وجهة نظر

المولديات: تعلق دائم بخيرالبرية

لقد كانت للمغاربة دراية كبيرة واطلاع واسع بهذا المنحى الإبداعي، وحبهم الشديد في إقامة ولائم دينية يشارك فيها الخواص والعوام حتى تنغرس في نفوس عامة الشعب، وهذا ما يفسر ما ذهب إليه محمد المنوني في كتابه مولديات مغربية بكون هذه المولديات سهلة وواضحة من حيث معانيها ومضامنها الدينية، وحتى نتمكن من الوقوف على هذه الملامح البارزة في الشعر المولدي المغربي، يبدو من الضروري الوقوف على مجموعة من التصورات التي تشيد ببروز هذا المنحى الابداعي، الذي يخاطب الوجدان بسجل تاريخي حافل بمجموعة من الانجازات والبطولات المنسوبة لخير البرية، وفي مقدمتها معجزته وأفعاله وأقواله وكل ما يتعلق بذلك من قريب أو بعيد، وأثره العميق في الدواخل النفسية عند المغاربة عبر تاريخه الطويل والحافل بمجموعة من المعطيات حقق من خلالها المغاربة فرادتهم وخصوصيتهم.

ويتحدث ابن خلكان في وفياته، فيذكر أن ابن دحية السبتي – وهو من كبار علماء المغرب في عصر الموحدين – حين قدم إلى أربل سنة أربع وستمائة وهو متوجه إلى خراسان رأى صاحبها الملك مظفر الدين بن زيد الدين مولعا بعمل المولد النبوي عظيم الاحتفال به، فألف له كتاب”التنوير في مولد السراج المنير”وقرأه عليه بنفسه على أن أول من دعا إلى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في المغرب وتخليده هم العزفيين خلال القرن السادس الهجري، كما اعتبروا هذا الاحتفال بدعة مستحسنة ولاسيما وأن النصارى يحتفلون بمولد المسيح، ودليلنا القاطع في هذا الشأن هو وجود كتاب”الدر المنظم في مولد النبي المعظم” قام بتأليفه أبو العباس العزفي السبتي المتوفى سنة633هجرية، ثم أكمله ابنه أبوالقاسم.

وبالإضافة إلى ذلك نجد ابن عذارى هو الآخر يشيد بحكايته حول الخلفاء الموحدين بحيث إن المرتضي وهو الخليفة ما قبل الأخير في شجرة الموحدين “كان يقوم بليلة المولد خير قيام ويفيض فيه الخيروالانعام، وكان أشار له بذلك الفقيه أبو القاسم العزفي لأنه لما ألف كتابه “الدر المنظم في مولد النبي المعظم” بعث به إليه وأشار بذلك الرأي عليه.

وفي مصادر التاريخ أن المرينيين كانت لهم عناية فائقة بالمولد النبوي الشريف، بل إننا نجد الحسن الوزان المعروف بليون الافريقي يذهب في كتابه”وصف إفريقيا” إلى أن الشعراء الشعبيين في العهد المريني كانوا يتبارون لإظهار براعتهم الشعرية في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف حيث يتجمعون صباح يوم العيد في الميدان الرئيسي ويعتلون المنضد واحدا  تلو الآخر لإلقاء أشعارهم وقد تجمهرعليهم الناس، ثم ينصب أمير الشعراء من أحرز منهم قصب السبق، ويذكر أن السلطان المريني كان يقيم حفلا بهذه المناسبة يستدعي له رجال العلم والأدب، وأن الشعراء كانوا يلقون القصائد أمامه فينعم على الفائز الأول بمائة دينار وفرس ووصيف، وحلته التي يكون لابسا في هذا اليوم ويمنح سائر الشعراء خمسين دينارا لكل واحد”.

ولم يلبث أن أصبحت لهذا الاحتفال تقاليد عند السعديين ولاسيما في عهد المنصورالذهبي، تحدث عنها الشاعر الفشتالي بإسهاب في كتابه”مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا”الجزء2 ص235، حيث يقول:-“…ولكن كان الخلفاء رضوان الله عليهم لم يجدوا أيامهم ومددهم من إحياء سنته التي ثابروا عليها خلفا عن سلف، والاحتفال لوليمته العظمى التي تحضرها ملائكة الرحمن، ويهتز لعظيم شأنها الملوان، فقد أربى عليهم مولانا الإمام أمير المؤمنين أيده الله تعالى في منيعها الجسيم والاحتفال لليلها العظيم ويومها الكريم بمقدار ازدياد بحره الطليق على نهرهم، وامتداد باعه الرحيب على قدرهم حياها الله من همم هاشمية…” وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على اهتمام الخلفاء والسلاطين المغاربة وشدة حبهم لسنة رسول الله والاحتفال بها خلفا عن سلف عن طريق إقامة أعراس وولائم دينية تتردد فيها الأشعار التي تشخصن شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) ممجدة لبطولاته ومعجزاته وإسرائه ومعراجه وآله وصحبه.

وقد ظهر في العهد السعدي من تاريخ المغرب كتاب مؤرخون أبانوا عن شدة حبهم لخير البرية، وتبلور ذلك في ظهور مجموعة من الشروح من بينها شرح عبد العزيز الفشتالي وعبد الواحد الفلالي من العصرالسعدي لمقصورة عبد الرحمن المكودي النحوي المشهور والمتوفى سنة807 هجرية، وبالإضافة إلى مدح النبي (صلى الله عليه وسلم) ومدح آله أصبحنا نصادف في هذا العصر قصائد تجمع بين المدح وفكرة الجهاد”…وقد كانت هذه المدائح في أغلب الأحيان تجمع بين مدح النبي ومدح آل بيته، كما كانت تعالج عناصر أخرى كفكرة الجهاد مثلا، على نحو ما نجد عند شعراء المنصور السعدي، وتعتبر فترة حكم هذا السلطان- 986/1012هجرية من أخصب الفترات في تاريخ فن المديح النبوي، ولقد صورت لنا كتب التاريخ والأدب عناية المنصور السعدي الشديدة بإحياء ذكرى المولد النبوي، وكيف انعكست هذه العناية على شعر شعراء بلاطه من أمثال:”الشاطبي والشيظمي والفشتالي، والهوزالي وغيرهم”وأشهر قصائد هذه الفترة نونية الشاعرعبد العزيز الفشتالي، وهي من بين مدائحه النبوية كما يقول أستاذنا عبد الله كنون، “أعظمها سراوة وأكثرها سيرورة” وهي قصيدة طويلة، تقع في أحد عشر ومائة بيت، وقد قرضها شهاب الدين المقري في”نفح الطيب”ومطلعها:-

هم سلبوني الصبر والصبر من شاني

            وهم حرموا من لذة الغمض أجفاني.    ولعل هذه القصيدة وغيرها من روائع المدائح النبوية التي أنتجها شعراء مغاربة كانت هي التي دفعت بالمقري إلى القول بأن أهل المغرب” لهم في منازل الأمداح النبوية مقيل وتعريس”.

أما في عصر الأشراف العلويين فيمكن أن نتخذ شعر الوزير الكنسوسي -211/1294هجرية- أنموذجا لشعر المدائح النبوية في هذا العصر، ومن أشهر مولديات هذا الشاعر لاميته التي يهنئ فيها السلطان مولاي عبد الرحمن بن هشام”وقد أبان فيها عن قوة عارضته، وعلو نفسه، وحسن تصرفه، يقول في أولها:-

عهدي بكم جيرة البطحاء موصول

                 يا ناسي العهد إن العهد مسؤولُ   شهرٌ تشرف بالإسلام حقَّ له

                      بين المواسم تعظيمٌ وتبجيلُ.

ولا يهمنا هنا استعراضُ الشواهد الشعرية التي تتعلق بمدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأنها قطرات من بحر وأكثرمن أن تحصى كما وكيفا، ولأنها شعر نابعٌ من صميم ثقافة دينية أصيلة وصادرة من عاطفة دينية جامحة حركت وجدان الشعراء وقرائحهم خصوصا في المناسبات والأعياد والمواسم التي تقام لهذا العرض، وتعد المدائح النبوية أهم موضوعات هذا الشعر باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الكامل الذي اصطفي من أمة العرب للناس كافة، فما من مناسبة عامة دينية إلى وقتنا هذا إلا برز فيها الشعر الديني. 

ولا يكاد ينفصل الشعر السياسي عن الشعر الديني نظرا لكون الممدوح من السلاطين ينحذر من شجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الشيء الذي يفرض على الشاعرأن يفتخر ويعتز من خلال شعره بنسب وحسب الممدوح أو السلطان كما هو الشأن بالنسبة لعبد العزيز الفشتالي حينما مدح المنصور الذهبي السعدي.

ولعل ما يعضد هذا الطرح ما ذهبت إليه *آمنة الدهري” حينما قالت في رسالة جامعية ص:  120 “إن المولديات انشعبت إلى خالصة سلطانية، وغلب عليها النزوع إلى الجمع بين المديحين النبوي والسلطاني لاعتبارين يعود أولهما إلى انتماء السلطان للسلالة النبوية الشريفة”.

وإذا كان الشعر المولدي قد ظفر بعناية شعرائنا القدامى كما وكيفا وعالجوه من عدة زوايا وبلوروا من خلاله مواقفهم السياسية حتى أصبح سيلا متدفقا بحيث استرعى انتباه الباحثين، فإن نظيره في العصر الحديث أكثر من أن يعد ويحصى، والنماذج على ذلك كثيرة جدا، نأخذ على سبيل المثال لا الحصر الشاعر محمد بن موسى – المتوفى سنة1965م، ومحمد بوخبزة الذي كان أكثر شعره في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسلم، ومنها قصيدته المشهورة “نفحات البردة” ثم الشاعر الكبير علال الفاسي الذي كانت له غيرة شديدة على الإسلام، ولعل مولدياته أوقصائده في ذكرى المولد ومدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) خيرما يمثل هذا اللون من الشعر عنده، ومن شعره في مدح الرسول قصيدته البائية التي ألقاها بين يدي السلطان محمد الخامس ليلة عيد المولد عام1378هجرية وهو يبدؤها بقوله:-

يجيش الشعر في نفسي وتأبى

                      قوافيه لدعوته جوابا     

وتكمن في صدري منه معان

                    هي التبر الذي يأبى انسكابا.

هذا ما يخص بعض مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي بالمغرب الذي انتعش فيه الشعر المولدي نظرا للمكانة السامية التي حظي بها عند السلاطين المغاربة  قديما وحديثا بإقامة مواسم ومناسبات دينية ترثل وتردد فيها أشعار متدفقة من المولديات والأمداح النبوية، وقد استمرت وازدانت مع المغفور له الحسن الثاني سليل الدولة العلوية، وما زالت مستمرة إلى يومنا هذا مع أمير المؤمنين  الملك محمد السادس نصره الله،  والتي أقامها مؤخرا  وكان  مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد، بإحياء ليلة المولد النبوي الشريف بعد صلاة المغرب ليومه الأربعاء 11 ربيع الأول 1442 هـ، الموافق 28 أكتوبر2020، والتزاما من جلالته بالتدابير الصحية الوقائية المتخذة للحد من انتشار جائحة كورونا، فقد أبى جلالته إلا أن يتم إحياء هذه الليلة المباركة في إطار خاص وبحضور جد محدود.

من هنا نرى بأنه لم يحفل الشعر العربي بشخصية من الشخصيات مثلما حفل بشخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، فلقد واكب الشعر مختلف مراحل حياته:-مولودا،رضيعا، صبيا ونبيا. ذلك أن جل المصادر العربية على اختلاف ألوانها ومشاربها، تحتفظُ لنا في هذا المضمار بقسط وافر من هذه الأشعار، وقد ظل الشعريواكبُه ويسايره منذ صباه مجسدا أخلاقه الحميدة وخصاله النبيلة، ومن خلال تصفحنا وتفحصنا لتاريخ المدائح النبوية عبر صيرورتها التاريخية وتقلباتها وقفنا عند مجموعة من الشعراء الذين تركوا بصمات واضحة في هذا المنحى الابداعي، وأيضا عند قراءتنا للنصوص الشعرية قراءة متأنية متملية أمكن القول: إن مرحلة الإمام محمد البوصيري هي المرحلة التي أثرت وأغنت رفوف المكتبة العربية بما جادت به قريحة هذا الرجل نظراً لحبه الشديد للرسول (صلى الله عليه وسلم) ، ونظرا لرغبته المستنيفة وتوقه إلى تحقيق الريادة في هذا المجال أيضا، ولكن يبدو من الضروري الانتباه والإشارة إلى أن هذا الشاعر أصله مغربي من قبيلة صنهاجة واسمه محمد بن سعيد الصنهاجي ودون أن ننسى كذلك أنه تتلمذ على أبي العباس المرسي، من هنا، ومن باب الأمانة العلمية، كان من اللازم اللازب جدا تقديم استنتاجات حبلى بالمؤاخذات التي وجب الانتباه إليها ووضعها في الحسبان مستقبلا، لإعطاء هذا الفن الإبداعي المتميز حقه من الدراسة والبحث والتقصي، وهو كما يتضح شعر يحضر بقوة من حيث الاهتمام والكثافة والامتداد، لكن عدم الاهتمام به في التقصي والتتبع والبحث والدراسة على الرغم من حضوره بقوة ولا سيما في الغرب الإسلامي – الأندلس والمغرب – يبقى علامة بارزة تستحق الوقوف، فتاريخ هذا الفن يبقى قاصرا ويشوبه نوعا من التنقيص والدراسة والبحث، ولاسيما حينما نغفل الإشارة إلى ما جادت به قريحة الشعراء المغاربة، وأيضا عندما نتجاهل الخطوط العريضة لهذا الفن في الأدبين الأندلسي والمغربي، كإبداع وابتداع وامتداد لشعر شعراء الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، ثم ما أنجزه المشارقة في هذا الفن الإبداعي المتميز، يبقى أن نشير إلى أن هذا الفن ارتبط بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم، مع شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم والذين نافحوا ودافعوا عنه (صلى الله عليه وسلم) وعلى دينه، ومنهم: حسان بن ثابت وكعب بن زهير وعبد الله بن رواحة وأبوصرمة…كما تم تطويره مع مدرسة البعث الكلاسيكي ولاسيما مع البارودي وأمير الشعراء أحمد شوقي في”نهج البردة”في مطلعها:سلوا قلبي… ومن جاء بعدهم.

وهو كما يتضح شعر يحضر بقوة من حيث الاهتمام والكثافة والامتداد، لكن عدم الاهتمام في الدراسة على الرغم من حضوره بقوة ولا سيما في الغرب الإسلامي – الأندلس والمغرب – من خلال تفحصنا وتصفحنا لتاريخ هذا الفن وللنصوص الشعرية التي تنتمي إلى هذا الغرض، يمكن القول: إن شعراء الأندلس والمغرب تركوا لنا تراثا ضخما من الأشعار وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى اهتمامهم بالرسول صلى الله عليه وسلم، وشدة حبهم وتعلقهم المتين بخير البرية، وبما أنجزه من بطولات وأمجاد، وما النماذج التي نستشهد بها سوى غيض من فيض وقطرات من بحر، نظرا لقوة هذا المنحى الابداعي سواء على المستوى الفني والمضموني من الناحيتين الكمية والكيفية.

وإذا أردنا الوقوف على مساهمة شعراء الغرب الاسلامي في هذا المجال يبدو من الضروري الاستئناس بما ورد في ” نفح الطيب لشهاب الدين المقري وأزهاره” باعتبارهما يضمان بين دفتيهما العديد من المرويات التي تتعلق بالمديح النبوي، وهو أمر دعا المقري إلى أن يقول:-“وربما يقول من يقف على سرد هذه المدائح النبوية، إلى متى وهذا الميدان تكد فيه فرسان البديهة والروية فأنشده في الجواب شعرا، فقال:-

لأديمنَّ مديح المصطفى

                 فعلى من في الله قوي طعمه

فعسى أنعمُ في الدنيا به

                   وعسى يحشر في الله معه.

وفي الكتاب نفسه نجد المقري بعد أن يروي تخميسا في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) لابن حيان يغتنمها فرصة ليستطرد على طريقة “الشيء بالشيء يذكر”إلى إيراد عدد من المدائح النبوية، وهناك مرويات أخرى في المديح النبوي، نقرأ من بينها شعرا *للسان الدين بن الخطيب وقصائد لابن زمرك، كان يلقيها بين يدي بني الأحمر في الموالد النبوية وموشحات له أيضا.

أما في الأدب المغربي كما أشرنا سلفا فالمديح النبوي ثروة غنية أكثر من أن تحصى، ويعد مالك بن المرحل-604/699هجرية- وهو شاعر مغربي ولد بمالقة وتولى القضاء في غرناطة وغيرها وعمل في ديوان يعقوب المنصور المريني وابنه، كان من أبرز الشعراء الموجودين في عصره، حظي بشهرة واسعة بفضل تميز مجموعاته الشعرية في المديح النبوي والزهد، ومنها: الوسيلة الكبرى المرجو نفعها في الدنيا والأخرى، وهومن أكثر الشعراء المغاربة عناية بالمدائح النبوية، وله أشعارسماها كما أشرنا ب”المعشرات النبوية” كما أن له قصائد تسمى”العشريات الزهدية”يقول:

يا أهل طيبة طاب العيش عندكم

                 جاورتم خير مبعوت إلى الأمم.

يبغي إليه شفيعا لا نظير له

            في الفضل والمجد والعلياء والكرم.

ذاك الحبيبُ الذي ترجى شفاعته

                            محمد خير خلق الله كلهم.

صلى عليه إله الخلق ما طلعت

                 شمس وما رفعت نار على علم.

ومن شعراء سبتة الذين عالجوا هذا الغرض ابن رشيد السبتي-657/721هجرية-.

ويرى بعض الدارسين أن ما تركه ابن المرحل يعد ويعتبر صدى لهذه البيئة وأصدق تعبير عما يتردد في نفسه من روحانية صافية، وعواطف صادقة وأحاسيس فياضة وإخلاص عميق لدينه ولكتاب الله ولسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم).

تلك هي الخطوط العامة لفن المديح النبوي، على أن هذه المدائح كان لها تطور في الشعر العربي مشرقا ومغربا، وقد لمسنا بعض التغييرات التي طرأت على قصيدة المديح النبوي إن على مستوى الشكل والمضمون الشيء الذي يجعلنا نقر بالتطور الواضح الذي عرفه هذا الفن منذ ظهوره على الساحة الأدبية، كما أن هذه المدائح النبوية كان لها تطور بعيد المدى في ظل التصوف الاسلامي، فإن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مُدح بعد وفاته كما مدح في حياته، وكانت المدائح تتضمن في كل عصر آراء قائليها في رسول الله، ومن هنا اتخذت المدائح النبوية أشكال مختلفة على مر العصور، غير أن ما يمكن الانتباه إليه من خلال هذا الجرد التاريخي للأمداح النبوية هو أنه كانت لها غاية وهدف واحد، كما كان لها دافع واحد أيضا:- إنه مدح الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وذكر مناقبه وبطولاته ومعجزاته والتغني بمآتيه العظام وفضائله، عدله وعفته، بالإضافة إلى ذلك نجد محطة بارزة في تاريخ هذا الشعر تلك التي تتمثل في المذهبية كمنحى سلكه بعض الشعراء مما جعل هذا الشعر يعرف منعطفا جديدا فضلا عن ذلك ظهور التقليد الحرفي أو النسخ وهو ما اصطلح على تسميته في النقد بالمعارضات. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *