وجهة نظر

النظام الجزائري والصعود إلى الهاوية

“فالمغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان. لذا، أدعو فخامة الرئيس الجزائري ، للعمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية، التي بناها شعبانا، عبر سنوات من الكفاح المشترك”: الملك محمد السادس.

– بمجرد أن أعلن وزير الشؤون الخارجية رمطان العمامرة قطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب انبرى بعض المحسوبين على الإعلام و تحليل الخطاب السياسي وعدد غير قليل من “رؤساء” تحرير مواقع “إخبارية” لرفع منسوب العداء والكراهية بين الدولتين الشقيقتين ، ناهلين من قاموس الدم والخراب للحرب الباردة ، مدافعين بلا هوادة عن صدام مأساوي قادم ، بين بلدين يجمع بينها التاريخ والحاضر والم ستقبل. إن قرار قطع العلاقات الذي أعلنت عنه الجزائر من طرف واحد مسلك سيادي لدولة مستقلة ، رغم أنه لم يتمأسس على براهين وحجج مقنعة ، بقدر ما أنه اختيار غير محسوب العواقب. وفي كل الأحوال لم تكن هناك علاقات أصلا حتى تقطع ، كما أن القطرين تعودا على ” العيش بصيغة المفرد” منذ عقود، ولن يكون هناك أي تأثير لهكذا إجراء سياسي يفتقر إلى الاستدلال العقلاني المطلوب على الوضع المجتمعي والمعيشي على الأقل بالنسبة للمغاربة ، غير أن انتماءنا للثقافة الإنسانية الرحبة المؤمنة بالانفتاح والتسامح والتآزر والحرية .. يحدو بنا حدواً نحو الحلم بما هو أجمل وأفضل وأرقى !

– ما من شك في أن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الجزائر ليس على ما يرام، كما أن الشعب الجزائري في عمومه غير معني بقرار القطيعة الدبلوماسية مع المغرب، بقدر يتطلع إلى الحرية والديمقراطية والعدالة والعيش الكريم، والانفتاح على إخوانهم المغاربة في أسرع وقت ممكن، وأكاد أقول إن هذا القرار الصادر عن “عقل” دولة المليون شهيد مجازفة ومغامرة انتحاريتين، ولعل هذا سبب وجيه وراء تكرار الملك المغربي محمد السادس في خطاب العشر مداخل لغوية تندرج في سياق حقل الحكمة من قبيل : (العقل، المنطق، الثقة، الحوار، حسن الجوار، حرية تنقل الأشخاص، انتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال، المصالح العليا..)، وكأنه كان على علم مسبق بما قد يقدم عليه حكام الجارة الشرقية من مسلكيات تفتقر إلى مستلزمات الفكر السليم،

– وعليه عبر تطبيع العلاقة بين البلدين الشقيقين، وفتح الحدود بينهما وتحييد المشاكل والنزاعات الوهمية المؤججة للصراعات والمهددة بأوخم العواقب، يمكن بلورة قطب مغاربي غير مسبوق، وقوة فعالة نحو البناء والتشييد، وإقامة مستقبل واعد، مستقبل الدولة الوطنية الديمقراطية بحصر المعنى. إن كلا من المغرب والجزائر في حاجة إلى مد جسور المودة والتآزر والعمل المشترك من أجل غد مشرق، أما المناكفات المتجاوزة والاتهامات المجانية والمسيئة فلا يمكن أن تزيد واقعنا العربي و المغاربي إلا فسادا فوق فساد. فهل تفعلها الجزائر ولو مرة واحدة في تاريخ استقلالها الحديث، وتكفر عن خطاياها وتضع حدا لمسلكياتها السياسية، وتقف في وجه التصريحات والمواقف غير المسؤولة، ذات الصلة بشؤون المغرب الداخلية، والمعادية لمصالحه الحيوية، وتساهم في طي صفحات حالكة السواد، وكتابة أخرى بوازع العقل والعروبة والدين والقيم والمواثيق المعترف بها دوليا؟ أم أننا سنظل ”نحلم في زمن الوهم”؟ في كل الأحوال الكرة هنا والآن في مرمى الجزائر، أما المغرب فقد قرر رغم كثير من الأخطاء والمعيقات أن يمضي قدما في سفر طويل الأمد، في اتجاه التنمية والديمقراطية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *