وجهة نظر

عذرا سيدتي!

عذرا سيدتي! نحن قوم لا نبيع خبزنا ولا عرضنا. ولانتاجر بقناعاتنا. ولانقايض أخلاقنا بحفنة من دنانير. هكذا الأصل فينا أما المشاهد الدخيلة في مجتمعنا فهي تمظهر من تمظهرات خروج قطارنا المحافظ عن سكته. والارتماء المجاني في أحضان التعفن المادي والتغول الفقاعي.

عذرا سيدتي ! نحن قوم لا نبيع الخبز ،ونتقاسم في المناسبات أطباق الأرز. هذا هو الإرث النفيس الذي صنعه أسلافنا بتمريغ الأنا في التراب والانتصار للمشترك و الجمعي.قبل الخبز تقاسمنا المحراث والتراب والماء. وأدرنا رحانا في الاتجاه الصحيح. وسُقْنا إلى أفواه اليتامى والمحتاجين نصيبهم مما جنينا.

عذرا سيدتي ! نحن قوم لا نبيع الخبز. عذرا إنْ ظهر فينا متسللون وشاردون عن المشهد الأصيل. قد جَمَّلتهم ووسَّمتهم النعمة المستعارة

وبوأهم النفاق الإجتماعي مكانا عليا.فمساحيقهم لا تعنينا وعطورهم تتحول بين أنوفنا إلى نتانة مقرفة. وابتساماتهم الصفر الباهتة لا نبادلها إلا تعبيسا وتقطيبا.

عذرا سيدتي ! نحن أمة لا تبيع الخبز. وإن كنا في الأماكن القاصية. إنا نحمل زادا وارفا من كرامة وشرف يغنينا عن هذا التهافت المصلحي. إنا فهمنا معنى الحياة وحللنا بمناهجنا البسيطة الناموس الكوني واستندنا إلى حكمة أجدادنا وتبصرهم ووجدنا ضالتنا في نصائحهم وأمثالهم وعبرهم. فاختصرنا المسار ولم ندخل في متاهات تؤدي إلى غياهب يعود المرء منها محملا بالعقد النفسية والأسقام العضوية.

عذرا سيدتي! نحن قوم لا نبيع الخبز:

Non ! Non ! Non! madame ! Non madame

قد تدثرنا الأسمال البالية، وقد نفترش الحصير الرخيص، وقد ترتسم على جباهنا نتوءات وتجاعيد عوامل التعرية ،لكننا لسنا موطنا للفراغ الروحي ولا مَحَجًّا للتفكك والانحلال بل موئلا للسعادة

ومصدرا لطاقة إيجابية بدون دورات تكوينية . فلا مجال للسوداوية والعدمية والتدمر بيننا.والاكتئاب لن ينل من شخصيتنا، لأننا نملك مناعة ومضادات حيوية  مصنوعة في مختبر البساطة والإيمان الراسخ بقوة القضاء والقدر في تحديد مصائر المخلوقات.

عذرا سيدتي! نحن لا نبيع الخبز.

لقد قالها من قبل طاهر بن جلون بلغتكم :

Dans mon pays

On ne prête pas

On partage

Un plat rendu

N’est jamais vide

Du pain

Quelques fèves

Ou une pincée de sel

نحن لا نقرض الطعام فكيف نبيعه يا ترى! ؟ نحن نتقاسم كل شيئ ولو تعلق الأمر بقليل من فول أوملح.هكذا تشكلت هويتنا عبر الزمن وانا لها لحافظون رغم تقلبات العصر ورغم كيد الكائدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *