مجتمع

خبير في المناخ: الاحتباس الحراري والجفاف ونمط العيش من مسببات الحرائق

سلمى الركيبي – صحفية متدربة

عرف المغرب صيف هذه السنة اندلاع مجموعة من الحرائق في مناطق عدة مست المنظومات البيئية الغابوية في طنجة، صفرو ومنتزه بوهاشم بشفشاون، إضافة إلى واحات الجنوب الشرقي التي عرفت هي الأخرى حرائق متكررة، فما الأسباب الكامنة وراء اندلاع هذه الحرائق؟ وكيف يمكن مواجهتها والحد منها؟ وما جهود المغرب المبذولة لحماية المنظومات البيئية الهشة (الواحات)؟

جريدة “العمق” نقلت هده الأسئلة إلى المهندس والخبير في المناخ والتنمية المستدامة محمد بنعبو، الذي أرجع السبب في هذه الحرائق إلى الاحتباس الحراري وما يرافقه من جفاف وموجات حرارية متتالية اذ أصبحت ظاهرة حرائق الواحات تتكرر بشكل لافت في السنوات الاخيرة مقارنة مع العقود الماضية.

كما أرجع بنعبو ذلك أيضا إلى تغير المناخ ونمط الحياة، إذ تغير عدد سكان الواحات بالهجرة إلى المدن الكبرى، مما خلف واحات فارغة من فئة الشباب التي يعول عليها في حماية هذه المنظومة البيئية الهشة، وغياب إرادة الفاعل الترابي في مواجهة تحديات التغيرات المناخية محليا.

وتنضاف إلى هذه الأسباب، بحسب المتحدث، ندرة المياه والجفاف المتكرر مما أدى إلى زيادة إضعاف النظام البيئي، وفرض ضعفا على الأراضي الزراعية غير المروية المجاورة للواحات التي تعتمد على هطول الأمطار الغزيرة والغطاء النباتي وامتدادات المياه الجوفية.

المغرب في مواجهة الحرائق

قال الخبير محمد بنعبو إن المغرب يتوفر اليوم على أسطول من الطائرات المتخصصة في هذا النوع من الكوارث الطبيعية، كما أنه راكم تجربة عالمية رائدة حيث سبق للمغرب أن ساهم في إطفاء الحرائق خارج التراب الوطني، في إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وجزيرة كورسيكا.

وأكد أن هذه التجربة الدولية تبرز الاستعداد القوي والتداريب الميدانية المتقدمة لعناصر الوقاية المدنية والدرك الملكي والقوات المسلحة الجوية لمواجهة مثل هذه الوضعيات المناخية المفاجئة، حيث تمكن المغرب في ظرف وجيز من إطفاء حريق شفشاون الذي أتى على حوالي 1100 هكتار 60 في المائة منها عبارة عن حشائش ونباتات ثانوية دونما أن يخلف خسائر في الممتلكات حيث حال التدخل الناجح والسريع دون اقتراب النيران من الدواوير المجاورة لبؤر الحرائق المتكررة بسبب موجة الحرارة الاستثنائية التي عرفها المغرب طيلة شهري يوليوز وغشت الحالي.

الواحات

وأشار بنعبو في حديثه للجريدة إلى جهود المغرب الكبيرة في هذا المجال والتزامه دوليا في حماية المنظومات البيئية الهشة للواحات، التي تتمثل في التوقيع على اتفاق باريس لتغير المناخ، الذي تنص المادة السابعة منه على حماية النظم البيئية الأكثر ضعفا، مثل الواحات التي تضم حوالى ثلث ساكنة العالم وتغطي نصف الكرة الأرضية وحوالي الثلثين من مساحة القارة الافريقية، وبناء على هذا الاتفاق فقد اشتغل المغرب منذ سنوات على إعداد استراتيجية وطنية وخطة عمل لانقاد واحات المغرب عبر تنفيد ثلاثة برامج وطنية بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال الفترة الممتدة ما بين2006 و2014، سعيا لتوجيه الظروف المحلية نحو تنفيد التدابير التي تعتبر محمية للواحات ومستدامة للتنمية الإقليمية، عبر تعزيز وتجميع المهارات بواحات فكيك وطاطا وتافيلالت.

وأشار إلى أن المغرب كان قد أطلق مبادرة الواحة المستدامة، عبر تعزيز نظام الحكامة الجيدة عبر قيادة التنمية الإقليمية المتكاملة داخل مناطق الواحات، بإنشاء الوكالة الوطنية لتطوير مناطق الواحات عام 2010 لتعزيز التنمية الإقليمية من خلال إدماج جميع المتدخلين من فاعل ترابي وسلطة محلية ومنظمات المجتمع المدني البيئي.

واستدرك المتحدث بأن التدخل المحلي لا يكفي الوضعية الراهنة للواحة المغربية، بل الأمر يتطلب تعاونا دوليا لانقاد الواحات، حيث تأمل العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بالواحات إلى إيجاد إجابات وحلول وتقديم مساعدات.

وأَضاف أن المغرب بمناسبة انعقاد المؤتمر 22 للأطراف حول المناخ في نونبر 2016 بمراكش قدم 13 خطة عمل لحماية هذه النظم البيئية، بما في ذلك مبادرة جديدة أطلق عليها اسم: “الواحة المستدامة” وهي تستهدف ثلاثة مجالات استراتيجية للتدخل أولها التعرف على خصوصيات نظام الواحات، وضعفه وقدراته الفريدة على الصمود في وجه تغير المناخ، حيث سيتطلب هذا الاعتراف أولا إجراء إحصاء شامل لمناطق الواحات من خلال رسم خرائط دقيقة.

واسترسل بنعبو، ثانيا: تنفيذ إجراءات منسقة للحفاظ على التنوع البيولوجي النباتي والحيواني، والتقنيات الزراعية والاستغلال الأمثل لموارد المياه، والإشراف على التحضر والدفاع عن التراث المعماري والثقافي للحفاظ على النظام البيئي ورأس المال البشري لهذه الأماكن في المغرب وفي جميع البلدان المعنية، ثالثا تطوير إمكاناتها الطبيعية في نهج التنمية المستدامة الذي يدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *