مجتمع

“جحيم” الإجراءات القانونية يفاقم مآسي عائلات المتوفين بمستشفيات مراكش

وفاة كورونا بالمغرب

يعاني ذوو وعائلات المتوفين داخل المستشفيات العمومية بمدينة مراكش من تعقيدات المساطر القانونية التي يتوجب عليهم القيام بها من أجل الحصول على جثة المتوفى ودفنه، في ظل بعد المسافة بين الشباك الوحيد المخصص لهذه الإجراءات في المكتب الجماعي لحفظ الصحة وجميع المستشفيات العمومية بالمدينة الحمراء.

مصدر موثوق أكد لجريدة “العمق”، أن العديد من الأسر المغربية المعوزة والتي لا تستطيع مواكبة هذه الإجراءات تضطر إلى التخلي عن جثث أفراد عائلاتها، وتركها إلى أن تتكلف المصلحة المختصة في المكتب الجماعي لحفظ الصحة بإجراءات الدفن.

وأفاد مصدر جريدة “العمق” أن عدد الجثث التي يتم التخلي عنها في مستشفى واحد من المستشفيات التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، تصل إلى عدد يتراوح بين 30 و40 جثة شهريا.

مسطرة مرهقة

وتزيد الإجراءات تعقيدا وتكلفة بالنسبة للحالات التي توفيت جراء الإصابة بفيروس “كورونا” المستجد، أو التي تريد العائلة دفنها خارج جماعة مراكش، حيث تضطر العائلة إلى الانتقال بداية من المستشفى الواقع وسط المدينة أو أحد أطرافها الشرقية إلى الجهة المقابلة في أقصى غرب مدينة مراكش من أجل مواكبة إجراءات الدفن بالشباك الوحيد.

ويضطر المكلف بهذه الإجراءات نيابة عن عائلته إلى الانتقال بين مكتبين اثنين داخل المكتب الجماعي لحفظ الصحة، والخروج بعد القيام بأي إجراء في أي مكتب من أجل طبع نسخ إضافة من الوثائق المسلمة له، ويزيد بعد المكتبات عن المكتب أعباء عائلة المتوفى.

ويتم الرجوع بعد إلى ذلك إلى مستودع الأموات في المستشفى التي تمت فيه الوفاة، من أجل تسليمهم نسخا من الوثائق المحصل عليها من المكتب الجماعي لحفظ الصحة قصد الحصول على الجثة لدفنها.

أما في الحالات المتعلقة بالوفاة بسبب جائحة “كورونا” أو التي تريد العائلة دفنها في مقبرة تقع خارج النفوذ الترابي لجماعة مراكش، فيلزمهم العودة مرة أخرى إلى المكتب الجماعي لحفظ الصحة قصد تشميع الصندوق من طرف ممثل الشرطة القضائية داخل الشباك الوحيد.

تكاليف باهضة

أجمعت روايات عائلات التقت بها جريدة “العمق” داخل مستشفى ابن طفيل الواقع وسط جليز، وكذا روايات أطر صحية بمختلف المستشفيات الأخرى، على أن عدم توفر المستشفيات على شباك مماثل للموجود بالمكتب الجماعي لحفظ الصحة، يرهق العائلات بكثرة التنقلات وتكاليفها، خصوصا في الحالات التي لا تتوفر على وسيلة نقل أو المنحدرة من خارج مدينة مراكش وليس لها معرفة بخريطة المدينة.

وتكلف الرحلة الواحدة ذهابا أو إيابا بواسطة الأجرة الصغيرة مبلغا يتراوح بين 25 درهما من أقرب مستشفى، وهو مستشفى ابن طفيل، إلى حوالي 50 درهما عندما يتعلق الأمر بباقي مستشفيات المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس.

أما الحالات التي تضطر فيها العائلة إلى نقل الجثة أولا إلى المكتب الجماعي لحفظ الصحة، فتجد نفسها مضطرة لتحمل تكاليف لا تقل عن 300 درهما على أقل تقدير وتصل إلى 600 درهما، تفرضها سيارات نقل الأموات الخاصة التي تعد الملاذ الوحيد في ندرة السيارات التابعة لجماعة وكثرة الطلب عليها.

الأكثر من هذا، يفرض البروتوكل على الخاص بدفن وفيات جائحة “كورونا” أن توضع الجثة في صندوق خاص مغطى بالمعدن من الداخل، وأصبحت عائلات المتوفين مضطرة إلى أداء مبلغ لا يقل عن 1300 درهما من أجل الحصول على الصندوق، وذلك بعد توقف الدول عن التكفل بنفقات دفن جثث وفيات “كوفيد19”.

وعد بإيجاد حل

جريدة “العمق” نقلت هذه المعطيات إلى رئيس المجلس الجماعي لمدينة مراكش، محمد العربي بلقايد، الذي أكد في اتصال هاتفي أنه سيتدارس الملف مع مصالح وزارة الصحة والمصالح المعنية من أجل إيجاد حل للمشكل، وأفاد أنه يمكن إعادة فتح الشباك الوحيد داخل المقاطعات القريبة من المستشفيات كما كان معمولا به في السابق قبل فشل التجربة، على حد تعبيره.

وأكد بلقايد أن الإجراءات المعمول بها حاليا من أجل الحصول على التصريح بالدفن أو رخصة نقل الجثة خارج الجماعة، كانت منذ سنوات طويلة تتم داخل المكتب الجماعي لحفظ الصحة، مردفا ربما الموقع الجديد للمكتب بحي أبواب مراكش جعل المعاناة تتفاقم مقارنة مع المقر القديم الواقع بباب دكالة وسط المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *