مجتمع

“الطريق اللغز”.. تعثر أشغال طريق بين مراكش والسراغنة منذ 2009 ومطالب بتدخل لفتيت

خلفت الأشغال المتقطعة التي تعرفها الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين مراكش وقلعة السراغنة استياء لدى مستعمليها ومتتبعي الشأن العام، جراء انقطاع الأشغال وعودتها منذ سنوات، دون توضيحات أو إعلانات مسبقة تنبه مستعمليها، علاوة على جوانب الطريق التي بقيت في حالة سيئة مما يشكل خطورة على مستعمليها.

ورصد متابعون، إضافة إلى حالة الطريق المذكورة، “غياب” لوحات تبين طبيعة الأشغال والمقاولات نائلة المشروع، والغلاف المالي المرصود لها، ومدة انتهاء الأشغال، طبقا للقوانين الجاري بها العمل في الصفقات العمومية.

في هذا الإطار، جدّد الفرع الجهوي لجهة مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام، مطلبه لوزير الداخلية فتح تحقيق بخصوص ملابسات وظروف عملية توسيع وتقوية الطريق الوطنية رقم 8 الجزء الرابطة بين مدينتي مراكش وقلعة السراغنة، ومآل الأموال التي تم صرفها في العملية.

وكان الفرع المذكور لـ”حماة المال العام” قد تقدم في الموضوع إلى المجلس الأعلى للحسابات بتاريخ 29 يوليوز 2016، من أجل فتح تحقيق بخصوص إنجاز جزء من الطريق الوطنية رقم 8 أي الجزء الرابط بين قلعة السراغنة و مراك، “دون حصولهم على أي رد”، وفق تعبير المصدر.

ويندرج مشروع توسيع وتقوية الطريق الوطنية رقم 8 التي تعبر إقليمي قلعة السراغنة والرحامنة، من النقطة الكيلومترية 273 إلى النقطة الكيلومترية 330، وفق مصدر رسمي، (يندرج) في إطار اتفاقية شراكة مبرمة بين وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، ومجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز، والمديرية العامة للجماعات المحلية، وكذا المجالس الإقليمية بالجهة من أجل تهيئة المحاور الطرقية المهيكلة بالجهة.

انطلاقة الأشغال

وأعطى وزير النقل والتجهيز، عزيز الرباح، حينها، في 6 مارس 2015، بإقليم قلعة السراغنة، انطلاقة توسيع وتقوية الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين مدينتي قلعة السراغنة ومراكش. وقد حددت الوزارة حينها، طبيعة الأشغال المقرر إنجازها، كونها أشغال “توسعة وتثنية”.

وحضر إعطاء الانطلاقة، التي أشرف عليها الرباح، كل من محمد صبري، عامل إقليم قلعة السراغنة، وعبد الرحيم واعمر، رئيس المجلس الاقليمي لقلعة السراغنة، ونور الدين ايت الحاج، ورئيس بلدية قلعة السراغنة، رفقة برلمانيي الإقليم.

تفاصيل الأشغال

وذكرت الوزارة حينها، أنه سيتم إنجاز هذا المشروع على ثلاثة أشطر، إذ سيكون الشطر الأول بطول 25.60 كيلومتر وعرضه 7 أمتار وستصل مدة إنجازه 12 الاشهر، فيما طول الشطر الثاني 30 كيلومتر وعرضه 7 أمتار بتكلفة 60 مليون ومدة انجازه 14 شهرا، ووصلت الأشغال به إلى نسبة تقدم بلغت 25 في المئة. بينما الشطر الثالث طوله كيلومتر واحد وعرضه 18.2 وبلغت تكلفته 40 مليون درهم.

كما أعطى الوزير حينها، انطلاقة أشغال منشأة فنية “قنطرة” رابطة بين قلعة السراغنة ومراكش، على طول 45 مترا وعرضها 10 أمتار، بصبيب 1.28 متر مربع في الثانية، بشراكة مع المديرية العامة للجماعات المحلية، والمجلس الجهوي، والمجالس الاقليمية بالجهة.

اختلالات وأعطاب

الجمعية المغربية لحماية المال العام، قالت إن الأشغال التي استغرقت أربعة سنوات “لا تمت إلى أشغال طريق ثنائية بصلة”، وأن التوقفات المتكررة للأشغال تدعو إلى الاستغراب خاصة في غياب لوحات تبين طبيعة الأشغال والمقاولة نائلة الصفقة والغلاف المالي ومدة الإنجاز طبقا للقوانين المعمول بها.

وأضاف في رسالة وجهتها لوزير الداخلية، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن هذا الوضع جعل هذه الطريق تعرف بـ”الطريق اللغز وتطرح أكثر من تساؤل”، مضيفة أنه “يتبين للعيان بأن الأشغال بما لها وما عليها لا تعني طريقا ثنائية، وفق ما تم التصريح به لحظة إعطاء انطلاقة الأشغال”.

ورصدت الجمعية المذكورة، “تقطع في الأشغال وتوقفها المتكرر دون الإعلان عن ذلك، إضافة إلى طبيعة هذه الأشغال التي خلفت جوانب الطريق تشكل خطرا على المستعملين لها، ومخارج المياه الشتوية ما تزال على حالها، إذ تغرق الطريق في موسم الأمطار”.

كما سجلت، “بقاء أجزاء من الطريق دون ترميم، ما يشكل خطورة على مستعملي الطريق في الليل والنهار”.

مطالب بالتحقيق

في هذا الصدد، طالب رفاق الغلوسي، بإجراء عملية افتحاص للميزانيات التي تم رصدها لهذه الطريق على الأقل منذ سنة 2009. والتي رصد لها غلاف مالي 64 مليون درهما حسب ما هو مصرح به، لأن كل الوثائق المرتبطة بهذه الطريق لا تزال حكرا على بعض المسئولين بالمجلس الإقليمي والعمالة والجهة، الشيء الذي يتنافى وقانون الصفقات العمومية.

ودعا ذات التنظيم إلى الوقوف على طبيعة أشغال التوسعة ومدى احترامها لدفاتر التحملات، ومدى قانونية الأمر بالتوقف عن الأشغال واستئنافه، لأن عملية الإنجاز تجاوزت المدة القانونية”.

كما التمس “حماة المال العام”، البحث في علاقة قرار وزير التجهيز الذي اعتبر بأن الأشغال المرتبطة بهذه الطريق تتعلق بطريق ثنائية، في حين أن حقيقة الإنجاز والغلاف المالي المرصود لهذه العملية غير ذلك”.

ونبهوا أيضا، إلى الكشف عن “شبهة استغلال النفوذ” في الصفقة، كون نالها صاحب مقاولة يشغل مستشار ورئيس جماعة بالمنطقة.

توضيحات الوزارة

نفت الوزارة سنة 2018، خلال عهد عبد القادر اعمارة، أن تكون الصفقة قد تمت في ظروف “غير قانونية”، موضحة أنها اطلعت على ملفات طلب العروض التي وصلت إلى 51 شركة، بالنسبة للمقطع الطرقي بين النقطة الكيلومترية 273 (الحدود مع عمالة مراكـــــــش)، إلى النقطة الكيلومترية 303 (مركز تملالت). وتم فتح الأظرفة بتاريخ 4 شتنبر 2013، وتم إسناد الصفقة للمتنافس الذي يتوفر على المؤهلات الإدارية والتقنية والذي قدم أحسن عرض مالي.

وأوضحت الوزارة المعنية، أن المقطع الطرقي الثاني من النقطة الكيلومترية 303 إلى النقطة الكيلومترية 328، تم الإعلان عن طلب العروض الخاص به، بتاريخ 18 ماي 2012، حيث اطلعت على ملف طلب العروض 48 شركة، وبتاريخ 13 يونيو 2012 تم فتح الأظرفة، حيث شارك في المنافسة ثلاثة عشر (13) شركة، واقترحت لجنة طلب العروض إسناد الصفقة للمتنافس الذي يتوفر على المؤهلات الإدارية والتقنية والذي قدم أحسن عرض مالي.

تثنية أم تقوية أم توسعة؟

وبخصوص تثنية الطريق الوطنية رقم رقم 8 الرابطة بين مراكش وقلعة السراغنة، أوضحت الوزارة أنه التثنية تهم مقطع طرقي وحيد حسب المشروع، وهي الطريق بين النقطة الكيلومترية 200+257 والنقطة الكيلومترية 300+265، على طول 8 كلم (مقطع متواجد بتراب عمالة مراكش).

فيما تم العمل على تقوية الطريق الوطنية رقم 8 من النقطة الكيلومترية 265 إلى النقطة الكيلومترية 273 على طول 7 كلم (مقطع متواجد بتراب عمالة مراكش). كما تم وفق اتفاقية الشراكة بين الوزارة والمجالس المنتخبة المذكورة أعلاه، توسيع و تقوية الطريق الوطنية رقم 8 من النقطة الكيلومترية 273 إلى النقطة الكيلومترية 328 (مقطع متواجد بتراب إقليم الرحامنة إقليم قلعة السراغنة).

أما بخصوص مدة الإنجاز، فقد أوضحت الوزارة حينها، أن الأشغال بالمقطع الطرقي الوطني رقم 8 من النقطة الكيلومترية 303 إلى النقطة الكيلومترية 328 قد انتهت بتاريخ 03 أكتوبر 2013 في الآجال المحددة للصفقة.

أما بالنسبة للمقطع الطرقي الوطني رقم 8 بين ن. ك. 273 و ن. ك. 303 فقد سجل تأخيرا في إنهاء الأشغال نظرا لأسباب راجعة للشركة التي عجزت عن مواصلة الأشغال لتقوم الوزارة بفسخ الصفقة بتاريخ 03 ماي 2016.

وتبعا لذلك، أعلنت الوزارة بتاريخ 16 يوليوز 2016، عن طلب عروض جديد من أجل إنهاء الأشغال. وبتاريخ 26 أكتوبر 2016 تم فتح الأظرفة، حيث شارك في المنافسة 13 شركة. وقد اقترحت لجنة طلب العروض إسناد الصفقة للمتنافس الذي يتوفر على المؤهلات الإدارية والتقنية والذي قدم أحسن عرض مالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *