وجهة نظر

لماذا انهزم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية؟

انتهت الانتخابات التشريعية المغربية بتحقيق فوز ساحق لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يوصف بحزب “رجال الأعمال” بعد تمكنه من الحصول على مئة ومقعدين اثنين ، في المقابل مني حزب العدالة والتنمية “الحاكم” والمحسوب على تيار “الإسلام السياسي” بخسارة مدوية بحصوله على 13 مقعدا فقط.

وبالرغم من أن الخسارة بهذه الطريقة ليست غريبة في الأعراف الديمقراطية، فقد سجل اتحاد الوسط الديمقراطي الإسباني في انتخابات 1982 تراجعا من 167 مقعدا إلى 11 مقعدا، وهو تراجع بقرابة 93%، كما حصل سيناريو شبيه مع الحزب الاشتراكي اليوناني “بازوك” بتراجع من 50% من الأصوات سنة 2009 الى 13% سنة 2012، فإن هذه النتيجة بالمغرب تعد سابقة في تاريخ الانتخابات المغربية، لأنه لم يكن أكثر المعارضين لسياسة وايديولوجية الحزب يتوقع هذه النتيجة المفاجئة، بالنظر للخزان الانتخابي للحزب الذي يوصف بأنه قار وللمقاطعة الواسعة للعملية الانتخابية التي كانت في الانتخابات الماضية لصالح إخوان سعد الدين العثماني.

تراجع العدالة والتنمية من 125 مقعدا خلال انتخابات 2016 إلى 13 في الانتخابات التشريعية الحالية، التي جرت الأربعاء 8 شتنبر 2021، لا يمكن اختزال أسبابه في القرارات التي اتخذتها حكومتي عبدالاله بنكيران وسعد الدين العثماني، وإن كان لها النصيب الأوفر في تشكيل جبهة داخلية قوية ضد الحزب والمكونة أساسا من الطبقة المتوسطة المتضررة بشكل مباشر من هذه الإجراءات المتمثلة في تحرير أسعار المحروقات وملفي التعاقد والتقاعد وغيرها من الملفات التي لم تتجرأ أي حكومة من مجرد الاقتراب منها بما فيها حكومة التكنوقراط التي ترأسها ادريس جطو ما بين 2002 و2007.

عوامل أخرى ساهمت بشكل كبير في النتيجة النهائية التي حصل عليها الحزب والمتمثلة أساسا في تناقض ممارسة الحزب مع الشعارات التي كان يرفعها قبل الحكومة الأولى ولا الثانية، خصوصا في ما يتعلق بملفات الصحة والتعليم ومحاربة الفساد.

ينضاف ذلك إلى سقوط الحزب في تناقض كبير مع “مرجعيته الإسلامية” بعد التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وظهور أصوات من داخل العدالة والتنمية تبرر هذا التطبيع، ما أدى إلى حرق ورقة “الخطاب الديني” التي كان يستعملها الحزب في مناسبات عديدة، وبالتالي فقدان أصوات أنصار هذا النوع من الخطاب.

كما لا يمكن الحديث عن الهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية دون الإشارة إلى السياق الدولي ومحاولة إنهاء حكم ما يسمى بالاسلام السياسي في الدول التي أعطت الصدارة لهذه الأحزاب بعد الربيع العربي لسنة 2011، والرغبة في وضع حد لهذا التيار في آخر بلد عربي بعد تونس التي عمل رئيسها على تجميد مجلس النواب الذي يهيمن عليه نواب النهضة المحسوبة على هذا التيار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *