإكراهات والصعوبات التي واجهت تنزيل المشاريع حيث تم وضع الإجراءات والتعديلات التي يجب إدخالها من أجل تسريع تنفيذها.

رهانات محددة     

مكنت الإستراتيجية الجديدة لقطاع المعادن من تحديد ستة رهانات رئيسية لها علاقة بتنمية القطاع المعدني الوطني منها على الخصوص، تنشيط البحث والاستكشاف المعدني، وملائمة الهيكل التنظيمي للقطاع، وإضفاء الطابع المهني على الفاعلين المنجميين، ثم تحسين صورة القطاع وتعزيز مقبوليته الاجتماعية والرفع من تأثيره على التنمية المحلية، وكذا توفير الرأسمال البشري المؤهل واستثمار المعرفة اللازمة لتنمية القطاع واستدامته، إلى جانب تكييف الإطار القانوني والنظام الضريبي والمالي مع خصوصيات القطاع.

مخطط جديد

يرتكز المخطط المغربي  للمعادن 2030-2021 ، الذي يعتبر ملائمة لمضامين الاستراتيجية التنمية للقطاع المعدني خارج الفوسفاط، على تثمين ما تم تحقيقه من إنجازات. كما جاء بالتعديلات اللازمة التي تأخذ بعين الاعتبار التقائية مصالح المتدخلين في القطاع من أجل جعل القطاع المعدني قاطرة للتنمية المسؤولة والمستدامة على المستوى المحلي والجهوي والوطني تجمع بين الحكامة الجيدة و التنمية الاقتصادية المستدامة والمحافظة على البيئة، و احترام حقوق الساكنة.

وبالتالي، فإن مخطط المغرب المعدني الذي يؤسس لمقاربة شاملة وواقعية بهدف تطوير قطاع معدني تنافسي، يرتكز على أربع محاور إستراتيجية.

تدابير الدعم والمواكبة

تم طرح العديد من التدابير لتنفيذ مخطط المغرب المعدني 2021-2030 تتعلق بإصلاح وإنشاء أو تحويل هياكل أو لجان، وفي هذا الإطار، أثيرت العديد من التساؤلات والتي تم يمكن تقسيمها إلى ثلاث مواضيع أساسية خلال ورشات العمل الخاصة بإعداد مخطط المغرب المعدني، وخاصة دور المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن في مجال البحث والاستكشاف المعدني على الصعيد الوطني، والمؤسسات والضرائب والتمويل، ثم  حصر المعادن الإستراتيجية، وإعداد البنية التحتية الجيوعلمية، ثم إنشاء المختبر الوطني للمعادن، ومواكبة  الشركات المعدنية الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء صندوق التنمية المعدنية، إلى جانب الإشراف على دور الفاعلين المنجميين في التنمية المحلية، وتعزيز الإيرادات المعدنية.

ومن أجل ذلك، سيتم العمل على تعزيز دور المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن كفاعل عمومي مركزي لتنمية قطاع المعادن، وتكليفه بالاستكشاف والبحث عن المعادن الإستراتيجية على المستوى الوطني.

علاوة على ذلك، ترتكز الاستراتيجية الجديدة على تقوية وتطوير مديرية الجيولوجيا، وتعزيز الموارد البشرية والتقنية لمديرية الجيولوجيا، بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، مع إمكانية إعطائها صفة المؤسسة المسيرة بطريقة مستقلة للسماح لها بالمرونة المالية والإجرائية، هذا إلى جانب نشاء المختبر الوطني للمعادن.

وتعمل هذه التدابير أيضا على مصاحبة الشركات المعدنية الصغيرة والمتوسطة من خلال تطوير وتقوية دور مركزية الشراء والتنمية للمنطقة المنجمية لتافيلالت وفجيج وتوسيع نطاق تدخلها لتشمل الشركات المعدنية الصغيرة والمتوسطة على المستوى الوطني.

هذا دون إغفال التطوير والتكوين والموارد البشرية المؤهلة بما يتناسب مع احتياجات القطاع، وإعادة توجيه المدرسة ومعاهد التكوين التابعة للقطاع نحو مهن المعادن والجيولوجيا، مع إنشاء معاهد تكوين جديدة في بعض المناطق ذات المؤهلات المعدنية (درعة تافيلالت وسوس ماسة)، وإنشاء مرصد للمعادن يسمح على وجه الخصوص بالرفع من الحصول على الاحتياجات من الموارد البشرية الحالية والمستقبلية.

وفصلا عن ذلك سيتم العمل على تعزيز ظهور صناعة تثمينية وتحويلية للمواد المعدنية، وإرساء مرونة قانونية لتعزيز التثمين والتحويل، ثم إرساء إجراءات جبائية لتعزيز تطوير التثمين والتحويل.

التدبير الجديدة تسعى كذلك إلى وضع نظام جبائي ملائم للقطاع  وضع إجراءات جبائية تحفيزية تجمع بين تشجيع الاستثمار في مرحلة الاستكشاف والبحث وبين تحسين مداخيل الدولة في مرحلة الاستغلال، مع وضع هياكل الحكامة لتحسين جميع الإجراءات والتدابير المختلفة والمتعلقة بمخطط المغرب المعدني التي تم تسجيلها وتضمينها في إطار برنامج عمل يمتد من 2021 إلى 2030. وتم وضع هياكل الحكامة التي يتمثل دورها في ضمان تنفيذ مخرجات مخطط المغرب المعدني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *