أدب وفنون

الشباب المغربي والكتابة الإبداعية .. نفور أم إقصاء؟

هاجر إعزة – صحفية متدربة

بإطلالة سريعة على أغلفة الكتب المنشورة في معارض الكتاب كل سنة. تلاحظ جليًّا غياب العناوين الشبابية أو قلَّتها. وإن وجدت فتلاحظ ركاكة بعضها وبساطة بعض آخر، لكن هذا لا يمنع من وجود أعمال إبداعية مهمة لم تر النور بعد أو لم تحظ بالتسويق والترويج الكافيين لتصل لعموم القراء.

وهنا يطرح السؤال عن مدى إقبال الشباب المغاربة على فعل الكتابة وعن جودة كتاباتهم ومدى تأثيرها في الحقل الإبداعي المغربي؟

صخرة النشر
عبد النبي الشراط، وهو ناشر وكاتب صحفي. صرح لجريدة “العمق المغربي” الإلكترونية أن العديد من الطاقات الشابة المغربية، تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم في عالم الكتابة والتأليف، “على الرغم من سيطرة الانترنيت على عقول أغلب هذه الفئة.”

وبيَّن الشراط، أن “إكراهات عديدة تعترض طريق الشباب الذي يسعى ليثبت اسمه على كتاب أو مطبوع”، حيث اعتبر اللغة أول هذه الإكراهات. كون هؤلاء الشباب يعانون من ضعف في اللغة، نتيجة اعتمادهم على ما تلقوه في المدارس والجامعات فقط. دون سعي منهم لتطوير مهاراتهم وتجويدها.

ولا ينفي ذات المتحدث، وجود بعض “الاستثناءات القليلة جدا” التي تتقن فن الحكي والسرد. وتتمتع بمقدرة خاصة على الكتابة بالأسلوب السليم واللغة السلسة.

ويدعو الشراط، إلى تشجيع الشباب على ممارسة هذه العملية الإبداعية من لدن الجهات الوصية على الثقافة والإبداع على وجه الخصوص، مضيفا أنه وإن توفرت الأعمال المطلوبة، فإن “صخرة النشر” تبقى عائقاً أمام هؤلاء الشباب. خاصة كون قطاع النشر بالمغرب لا يحظى بأي دعم لهذه الفئة، التي لا تستفيد من الدعم الذي تخصصه الوزارة لدعم نشر الكتاب “حيث ترفض أعمالهم تحت ذريعة أنهم غير معروفون، وليس لهم تأثير في الساحة. لتوزع عطاءات الوزارة استناداً للعلاقات والزبوبية والعلاقات الحزبية الضيقة.”

التكنولوجيا وتحرير الإبداع
ويرى الكاتب والناقد المغربي سعيد الفلاق، أن الثورة التكنولوجية وما صاحبها من بروز لمواقع التواصل الاجتماعي، شكلت عاملا حاسما في تحرير الابداع من جهة، وتشجيع فئة واسعة على القراءة والكتابة من جهة ثانية، لذلك نرى اليوم وجود عدد مهم من الشباب المبدع في القصة والرواية والنقد والشعر وغير ذلك من الفنون. لتتوالى بعدها الإصدارات وتكثر التراكمات.

ويرجع الفلاق الحكم على جودة الأعمال للقارئ أولا. غير أنه لا ينفي وجود تباين في مستوى هذه الأعمال بحسب كل كاتب وكل كتاب. لكن حصول بعض الشباب على جوائز عربية ومغربية “ذات قيمة ومصداقية” بشكل مستمر، حسب ذات المتحدث، يمكن أن يكون مؤشرا على جودة هذه المؤلفات، إذ لو لم تكن كذلك لما استحقت التتويج، “بالرغم من أن الجائزة ليست معيارا دائما لكنها على الأقل مؤشر مهم” يضيف سعيد.

تأثير هذه الاعمال حسب ذات الكاتب ينكشف من خلال الإقبال على قراءتها ودراستها والكتابة عنها. مضيفا أن التأثير الحقيقي يحتاج إلى وقت وتراكم كي يظهر ذلك فقارئ اليوم -حسب الفلاق- هو كاتب الغد وكاتب الغد هو صانع أجيال الغد.

نظرة المجتمع
ومن جهته، يرى عثمان الجديد، مؤسس منصة “كتاب مغاربة”، أن فعل الكتابة لا يعد مفخرة في نظر المجتمع كباقي الفنون الإبداعية الأخرى. فالمجتمع سيقف ويصفق للمغني والممثل والرسام، لكنه لن يتصرف بالسلوك ذاته مع الكاتب. ما جعل الكتابة من آخر اهتمامات الشباب المغاربة، على عكس ما كانت عليه سابقاً. فالكتابة كانت فنا قائما بذاته، يبدع فيها محبو هذا الفن الأدبي ويتفرَّغون له. أما اليوم فلم تعد الكتابة سوى صفة تلصق بالممثل والمخرج والأستاذ…

وعن جودة الكتابات الشبابية، يضيف عثمان الجديد، أن الممارسة والتجربة كفيلان لتطوير مستوى الكاتب وتحسينه، معتبراً أن الجودة تختلف من كاتب لآخر بناء على مستواه اللغوي والمعرفي. فلا وجود لأعمال إبداعية ضعيفة حسب الجديد. فالأمر رهين بالاستمرارية والكتابة المنتظمة.

وأكد الجديد، على ضرورة فسح المجال للشباب للإبداع والتعبير عن ذواتهم. مبرزا دور الكتابة الإبداعية، باعتبارها سبيلاً لتطور الحضارات وازدهارها. وتهذيب النفوس والترويح عنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *