خارج الحدود

قصة أول سيدة أمريكية تموت بكورونا.. أصيبت بأزمة تنفسية ولم يكن أحد يعلم السبب

قالت صحيفة The Mercury News الأمريكية، في تقرير نشرته الخميس 2 سبتمبر 2021، إن سيدة تدعى لوفيل “كوكي” براون، توفيت في 9 يناير 2020، في أحد مستشفيات وسط الولايات المتحدة على بُعد 7200 ميل من مدينة ووهان الصينية، وقبل أسابيع من إدراك العالم أنَّ فيروساً غامضاً يستهدف الجهاز التنفسي يجوب العالم مُهدداً البشرية.

لكن بعد ظهر الأربعاء 1 سبتمبر 2021، عندما تسلّمت ابنة لوفيل، بيتشز فوستر، شهادة وفاة أمها المُعدّلة، من مكتب الإحصاءات الحيوية في توبيكا بولاية كنساس، علمت بيتشز أخيراً ما كانت تشتبه فيه منذ فترة طويلة. وقالت: “إنه كوفيد-19. كنت أعرف ذلك”، ثم انفجرت في البكاء.

هكذا اكتشفت أنَّ والدتها مُدرَجة الآن بوصفها أول حالة معروفة في الولايات المتحدة تموت من جرّاء “كوفيد-19”.

التهاب رئوي
لكن قبل ثلاثة أشهر، أضاف طبيب براون بهدوء: “الالتهاب الرئوي الناجم عن كوفيد-19 ضمن أسباب وفاتها؛ مما لا يمثل تعديلاً لسجلِّ وفاتها فحسب، بل يعيد فعلياً كتابة الجدول الزمني لوقت وصول الوباء إلى الولايات المتحدة”.

على مدى أكثر من عام، كانت وفاة امرأة من سان خوسيه تُدعى باتريشيا دود، بتاريخ 6 فبراير 2020، تُعتبر أول حالة وفاة في الولايات المتحدة بسبب “كوفيد-19”. فقبل شهر تقريباً، وفي اليوم نفسه الذي أبلغت فيه منظمة الصحة العالمية، لأول مرة، عن أنَّ فيروس كورونا المستجد مسؤولٌ عن الفاشية في الصين، دخلت جَدَّة كبيرة تبلغ من العمر 78 عاماً، من كنساس في هذه القصة.

شهادات وفاة
في حين كشف تحقيق أجرته ونشرته مجموعة Bay Area News Group للنشر الصحفي، في الشهر الماضي، عن خمس شهادات وفاة على الأقل، من يناير 2020، في خمس ولايات -كاليفورنيا وأوكلاهوما وألاباما وويسكونسن وكنساس- عُدِّلَت في الأشهر الأخيرة، لتشمل “كوفيد-19” ضمن عوامل الوفيات.

كانت حالة كنساس هي الأقدم. ولا يبدو أنَّ هذه المراجعات المحيّرة تُعيدنا إلى الوراء وقت وصول الفيروس إلى الولايات المتحدة فحسب، بل تشير أيضاً إلى أنه وصل إلى قلب الولايات المتحدة في وقت أبكر كثيراً من المناطق الساحلية في البلاد التي سُجِّلت فيها الإصابات الأولية.

حتى هذا الأسبوع، لم يكن لدى عائلة لوفيل براون أية فكرة عن تعديل طبيب وحدة العناية المركزة شهادة وفاة والدتها. كما لم يتلقوا أي اتصال من المستشفى، ولا محادثة مع مسؤولي الدولة.

فيما لا يزال وقت إصابة لوفيل بالفيروس القاتل وكيفية إصابتها لغزاً محيراً، بالنظر إلى أنَّ حياتها كانت تدور حول عائلتها المتقاربة. كما أنه من غير الواضح لماذا اتخذ طبيبها الخطوة غير العادية لتغيير شهادة الوفاة بعد أكثر من عام، ولم يشرح قراره بعد.

الذهاب للمواعيد الطبية
في حين أنه في الأشهر الأخيرة من حياة لوفيل، نادراً ما غادرت المنزل باستثناء الذهاب إلى المواعيد الطبية لمرض السكري ومرض الانسداد الرئوي المزمن وفحص رئتيها للتأكد من خلوهما من سرطان الرئة الذي أصيبت به منذ سنوات.

من ناحية أخرى قال ابنها كيفن براون، الذي يجد صعوبة في مناقشة الأحداث التي وقعت قبل أكثر من عام: “لم تسافر. من الصعب استرجاع ما حدث”.

لكن عندما بدأ الحديث عن الفيروس يهيمن على التقارير الإخبارية المحلية في مارس 2020، تذكَّر كيفن أنَّ شقيقته بيتشز قالت له: “أعتقد أنَّ أمي مصابة بكوفيد-19”.

في الأيام والأسابيع التي سبقت وفاة لوفيل بمركز بروفيدنس الطبي في كنساس سيتي، عانت لوفيل براون صداعاً شديداً وسعالاً جافاً وحمّى وإسهالاً وآلاماً في الجسم، وأعراضاً أخرى سرعان ما أصبحت مألوفة في جميع أنحاء العالم.

كما ذكرت شهادة وفاة براون الأصلية أنها ماتت فقط بسبب السكتة الدماغية ومرض الانسداد الرئوي المزمن. لكن في مايو/أيار من هذا العام، تغيّر ذلك.

في هذا السياق، يستبعد جون شوارتزبيرغ، خبير الأمراض المُعدية والأستاذ الفخري بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، إمكانية معرفة ما إذا كانت لوفيل أصيبت بـ”كوفيد-19″ أم لا بدون عينات من الأنسجة أو الدم. ولم يتضح بعدُ ما إذا كانت هناك أية عينات متبقّية، فقد حُرِق جثمان براون بعد وقت قصير من وفاتها.

لكنه يرى أنَّ الأعراض والجدول الزمني لمرضها يتناسبان مع النمط المعتاد للفيروس؛ لذا من المحتمل تماماً أنها مصابة. وبرغم أنَّ العديد من حالات “كوفيد-19” التي شُخِّصت في وقت مبكر، تضمنت السفر من وإلى آسيا، فإنه لم يفعل ذلك جميعها. وتشير دراسات الخبراء والأجسام المضادة لعينات الدم المُتبرّع بها إلى أنَّ الفيروس كان ينتشر بالفعل في الولايات المتحدة بحلول أواخر عام 2019.

التعامل مع “كوفيد-19”
قال شوارتزبيرغ: “هذا يُعلِّمنا أننا بحاجة إلى مراقبة قوية حقاً على مستوى العالم للتعامل مع فيروس كوفيد-22 التالي وما إلى ذلك”.

من جانبه، وصف جون إيبلي، المُشرِّع في ولاية كنساس وطبيب الأسرة الذي عالج مرضى “كوفيد-19″، تلك الحالة بأنها “محيّرة”، لكنه لم يُفاجَأ بفكرة انتشار الفيروس في ليفنوورث، وهي بلدة عسكرية بها كثير من المسافرين الدوليين والعديد من السجون. وشبَّبها إيبلي بأنها “مثل أماكن تجمع بها منشطات” للفيروس.

حيث قال إنَّ وفاة لوفيل براون تشير إلى أنَّ الفيروس كان ينتشر هنا قبل أن يدرك الخبراء ذلك. وأضاف: “أعتقد أنَّ هناك حالات أخرى مثل هذه الحالة في ليفنوورث. لكنهم فقط غير معروفين حتى وقتنا هذا”.

تابع إيبلي: “أعتقد أنَّ هذا سيستمر إلى الأبد. سينتهي الوضع الحالي، لكن تكهنات ستظل تُثار، حول كيف بدأ ومن أين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *