وجهة نظر

مؤتمر العدالة والتنمية يغطي على مشروع قانون المالية

وتمر السنين و يستمر واقع الحال على ما هو عليه. مؤتمرات حزبية ينسقها بعض منظمي الحفلات و يسهر على أمنها حراس أمن خاص. و هكذا تولت شركات خاصة مهام المناضلين خلال الإجتماعات و الندوات و المؤتمرات . و أستمر التدحرج إلى الأسفل حتى أصبحت عمليات مواجهة الخصوم السياسيين تدار من طرف حراس أمن خواص تربح شركاتهم الكثير من أجل تقدييم خدمات للسياسيين. و لكن مؤتمر حزب العدالة والتنمية يشكل نوعا من التميز في هذا المجال. مؤتمراته السابقة تفوقت على نظيراتها لدى الأحزاب الأخرى من حيث التنظيم و الانضباط و حتى طريقة إختيار المندوبين. و هذا يذكرنا، مع شيء من الإختلاف، بمؤتمرات الأحزاب الوطنية ذات الإتجاه اليساري الإشتراكي.

لم تكن أزمة 8 شتنبر سهلة على الحزب الذي طبع العشرية الأخيرة. و بالرغم من التراجع الكمي التاريخي الذي سجلته صناديق الإقتراع، ظل هذا الحزب حاضرا في الساحة السياسية. و قلما شهدنا حالة مثل هذه في مغرب ما بعد الإستقلال. استقالت القيادة و نظمت مؤتمرا في زمن وجيز و انتخبت أجهزة جديدة و رجع بن كيران إلى الأخذ بزمام الأمور و ربما لإرجاع الحزب إلى لعب دور في ما يستقبل من السنوات. شكل هذا المؤتمر حدثا تابعته وساءل الإعلام الداخلية و الخارجية و تنبأ البعض بانفجار الوضع التنظيمي و ربما انشطار الحزب. لكن المؤتمر تجاوز التنبؤات و أعلن عن الاستمرارية في ظل انتكاسة انتخابية يتطلب تجاوزها الكثير من العمل و خصوصا في مجال إسترجاع ثقة ركاءزة التنظيمية و الأيديولوجية و التي لا زالت حاضرة في المجتمع . المتابعة الصحافية و حتى السياسية للمؤتمر غطت على الكثير من الأنشطة السياسية و منها مناقشة قانون المالية و حتى على مظاهرات الاحتجاج على جواز التلقيح.

لم نر قبل هذا الزمن الكوفيدي زعيم حزب يفرض شروط حضوره للمؤتمر و يستجيب المؤتمرون لهذه الشروط و ينتخبونه بأغلبية كبيره و هو في بيته. أكبر هدية قدمت لحزب العدالة والتنمية هي الهجوم عليه بكافة الوسائل و إخراجه من الكثير من المؤسسات. الوضع الراهن صعب على من تم اختيارهم لتدبير الشأن العام في الحكومة و الجهات و المجالس المحلية. حجم الوعود الإنتخابية لا و لن يتناسب مع الإمكانيات التمويلية في ظرف تعرف فيه الأسواق عالميا ارتفاعا لأسعار المواد الغذائية و الطاقية و تنتظر فيه الطبقات الوسطى و الفقيرة الكثير من الخدمات. لن يحتاج بن كيران إلى البرلمان لكي يصل صوته و انتقاداته للحكومة كما لن يحتاج إلى وساءل الإعلام الرسمية و لا إلى الجرائد و الإذاعات الخاصة المحتاجة إلى التمويل عبر الإشهار. يكفيه اليوتوب و الفايسبوك للتأثير على الساحة. سيأخذ الأمر بعض الوقت و لكن الإستفادة من هشاشة العرض السياسي قد تسعفه إذا لم تتحرك الأغلبية و تغير أسلوب الحكامة في تعاملها مع حاجيات المواطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *